دوائر الفاتيكان تعتبر الفراغ الرئاسي خطراً على مسيحيّي الشرق
المبعوث البابوي لا يحمل مبادرة ونجاح مهمته مرتبط بتجاوب عون
في إطار السعي لاستكشاف إمكانية المساعدة لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي ينتظر أن يصل إلى لبنان في الأيام القليلة المقبلة موفد فاتيكاني للقاء البطريرك بشارة الراعي والأقطاب الموارنة وعدد من المسؤولين السياسيين للبحث في ما يمكن أن يقوم به الكرسي الرسولي للمساهمة في إزالة العقبات من أمام إجراء الانتخابات الرئاسية، بالنظر إلى المحاذير السلبية لاستمرار الفراغ، على وقع تزايد المخاوف على الوضع الأمني بعد التفجيرات الانتحارية الأخيرة رغم إعلان القوى الأمنية الجهوزية العالية لمواجهة المخططات الإرهابية التي تستهدف لبنان.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ «اللواء»، فإن الموفد الفاتيكاني لا يحمل أي مبادرة حل للأزمة الرئاسية، بقدر ما سيؤكد للشخصيات التي يلتقيها أن هناك قلقاً لدى دوائر الكرسي الرسولي من مغبة استمرار الفراغ في الموقع المسيحي الأول في الدولة اللبنانية، وهذا بالتأكيد يضر بالمسيحيين وبالتوازن الميثاقي في بلد متنوع الديانات كلبنان، الأمر الذي يفرض على جميع القوى السياسية أن تعي خطورة ذلك وتعمل على تأمين انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، تفادياً للأسوأ.
وتشير المعلومات إلى أن الفاتيكان يعتبر أن انتخاب الرئيس اللبناني مسألة تتعلق باللبنانيين وحدهم الذين عليهم أن يأخذوا المبادرة بالتوافق على رئيسهم دون انتظار أي إشارة من الخارج، باعتبار أن الفرصة الآن مؤاتية أكثر من أي وقت ليكون رئيس الدولة صناعة لبنانية، لأن كل القوى الإقليمية مشغولة بالتطورات السياسية والعسكرية التي تجري في المنطقة، ولهذا فإن الوفد الفاتيكاني سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم وسيطلب من الشخصيات التي سيقابلها وعلى وجه الخصوص المسيحية منها، أن لا تعدم وسيلة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، لأن هناك مخاطر على الوجود المسيحي في لبنان والشرق إذا لم يكن هناك رئيس للبنان كونه الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة.
وفي قراءتها للنتائج المتوقعة لزيارة المبعوث الفاتيكاني، ترى أوساط مسيحية مقربة من البطريركية المارونية أن هذه الزيارة تعكس اهتمام البابا فرنسيس بلبنان وحرصه على أن تلعب المؤسسات الدستورية دورها بشكلٍ طبيعي وأن يكون هناك رئيس جمهورية للبنان، لأنه بغياب الرئيس المسيحي فإن التوازن الميثاقي الداخلي سيكون مهدداً وهذا ما لا تقبل به الدوائر الفاتيكانية التي تحرص على أن يؤدي المسيحيون في لبنان دورهم على أكمل وجه إلى جانب شركائهم المسلمين، مشددة على أن نجاح مهمة هذا الموفد تتوقع على التجاوب الذي سيلقاه من الأطراف اللبنانية، وتحديداً التي تقاطع جلسات الانتخاب، ولهذا فإن هذه الأطراف مدعوة لأن تعمل على تسهيل هذه المهمة وبما يمكن من تجاوز المأزق بأقل الخسائر الممكنة.
وفي رأي المصادر أن استمرار التصلب في المواقف من جانب بعض السياسيين والرفض المتكرر لحضور جلسات الانتخاب الرئاسي، لن يوفر أي فرصة لنجاح مساعي الفاتيكان أو غيرها، خاصة وأن مفتاح الحل بأيدي اللبنانيين دون سواهم وأنه لا يجوز انتظار التوافق الخارجي على «تعيين» رئيس للبنان، لأن ذلك مرفوض من كل اللبنانيين الذين لهم الحق وحدهم في انتخاب رئيسهم، وهذا ما تؤيده دوائر عاصمة «الكثلكة» وتشدد عليه وهذا ما سيسمعه المسؤولون اللبنانيون من الزائر الفاتيكاني الذي سيجمع ملاحظاته خلال لقاءاتهما في لبنان، بتقرير مفصّل يقدمه إلى الحبر الأعظم في ختام زيارته اللبنانية.