اتخذت اثارة قضية تأمين التغطية القانونية لدفع الرواتب في القطاع العام بعدا يتجاوز الاطار القانوني اسوة بكل الملفات المفتوحة وسط الازمة الرئاسية المتمادية لتطاول التجاذب السياسي الذي يبدو ان انعكاساته بدأت تضغط بقوة على مختلف أوجه الازمات الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية وتحولها بمثابة مسارح متنقلة لهذا التجاذب. فبعد ملف سلسلة الرتب والرواتب العالق مهددا مصير عشرات الألوف من التلامذة والطلاب الذين اجروا الامتحانات الرسمية ولم تصحح بعد مسابقاتهم، بدأت التجاذبات تتمدد نحو ازمات الكهرباء والمياه ومن ثم في اتجاه الرواتب في القطاع العام بما يعكس الخوف من تفلت التجاذبات السياسية من قواعد الحد الادنى في تحييد شؤون المواطنين عنها .
واذا كانت الحكومة بدأت بتسيير امورها على قاعدة الموافقات الجماعية على اي ملف تنوي بته بما حتم مثلا اجراء محاصصة واسعة في موضوع تثبيت الاساتذة المتفرغين وتعيينات عمداء الجامعة اللبنانية المدرج على جدول اعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، فإن اثارة ملف رواتب الموظفين في القطاع العام ربط حكما ببعد سياسي يتصل بالجلسات التشريعية لمجلس النواب ولو نفى ذلك وزير المال علي حسن خليل امس مصرا على الحصول على قانون يغطي صرف الاعتمادات من خارج الموازنة وتاليا انعقاد جلسة نيابية لاقراره. واستند في موقفه الى اعتبار سلفات الخزينة خارج الاعتمادات المرصدة للموازنة غير المغطاة بالقوانين امرا مخالفا “ولسنا مضطرين ان نقوم بهذه المخالفة حتى لو تكررت خلال السنوات الماضية بما اعتبره البعض عرفا وآخرون قاعدة يمكن الاستناد اليها في هذه الفترة”.
لكن قوى 14 آذار وكتلها الممثلة في الحكومة لم تجار وزير المال في موقفه مما يعني سلفا ان موضوع الرواتب سيكون عرضة لاستعادة الانقسام حيال سلسلة الرتب والرواتب ما لم يتخذ قرار في مجلس الوزراء لا تعارضه كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري بالمضي بدفع الرواتب لموظفي القطاع العام بسلفات خزينة. وقد رد وزير التنمية الادارية نبيل دو فريج على موقف وزير المال بقوله لـ”النهار” مساء امس “اساسا ان موضوع الرواتب واضح في قانون المحاسبة العمومية من حيث انها عملية روتينية” مشيرا الى الفقرة التي تنص على انه في حال نفاد الاعتمادات يجوز للحكومة ان تفتح بمرسوم الاعتمادات التكميلية اللازمة من مال الاحتياط. وأضاف: “لا يجوز تاليا اذا لم يتمكن مجلس النواب من الاجتماع الا تدفع رواتب الموظفين ما دام القانون واضحا واذا احتاج الامر الى ان يتخذ مجلس الوزراء القرار فنحن جاهزون” . اما بالنسبة الى موضوع اصدار سندات خزينة باليوروبوند فقال دوفريج: “نحن ندرس الامر قانونيا وما اذا كان يحتاج الى قانون ام يمكن ايجاد حل آخر من دون العودة الى مجلس النواب ” .
وأفادت اوساط وزارية من فريقي 14 آذار والوسطيين ان التغطية القانونية لدفع الرواتب مؤمنة من خلال قرار لمجلس الوزراء عام 2006 في عهد الرئيس اميل لحود يقضي بدفع ما تقتضي المصلحة العامة صرفه بما فيها الرواتب والاجور في القطاع العام وكذلك من خلال القانون الرقم 715 الذي يجيز دفع النفقات الدائمة قبل المصادقة على الموازنة العمومية.
وقالت مصادر نيابية لـ”النهار” ان ما سيصدر اليوم عن اجتماعيّ كتلتيّ “المستقبل” و”التغيير والاصلاح” سيؤشر لطبيعة العمل المرتقب نيابيا حيث تختلط الاولويات التشريعية والرئاسية. واستغربت ظاهرة خروج الوزراء في مؤتمرات صحافية مثيرين تعقيدات في العمل الحكومي بما يغطي على الاعباء التي تستعد البلاد لتحملّها سواء في تفريغ عدد ضخم من اساتذة الجامعة اللبنانية وتطويع 10 آلاف عنصر في الجيش وقوى الامن وتثبيت مياومي شركات مقدمي الخدمات في قطاع الكهرباء مما يجعل الاقتصاد اللبناني على شفير أعباء غير محسوبة الابعاد ناهيك بالقطاعات التي لا تزال تتحرك للحصول على مطالبها من خلال سلسلة الرتب والرواتب.
مجلس الوزراء
وعلمت “النهار” ان ما أثاره الوزير علي حسن خليل من ملفات في مؤتمره الصحافي امس سيصل الى طاولة مجلس الوزراء بعد غد الخميس ليضاف الى جدول أعمال مؤلف من 13 بندا جديدا مع 67 بندا ارجئت من الجلسة السابقة في الثالث من تموز الجاري. ومن المتوقع ان يستكمل البحث في الجلسة في موضوع اللاجئين السوريين في ضوء تقرير أعدته المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين. أما في ما يتعلق بملف الجامعة اللبنانية لجهة تعيين ثمانية عمداء وتفريغ 1100 أستاذ فقد أجرى وزير التربية الياس بوصعب اتصالات منها اتصال امس مع وزير العمل سجعان قزي الذي اطلع على معطيات زميله في ملف التفرغ. وقد وُصفت هذه المعطيات بأنها واضحة من حيث اعتماد الميثاقية والكفاية. لكن موضوع تعيين العمداء لا يزال يخضع للمتابعة. وتحدثت مصادر وزارية عن عقبات تحول دون انشاء فروع جديدة للجامعة اللبنانية كما تبيّن في الجلسة السابقة فيما لا يزال موضوع اعطاء تراخيص لانشاء جامعات وكليات جديدة غير منته. الى ذلك سيطرح في الجلسة تجديد تراخيص مؤسسات في الاعلام المرئي والمسموع.
رئاسة الجمهورية
على صعيد آخر، علمت “النهار” ان الرئيس ميشال سليمان الذي عاد الى لبنان مع عائلته بعد الزيارة التي قام بها أخيرا وزوجته لفرنسا قد اطلع على موقف باريس الذي يعطي الاولوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية على أي محاولة لاعادة النظر في التركيبة اللبنانية. وهذا الموقف الفرنسي الذي تبلّغه الرئيس سليمان تبلّغه أيضا الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط و”حزب الله”. وفي المعلومات أيضا على هذا الصعيد أن المشاورات التي جرت في الخارج بين الاطراف اللبنانيين لم تؤد الى خرق في موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط مخاوف من ان يكون الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق ليس بغرض البحث عن رئيس توافقي أو قوي أو ضعيف وانما اعادة النظر في تركيبة النظام اللبناني في ضوء ما يحصل في سوريا والعراق وهذا ما حرّك الموقف الفرنسي المشار اليه .
“حزب الله“
ولفتت أوساط مطلعة الى ان ظهوراً عسكرياً لـ”حزب الله” امس في البقاع الشمالي كان الاول من نوعه بعدما كان الحزب يعتمد التحرك ليلا في هذه المنطقة. وقالت ان تحريك الحزب عددا كبيرا من الاليات والمدافع وراجمات الصواريخ في وضح النهار في مناطق اللبوة والعين وغيرهما من المناطق المتاخمة للحدود مع سوريا في السلسلة الشرقية ينطوي على دلالة اذ جاء في مواجهة تجمع مسلحي المعارضة السورية في الجانب السوري من الحدود.