IMLebanon

القاضي عبود: إنه وقت إحداث التغيير

رأى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، اليوم الجمعة، “ألّا قضاء مستقلا من دون تفعيل لعمل المحاكم واستكمال التحقيق في إنفجار مرفأ بيروت”.

وقال القاضي عبود خلال احتفال قسم اليمين القانونية لـ34 قاضيًا متدرجًا: “إنه وقت إحداث التغيير المطلوب ووقت السير في الإصلاحات الذي يتطلب ثورة في الاداء”.

تفاصيل حفل افتتاح القسم:

أقسم أربعة وثلاثون قاضياً أنهوا تدرجهم في معهد الدروس القضائية، اليمين القانونية في القاعة الكبرى لمحكمة التّمييز، وذلك أمام هيئة خاصّة لمحكمة التمييز برئاسة الرئيس الأول لمحكمة التمييز رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، وعضويّة القاضيين الرّئيسين سهير الحركة وعفيف الحكيم، في حضور رئيسة معهد الدّروس القضائيّة القاضية ندى دكروب وأهالي القضاة.

ألقت القاضية ندى دكروب كلمة بالقضاة المتخرّجين متوجّهة إليهم بالقول: “تنطلقون دُفعةً من قضاة لبنان تحمل ميزان العدل الى مسيرة يفترض انها مهيأةٌ لاستقبالكم، لا الى قصور عدلٍ انهكها إهمالُ السلطة السياسية لها انتهاجُها أساليب اللامبالاة قِبَل السلطة القضائية التي لا تزال مقيدة بتواقيع تلك السلطة على اختيار مجالس قضائها والمناقلات فيها، وقوت القاضي واسرته لا زال ممسوكاً من غير أهله، … هل لإخضاعه؟ أم لإيقاعه في التجربة؟”.

واضافت: “كما تنطلقون قِبالة رأيٍ عام إصطُنع ضد القضاء، وحمَّله أوزاراً تتخطّى صلاحيته في ظل التشريعات الراهنة فطاول كرامة القضاة وهيبتهم غالباً بغير حق وبعيداً عن الموضوعية، بدل تعميم ثقافة استقلالية القضاء فعلاً لا مجرد قولٍ لتهيئة اساس سليم يساعد في بناء دولة القانون. أيها القضاة المتخرّجون أقول لكم ذلك لتعوا حجم المسؤوليات والتحديات التي تنتظركم…”.

وتابعت: “تذكروا بأن القضاء رسالة تعاقب وتثيب الضمير فيه يوصي ويوحي ويشير، وهو ذاكرة عقلكم وقلبكم وهو إن ثار لا ينجرف وإن تريث وتبصّر فهو لا يتقاعس. لا تتوهموا بأن مسيرتكم سهلة ولا تظنوا بأن مناهل القضاء يسيرة…”. “إعمَلوا جاهدين لتستحقوا ثقة الشعب الذي تحكمون بإسمه… ليظل القضاء أداة عدلٍ بين الناس لا وسيلة تسويات… وتذكّروا دائما أنكم تحملون أرفع وسام، ألا وهو الميزان، فحافظوا على ميزان العدل الذي تحملون.. او ترحلون…”.

وختمت: “ثقوا بأنفسكم وتشبثوا بإستقلاليتكم، وتنبهوا بان صنع القرار المستقل يتوجب بناؤه على العلم والمعرفة والحكمة والتعقل لا على المواقف الشخصية والإرتجال، مارسوا حرية الرأي دونما تجاوز وحاذروا السقوط في إبداء آرائكم في مواضيع قضائية أو سياسية علناً”.

بعد ذلك، جرت تِلاوة المرسوم الرّقم 10650 تاريخ 20 تشرين الأول2022 المتضمّن تعيين قضاة أصيلين في ملاك القضاء العدليّ، وهم التالية أسماؤهم: انّا كريستينا جرجي الحكيّم، ليليان وليد عويدات، نجيب جرج بيراق، نور الصباح علي مزيحم، نور علي اسعد، نور محمود القعقور، ناتالي سليم رحيّم، يارا انطون سعَيد، بيا فادي زغيب، كارمن ايلي مشلب، ماري روز الياس القزي، فاطمه حسن بزي، فرح منذر الحاج، جويل صقر صقر، كارلا نديم داغر، ميرا سيف الدين سيف الدين، انّا منصور منصور، رندلى سيمون زغيب، رشا محمد حربي، عبد الرحمن ماهر السمّان، ستيفاني الياس الفغالي، ناصيف عدنان الحكيم، يارا ميشال سمعان، ريم سليم الحجار، محمد خير زهير قرفلي، دينا حسن شحرور، رشا اسحق دلّه، اميليو بيار القزي، كريم علي إبراهيم، سابين رأفت قازان، ميريال ميلاد طنوس، محمد نسيب مشموشي، جسيكا فهد فهد، فرح غاندي مسعود.

وتوجه عبّود الى القضاة الجدد بالقول: “هنيئاً لكم يوم أصبحتمْ قضاةً عن جَدارةٍ واستحقاق، تحكمونَ باسمْ الشعبْ الذي حمّلكم هذه المسؤوليةْ، التي تتسامى عن سائرِ المسؤولياتْ، بما تفترِضُهُ من علمٍ وشجاعةٍ واستقلاليةٍ ونزاهة، وتذكروا دائماً أنَّ مَن اختارَ القضاءَ، نَبَذَ الهوى السياسي وأي تأثير آخر، وابتعدَ عن السياسيين والنافذين، وعن الاستجابةِ لطلباتِهمْ وإراداتِهم، مثبتاً هذا الواقعْ بأدائه وبضميرِه القضائي الحرّ…”.

وتابع: “إنَّ الواقعَ القضائيْ صعبٌ ودقيقٌ بامتياز، نجابِهُهُ وستُجابِهونَهُ، وقد أسهمتْ فيه عواملْ وأسبابٌ عدّة، جوهرُها عدمْ وجودْ قانونٍ يكرِّسُ استقلاليةَ القضاءْ، وإرادةُ الجميعْ في وضعِ اليدِ على القضاءْ، وأعني بالجميعْ كلَّ الفرقاءْ والأطرافْ والجِهاتْ السياسيةْ وسواها، مع ما أسفرَ عنهُ هذا الواقعْ من نتائجْ، لناحيةْ عدمْ مواكبةْ العملْ القضائي لانتظاراتِ الشعب اللبناني وتوقعاتِه… لكِننا سنَطرَحُ خريطةَ طريقٍ ترمي إلى إحداثِ التغييرِ المطلوبْ، وذلك وفقَ خِطةٍ حقيقيةْ لا وفقَ خُطواتٍ جِزئيةْ لا تأتلفُ مع الواقعِ المأزوم”.

وشدد عبود على أنّ “لبنانَنا الجديدْ، لبنانَ دولةِ القانون الذي نسعى إليه جميعاً، لا يمكنُ أن يتحققْ من دونِ قضاءٍ مستقل، ولا قضاءَ مستقلاً من دونِ إقرار قانونٍ جديد يضمنُ استقلاليةَ القضاء، وقد أثبتت التجربة، أنَّ إرادةَ التغييرْ وحريةَ القرارْ غير المسندتين إلى قانونٍ يكرّسْ الاستقلاليةْ، بقيتا عاجزتين عن إحداثِ الخرقِ المطلوب”؛ ولا قضاءَ مستقلاً من دونِ تشكيلاتٍ قضائيةٍ شاملة، وضَعها ويضعُها مجلسُ القضاءْ الأعلى دون سواه، الذي مِنَ المُفترضْ أن يكتملَ تشكيلُهُ ويُفعّلْ بأداءٍ منسجمْ، مع الإشارةْ إلى أنَّ كُلَّ هذه التشكيلاتْ ترتكزْ على معاييرْ موضوعيةْ واضحةْ، وتستندْ إلى تقييمٍ حقيقي وصحيحْ لعملِ كلِ قاضٍ وأدائِه”.

وأردف: “وقد أثبتت التجربةُ أيضاً، أنَّ السلطةَ السياسيةْ بمختلفْ مكوّناتِها، وقفت سَدّاً منيعاً أمامَ كلَّ هذه التشيكلاتْ الكاملةْ والجِزئيةْ مُجهِضةً إياها بذرائعَ عدّة، ليسَ من بينِها تأمينُ حُسنِ سَيرِ المرفقِ القضائي، إنما تأمينُ مصالحِها الخاصة ومصالِحها فقط. ولا قضاءَ مستقلاً من دونِ متابعةٍ للتنقية الذاتية، ومن دونِ تفتيشٍ قضائي فاعلٍ ومُبادِر؛ ولا قضاءَ مستقلاً من دونِ تفعيلٍ لعملِ المحاكم وللملاحقاتِ القضائية، ومن دونِ استكمالْ التحقيقْ في انفجارِ مرفأ بيروت؛ ولا قضاءَ مستقلاً بلا تأمينِ مخصصاتٍ ورواتبَ تأتلفُ مع خطورةِ المسؤولياتْ الملقاةْ على عاتقِ القاضي وأهميةْ ما يؤديه، ومن دونِ إعادةِ تجهيزِ المحاكمِ وقصورِ العدلْ وتأمينِ مستلزماتِ العملْ القضائي وموجباتِه؛ علماً أن القضاءْ لم يكُن ليَصِلْ إلى اعتكافٍ مُبَرَّرْ، لو تمَّ التجاوبُ مع مطالِبِه البديهيّةْ والمحقّةْ بهذا الصدد”.

وختم مشددا على “أنّهُ وقتُ إحداثِ التغييرِ المطلوبْ، زمنُ السيرِ بالإصلاحْ، الذي يتطلّبُ ثورةً في المقارباتْ والأفكارْ والأداءْ، ووحدةً قضائيةْ، ومواكبةً من سائرِ السلطاتْ ومن الإعلامِ وهيئاتِ المجتمعِ المدني. وها نحنُ نمدُّ يدَ التعاونِ إلى السلطتين التشريعيةْ والتنفيذيةْ لتحقيقِ ما يتعلّقُ بِهِما ضُمنَ فترةٍ معقولةْ ومقبولةْ، لأنَّ ترفَ الانتظارْ لم يعد متوافرا”.