IMLebanon

رئاسة على رصيف الإنتظار ورهانات متعاكسة

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

لبنان ومعه رئاسة الجمهورية على رصيف الانتظار، وليس متوقعاً حصول خرق سياسي استثنائي ينهي الفراغ رغم كل الضجيج والحراك الذي نسمعه ونشهده في المعسكرين المتصارعين حول هوية الرئيس الجديد.

أما الضغط الخارجي المُصر والملح، على وجوب تسريع إنهاء الفراغ الرئاسي فإنّ حدود تأثيره تقف عند تمترس سائر الفرقاء خلف خياراتهم ولاءاتهم أكثر مما هي على الأجوبة الإيجابية.

وعلى جري العادة، ومثلما سبق لبعض الوسط السياسي اللبناني أن ربط في الأشهر الماضية الحلحلة في الاستحقاق الرئاسي بمحطات معينة على الصعيد الإقليمي، وثبت فشلها، مثل المفاوضات على النووي الإيراني في فيينا، ثم الانتخابات الرئاسية في إيران، ثم الحوار السعودي- الإيراني في بغداد، والهدنة في حرب اليمن، بات بعض الأوساط الآن يهمل ما يجري في الداخل ويرهن أي تطور جديد في الشأن اللبناني بما يشهده الإقليم من أحداث.

في رهانات الأشهر العشرة الماضية كان بعض خصوم «حزب الله» يتطلع إلى المحطات الإقليمية المذكورة لعلها تعدل في تمسك «حزب الله» بالإبقاء على نفوذه في السلطة، لكن هذه الرهانات أصيبت بخيبة شديدة، وانتهى عهد الرئيس ميشال عون من دون أن ينتخب رئيس. وتخلل تلك المرحلة نصائح من الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله بعدم انتظار المحطات الخارجية، إلى درجة أنه سفّه من ينتظر تلك المحطات مؤكداً بالمعلومات أن الوضع اللبناني لم يُبحث ولن يُبحث في المنتديات الخارجية. كما أنّ قادة «الحزب» صرّحوا تعليقاً على سعي المبادرة الفرنسية إلى غربلة أسماء المرشحين للرئاسة بأنّه ما من قوة على وجه الأرض قادرة على فرض رئيس علينا.

في رهانات اليوم، انقلبت الآية وباتت أوساط في الممانعين بدلاً من إعلام وتصريحات بعض السياديين، تربط إخراج الرئاسة من عنق الزجاجة بالتطورين البارزين: الاتفاق السعودي- الإيراني، والتطبيع الخليجي والعربي مع سوريا وقرار الجامعة العربية بعودتها إلى فعالياتها وصولاً إلى القمة العربية في جدة بعد غد، فضلاً عن المعطيات عن قنوات التواصل الخلفية بين دول غربية بما فيها أميركا وبعض دول أوروبا مع دمشق…فبعض أوساط الممانعة يرى في هذه التطورات مناسبة لرجحان كفتها في موازين القوى وتعزيزاً لخيارها ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.

بل إنّ حسمها في رفض فرض أي قوة في العالم مرشحاً على لبنان، تحول إلى رهان على أن تفرض فرنسا، والسعودية، بعدما أكدت أن لا فيتو لديها حيال فرنجية، على كتل نيابية تأخذ في الاعتبار توجهات الرياض وباريس، الانضمام إلى خيارها الرئاسي. أي أن ما رفضت «فرضه» عليها حين كان هناك حديث عن فيتو سعودي على مرشح حليف لـ «الحزب» باتت تتطلع إلى فرضه على خصومها. فالممانعون لا يخفون في مواقفهم العلنية أن اتفاق بكين والتطبيع العربي مع الأسد انتصارٌ لنهجهم وسياستهم… انقلبت الآية أيضاً في المواقف الاعتراضية على رهانات من هذا النوع. بات السياديون يصرحون ويسربون بأن ما من قوة يمكنها تغيير موقفهم حيال مرشح الممانعة. أي أن التعادل السلبي الذي برز في عجز أي من الفريقين على ضمان أكثرية الـ65 صوتاً لمرشحه يصبح أكثر حدة في ردة الفعل حيال القوى الخارجية، حليفة كانت أو صديقة…

مع انعقاد القمة العربية في جدة والزيارة المرتقبة للأسد إليها، تذهب رهانات البعض إلى حد ترقب عودة الدور السوري في الشأن السياسي اللبناني… مع كل ذلك ثمة عوامل تؤشر إلى بقاء لبنان والرئاسة فيه على قارعة رصيف الانتظار:

الأول أنّ تعليق الآمال على تفاهم قيادات المعارضة من السياديين والتغييريين والمستقلين مع «التيار الوطني الحر» قد سقط، نظراً إلى أنّ الأخير ما زال يتطلع إلى اتفاق مع «حزب الله» على مرشح ثالث.

الثاني أنّ رهانات الممانعين على جذب «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط وكتلته النيابية في عملية مراكمة الأصوات لمصلحة فرنجية خابت هي بدورها، بعدما كرّس رفضه لمرشح التحدي من هذه الجهة أو تلك وفتح الباب على خيار تصويت «اللقاء الديموقراطي» بالورقة البيضاء، داعياً «الحزب» إلى تسوية على غرار ترسيم الحدود البحرية.

الثالث أنه مع استبعاد أي مبادرة عن قمة جدة حول لبنان، تأكد أن لا نية لتجديد الاجتماع الخماسي الذي يضم أميركا، فرنسا، السعودية، مصر وقطر، الذي انعقد في باريس في 6 شباط الماضي، وتبين أنّ الترويج له تمنيات لبنانية لا أساس لها لدى العواصم المعنية، وسط معلومات عن أنه قد لا يتكرر، واستعيض عنه في الأشهر الثلاثة الماضية باجتماع لضباط مخابرات من الدول الخمس. والمتفائلون يتحدثون عن إمكان عقده بعد قمة جدة، مع أن بين دوله تباينات على هوية الرئيس، رغم كل ما يقال.