IMLebanon

لبنان يحصّن النأي بالنفس ويواجه إسرائيل بالديبلوماسية الفاعلة

لبنان يحصّن النأي بالنفس ويواجه إسرائيل بالديبلوماسية الفاعلة

مُقترح السفارة في القدس وتلزيم النفط إنجازان للحكومة العائدة

 

 

ما كاد لبنان يجدّد في الخامس من كانون الأوّل الجاري مبدأ النأي بالنفس عن أزمات المنطقة كمدخل لاستعادة الاستقرار السياسي، حتّى أضاف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بعد أربع وعشرين ساعة أزمة جديدة الى أزمات المنطقة بإعلانه اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل.

لم يكن لبنان يدرك، قبل هذا الإعلان، أنّ حصاره بالأزمات سيكتمل من كلّ الجهات، وهو الذي نجح في الحفاظ على استقرار الحدّ الأدنى منذ اندلاع الحرب السورية وانتقالها إليه بتداعيات سياسية وأمنية ثقيلة من باب التفجيرات التي طالت مناطق متعدّدة ومن باب المليون ونصف المليون سوري النازحين الى أرضه.

إزاء هذا الواقع، ثمّة من يرى أنّ التسوية التي صمدت بعودة رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته والتجديد على سياسة النأي بالنفس في الحكومة مُضافا إليها الحرص على العلاقات مع الدول العربية وعدم التعرّض لشؤونها الداخلية، لن تمنع الوضع الداخلي من الانتكاسة مجدّدا، مُستندين الى الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمين العام لـ«عصائب أهل الحقّ» قيس الخزعلي الى الجنوب بلباسه العسكري وإعلانه من هناك الجهوزية التامة لمواجهة اسرائيل، ليأتي الردّ سريعا من الرئيس الحريري الذي طالب بتحقيق فوري، وأكّد في خلال جلسة الحكومة أنّ لبنان لم يقم باستدراج عروض لجهات عربية أو إقليمية للدفاع عنه، واللبنانيون يعرفون كيف يدافعون عن أرضهم وسيادتهم ولا يحتاجون الى متطوّعين من الخارج تحت أيّ مسمّى من الأسماء.

وسط هذه الأجواء، يرى مراقبون أنّ ما شهدته الساحة السياسية في الأيّام الأخيرة يستدعي تسجيل الملاحظات الآتية:

أوّلا – حصلت زيارة الخزعلي قبل اجتماع الحكومة في الخامس من الجاري وإعادة تأكيدها على سياسة النأي بالنفس، وإن أوحى توقيت الإعلان عنها بأنّها رسالة عكسية.

ثانيا – أيقظ قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل الصراع العربي – الاسرائيلي من سباته، ولكنّه لم يدفع أيّاً من الأفرقاء في الداخل الى الإيحاء بأنّ لبنان سيكون مسرحا للمواجهة، والخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله كان واضحا بأنّ التعويل هو على انتفاضة الفلسطينيين التي وحدها يمكن أن تقود الى النتيجة المرجوّة.

ثالثا – نقلت آليات مقاربة رئاسة الجمهورية للقرار الأميركي، المواجهة إلى المستوى السياسي – الديبلوماسي، وهذا ما تجسّد في كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام منظّمة التعاون الإسلامي في تركيا، كما في إقتراح وزير الخارجية جبران باسيل إنشاء سفارة للبنان في القدس، عاصمة فلسطين، وتواصله لهذه الغاية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورفعه هذا الاقتراح الى مجلس الوزراء.

رابعاً – تبدو واضحة الإرادة السياسية اللبنانية بترسيخ سياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة مدماكا أساسيا للاستقرار الداخلي، وتحصينها هذا المبدأ بسياسة ديبلوماسية فاعلة تجاه الصراع مع اسرائيل تنقل مستوى المواجهة من العسكر الى الديبلوماسية.

وليس بعيدا من الإرادة اللبنانية الجامعة بتحصين أسس الاستقرار، تضع مصادر سياسية مُتابعة إنجاز الحكومة في ملفّ النفط لناحية منح رخصتين لاستكشاف وإنتاج النفط في البلوكين الرابع والتاسع. وتشير الى انّ هذا القرار جاء أوّلا ليُعوّض  ما فات لبنان من وقت ضائع، وثانيا لحماية الثروة النفطية من الاعتداء الاسرائيلي ونقله من مرحلة الى أخرى في مسيرة بناء الدولة القوية، ما يشكّل بحدّ ذاته جزءا أساسيا من المواجهة مع اسرائيل.