IMLebanon

قرداحي يرغب في الانتقام!

كتب فاروق يوسف في “العرب اللندنية”:

لطالما حاول حزب الله أن يلقي بلبنان إلى تلك الهاوية بأساليب مختلفة ومشاهد لا تخلو من الرعونة غير أنه لم ينجح، فالحديث غير المسؤول عن اليمن وما يحيطه من شبهات ليس جديدا وليست علاقة حزب الله بالحوثيين حدثا لبنانيا.

كل ما قاله السيد حسن نصرالله وما يقوله وما سيقوله هو ترجمة لخطاب يُقال بالفارسية من أجل تزيين صورة التدخل الإيراني في اليمن.

نصرالله هو فم إيراني في لبنان. أما حزبه فهو عبارة عن ميليشيا إيرانية تهيمن على السلطة السياسية في لبنان وتسعى لتطبيع الاحتلال الإيراني.

نجح حزب الله في اختطاف الجزء الأكبر من الطائفة الشيعية في لبنان غير أنه فشل في إجبار دول الخليج على التعامل مع اللبنانيين العاملين فيها على أساس طائفي واستهداف شيعتهم.

صحيح أن الميليشيا الإيرانية في لبنان قد تحولت إلى قوى إرهاب إقليمية من خلال التدخل في سوريا واليمن وصحيح أيضا أن لبنان الرسمي صار منذ سنوات يقف خارج الإجماع العربي غير أن ذلك كله لم يدفع المحيط العربي إلى نبذه وإهماله والتعامل معه باعتباره جسما ضارا.

كانت التقديرات الصائبة تنأى بلبنان عن أسباب شقائه. لم يرغب العرب في أن يحملوا لبنان عبء سلوك حزب إيراني وحكومة تقع تحت هيمنة ذلك الحزب.

وبالرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت قد استعملت لغة واضحة في الإشارة إلى سلة المخدرات التي صار لبنان يمثلها فإنه لا أحد في لبنان أظهر نوعا من الإرادة في البحث عن أصحاب تلك السلة.

ليس من الصعب أن يهتدي المرء إلى البقاع. هناك ديار حزب الله والمزارع التي تنتج المخدرات. تلك كارثة إقليمية ترعاها إيران مثلما ترعى شبيهتها القادمة من أفغانستان بعد أن هُزم الأميركيون واستولت حركة طالبان على كابول. علينا أن نتذكر أن المخدرات ليست كالخمر في شريعة أحزاب الإسلام السياسي. عن طريقها يمكن الحصول على تمويل لن تتمكن جهة ما من إيقاف جريانه.

وحين كان يتم الإعلان في دول الخليج عن اكتشاف خلية لحزب الله، خلية تجمع بين التجسس والتخابر وجمع المعلومات والأموال فإن ذلك لم يكن مدعاة للقطيعة مع الدولة اللبنانية أو لتغيير النظرة إلى اللبنانيين الوافدين وطريقة التعامل معهم. دائما كانت هناك بيانات للطمأنة ولم تتم مراقبة المليارات التي كانت تحول إلى لبنان. كانت الثقة بالشعب اللبناني أكبر من أن تنالها اختراقات حزب الله.

على سطح ذلك الواقع المربك والحزين والرث والمتآكل يقع لبنان بلدا غرائبيا. الحقيقة فيه أغرب من الخيال كما يُقال شعبيا. تبخرت أموال المودعين في بنوكه غير أن بنك حزب الله لا يزال يعمل وبكفاءة وقوة يُحسد عليها عملاؤه. تلك واحدة من شطحات الخيال اللبناني. وكان ذلك واحدة من الضربات التي حطمت صورة لبنان في عيون اللبنانيين قبل أن تحطمه في عيون إخوتهم.

كان لبنان الفاسد في أشد حالاته فسادا غير أن الأمل في إصلاحه كان قائما لولا الانفجار الذي محا الجزء التاريخي من بيروت والذي تلته محاولات حزب الله لمحو آثار الجريمة واعتبارها مجرد حادث يمكن أن يُنسى. لقد تمكن الإيرانيون من خلال حزب الله من تحويل لبنان إلى مرتع للجريمة المنظمة فصار ممكنا للقتلة أن ينتصروا على القانون من خلال إقصاء القضاة المكلفين بملاحقتهم.

لا أظن أن قرداحي وقد أصبح بالصدفة وزيرا للإعلام كان على بينة من كل الظروف التي تحيط به، غير أنه وبدافع الرغبة في الانتقام الشخصي قرر أن يكون بطلا في فيلم من إخراج إيراني. ربما كان المذيع السابق راغبا في الاعتذار غير أن الظرف لم ولن يسمح له بالقيام بذلك وبالأخص أن ميليشيا إيران قررت الإبقاء عليه في منصبه باعتباره أيقونة للحوثيين الذين فوجئوا به. لم يكن يتوقع أن التخلف في لبنان قد بلغ إلى تلك الدرجة.

نصرالله الذي دافع عن قرداحي ورفض استقالته يدرك جيدا أن لبنان كان يقف على شعرة وقد انقطعت.