IMLebanon

“بطاقة صفراء” أميركية تباغت حكومة ميقاتي

أكدت «الإجراءاتُ المنسَّقةُ»، التي اتخذتْها الولايات المتحدة وحكومة قطر ضد شبكة مالية لـ «حزب الله» مقرّها في الخليج العربي «المؤكدَ» لجهة أن «الأسلاك الشائكة» التي تزنّر مهمة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تبدأ من الداخل، الذي لا يُعرف متى سيخلع أطرافه «القفازات» التي وضعها غالبيتهم في خوضهم «الحروب الصغيرة» المتعدّدة الجبهة، ولا تنتهي بالخارج الذي لا «فرصة نجاةٍ» للبنان من دون دعمه المالي والذي تتباين سقوف «مرونته» حيال المسببات السياسية للأزمة الشاملة في «بلاد الأرز» ولكنها تتقاطع عند التلازُم بين مساريْ الإنقاذ الفعلي وتصويب البوصلة في ما خص التموْضع الإقليمي، الذي فك ارتباط بيروت بنظام المصلحة العربية واقتادها إلى المحور الإيراني عبر «حزب الله».

واكتسبت العقوبات التي أعلنت الخزانة الأميركية فرْضها على أفراد من جنسيات خليجية وفلسطينيّ قدّموا دعماً مالياً ومادياً لـ«حزب الله» أهمية خاصة هذه المرة لـ 3 اعتبارات:

– الأول أنها أتت على وقع «غض نظر» الولايات المتحدة الذي أتاح استيلاد الحكومة بـ «تفاهُم ناقص» كان طرفاه إيران وفرنسا، كما لم يرفع «البطاقة الحمراء» بوجه السلطات اللبنانية التي قاربت مسألة دخول الوقود الإيراني عبر سورية على طريقة «لا حول ولا قوة»، وسط اعتبار أوساط سياسية أن تفعيل العقوبات الأميركية يشكّل ما يشبه «النقطة على سطر» تقديراتٍ بالغت في قراءة معاني «عدم ممانعة» واشنطن تأليف حكومة لـ «حزب الله» وحلفاؤه اليد الطولى فيها واستجرار الحزب المحروقات من طهران تحت عنوان «كسر الحصار».

– والثاني البُعد الذي أعطاه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس للعقوبات وذلك في بيان وزّعته السفارة الأميركية في بيروت، بتأكيده «أن هذا الإجراء يمثل إحدى أهم الخطوات المشتركة التي اتخذناها مع أحد شركائنا في مجلس التعاون الخليجي حتى الآن، ويؤكّد تعاوننا الثنائي المكّثف في مكافحة تمويل الإرهاب»، مع التشديد على «أن حزب الله يسيء استخدام النظام المالي الدولي من خلال الاستفادة من الشبكات العالمية للمموّلين والشركات الوهمية لدعم نشاطاته الخبيثة»، ولافتاً إلى أن بلاده «ستواصل التعاون مع الشركاء، مثل حكومة قطر، لحماية الولايات المتحدة والأنظمة المالية الدولية من الانتهاكات الإرهابية»، وكاشفاً أنه «بالتزامن مع هذا الإجراء، جمّدت حكومة البحرين الحسابات المصرفية لثلاثة أفراد وأحالتهم على مكتب المدعي العام».

ويعكس هذا البُعد وفق الأوساط السياسية حجمَ «الرياحِ المُعاكِسة» الخارجية، التي تواجهها حكومة «الاتجاهات المتعاكسة» بين مكوّناتها، وتحديداً في ما خص «استعادة ثقة» دول الخليج التي كلما جرتْ محاولاتٌ، وآخِرها يتحضّر لها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لمعاودة وصْل ما انقطع بين لبنان الرسمي وبينها كونها «القاطرة» الرئيسية لأي دعم مالي يُعتدّ به، باغتتْها ملفات تتصل بما تعتبره غالبية بلدان الخليج اختراقاً لها، أمنياً ومالياً، كما بالمخدرات على ما تؤكده الرياض.

– أما الثالث فهو أن هذه العقوبات ترافقتْ مع رفْع واشنطن ما يشبه «الضوء البرتقالي» بوجه أي اندفاعة نحو تطبيع مبكّر سياسي مع نظام الرئيس بشار الأسد من «نافذة» تجارية أو بفعل «استثناءاتٍ» كانت وعدت مثلاً بمنحها للبنان لجهة تعليق قانون «قيصر» موْضعياً للسماح باستجرار الغازي المصري والكهرباء الأردنية عبر الأردن ثم سورية إلى «بلاد الأرز» للحدّ من أزمة الطاقة.

ولم تأتِ «البطاقةُ الصفراء» أمام أي استعجالٍ لإحياء العلاقات الكاملة مع نظام الأسد مباشرةً برسْم لبنان، بل جاءت «موصولة» بما أعلنته الخارجية الأميركية، رداً على ما إذا كانت واشنطن تشجّع أو تؤيّد التقارب بين الأردن وسورية بعدما أعاد الأول فتْح معبره الحدودي الرئيسي مع سورية بشكلٍ كامل، لجهة أن الولايات المتحدة ليست لديها أي خطط «للتطبيع أو تطوير» العلاقات الديبلوماسية مع هذا النظام «كما أنها لا تشجع الآخرين على ذلك».

وفي حين يؤشر هذا الموقف إلى أن ملف عودة سورية إلى الحضن العربي لم تكتمل أرضيته بعد، توقفت الأوساط السياسية نفسها عند تجنُّب رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال زيارة «التضامن» مع لبنان بعد تشكيل حكومته الجديدة ذكر سورية في أي من تصريحاته ولا رداً على عدد من أسئلة الصحافيين.

وفي حين أشار مكتب الإعلام في القصر الجمهوري اللبناني إلى أن الخصاونة، أكد للرئيس ميشال عون أن زيارته «هي للوقوف على احتياجات لبنان العاجلة خصوصاً في مجال تأمين الطاقة، وهو كشف أن بلاده تقوم بمحادثات مكثفة مع كل من مصر وسورية لإنجاز ترتيبات تأمين الغاز المصري للبنان وأن النتائج أكثر من إيجابية، والعمل جار على إصلاح شبكة الكهرباء في بعض المناطق السورية للتمكن من جر الكهرباء من الأردن»، اكتفى رئيس الوزراء الأردني بالقول بعد اللقاء: «لدينا جملة من اللقاءات الثنائية لمجموعة من أصحاب المعالي الوزراء مع نظرائهم اللبنانيين، لا سيما في مجال الطاقة والكهرباء التي نسعى ونعمل على إيجاد وسائل لتأمينها للبنان من المملكة الأردنية الهاشمية بالتعاون أيضاً مع أشقائنا في جمهورية مصر العربية».