IMLebanon

سيّدنا البطريرك الراعي.. السّادة المطارنة.. تعبنا من التجارب

 

 

سيّدنا البطريرك الماروني، السّادة المطارنة، كما جرت العادة وحرصاً منّي على هذا الصرح الذي أعْطِيَ له مجد لبنان عن جدارة وحرصاً على سمعة صرح هو قبلة جميع اللبنانيين وتزامنًا مع الإجتماع الدوري الشهري لشهر تشرين الأول، أركِّز على مخاطبة صرحكم الكريم معتمداً لغة التضامن والتعاطف معكم ومشدِداً على ضرورة خروجكم وخروجنا من عقدة الخوف أو مفهوم الأقليّة أو السكوت عن أخطاء بعض السياسيين الموارنة؛ مُسلطاً الضوء على العديد من المشاكل التي تعترض مسيرة الموارنة السياسية تحديداً ومسيرة اللبنانيين عموماً ومن أبرز المشاكل التي نُعاني منها أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر المواضيع التالية:

1. موضوع اليوم: وهو من أبرز المواضيع الدقيقة والتي لا يجوز السكوت أو التغاضي عنه، «كاريش» من فاوض ومن أذِنَ بهذه المفاوضات؟ وما هو مضمونها؟ على ما يبدو «كاريش» بيع على طاولة «فيينا»، مقابل السماح للجمهورية الإسلامية الإيرانية السماح برفع صادراتها النفطية من 400 ألف برميل يومياً إلى مليون و800 ألف برميل، ولذلك تمّ التنازل عن الخط 29، وهنا أطرح السؤال عليكم: هل سألتم الدكتور عصام خليفة عن الموضوع علماً أنه مُلِّمْ بالتفاصيل الدقيقة بهذا الموضوع؟ طبعاً لا دائماً تُترك الأمور للقدر أو للتقديرات العشوائية لمن إلتصقوا بالصرح تحت صفة مستشارين أو رؤساء لجان… إنّ ما حصل من مفاوضات هو أمر مُذِلْ وما يُسوّق له أفلام وإخراج وضحك علينا وعليكم، وتلميع صور متبادلة وعليكم أن تسألوا أو تعودوا بالذاكرة عن الإنسحاب الأحادي في العام 2000 وما تلاه من إتفاق مُذِلْ بحق اللبنانيين دونما النسيان أو التغاضي عمّا حصل مع راعي أبرشية حيفا والأراضي المقدّسة مؤخراً… هل تعلمون أنّ المفاوضات التقنية كان راعيها القطري وتوسط بين الجمهورية الإسلامية ودولة إسرائيل والصفقة مرّت فوق رؤوسنا ورؤوسكم ورأس لبنان وبٌلِّغتْ إلى رئاسة الجمهورية التي يشغلها ماروني بالإسم وعملياً حزب الله… غبطة البطريرك السّادة المطارنة ما حصل عليه لبنان من هذه الصفقة هو أقـــل ما اعترفت له به إسرائيل في إتفاقية 17 أيّار، ما أقوله ليس بمثابة صف حكي في حال سألتم أحد مستشاريكم المطرود من هنا وهناك والمُستغٍّلْ موقع بكركي مستجدياً دوراً ما… وللمزيد من تأكيد المعلومة ومن أرض الغربة وبعد لقائي أحد الدبلوماسيين الأوروبيين أطلعني على معلومة مفصّلة مفادها أنّ شركة «كافكو» القطرية في أقرب فرصة ستُشارك في إستغلال الثروات الغازية والنفطية على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية ويضيف أنّ أحد السياسيين الذين يدّعون حرصهم على المسيحيين ويصول ويجول بإستعادة حقوقهم سيوّظف أمواله في أحد مصارف قطر… أمل أن تقرأوا بتمعّن ما أرسله من معلومات لِيُبنى على الشيء مقتضاه.

2. رئاسة الجمهورية: في كل مراسلاتنا نبّهنا إلى حالة الفراغ المستجدّة وطالبنا من خلال دراسات إعتمدناها على العديد من الخبراء في العلوم السياسية حيث أجمعوا على حالة «الفراغ»، ولكن للأسف لم تُكلّفوا عناء الإتصال بنا للإستفسار عن الموضوع بل إكتفيتُم بعظاتكم ومواقفكم بالإصرار على إجراء هذا الإستحقاق بوقته من حيث الشكل نحن معكم، ولكن من حيث المضمون فالأوضاع تؤشِّر إلى تعمُّد فاضح لعملية «الفراغ»، وهذا أمر يتأتى من طبقة سياسية مارونية مختلفة فيما بينها وهذا الأمر ليس بجديد وتظهّر يوم الدعوة إلى الإقتراع فتشتّتْ الأصوات وطارت الجلسة، والأمر المؤسف ما زلتم مُصرّين على إجراء الإنتخابات، هذا أمر جيِّدْ ولكن في حالة عدم حصوله هل فكرتكم بخطة ما؟ الحكومة لم يتّم تشكيلها لغاية تاريخه والخلافات على أوجها بين كل الأطراف بمن فيهم الموارنة… ندعوكم إلى التفكير بخطة بديلة وكفكرة أولية إطرحوا مطراناً مرشحاً لسدّة الرئاسة وقارنوا الأمر ببعض الدول التي إعتمدت هذا الخيار، ولا تقبلوا بأن يكون وزن كلمة بكركي ما دون الصفر، بادروا إلى طرح الأفكار ولا تتقاعسوا ولا تتهرّبوا… أو بادروا إلى الدعوة لإجتماع عام في الصرح البطريركي يضُّم خبراء سياسيين لدرس عملية «الفراغ»، وعلى الهامش دعوت منذ شهرين هنا في مكتبي في باريس لجنة متخصصة في الشؤون الدولية وعقدنا إجتماع موسّع مع مكتبنا في بيروت ضمّ العديد من الناشطين والخبراء السياسيين في لبنان وأثمر الإجتماع عن طرح ما يُعرف بالعلم السياسي «النظام الإنتقالي» وهو نظام إعتمدته بعض الدول التي مرّت بظروف مشابها للوضع اللبناني…

3. صلاحيات رئاسة الجمهورية وبيع الأراضي: مسألتان تندرجان في صلب حالة القلق والشكوى والتذمُّر التي تصلنا تباعاً إلى هنا أو في مكتب بيروت، التي راكمتها أسباب وعوامل كثيرة منذ إقرار وثيقة الطائف بعد حرب ضروس قادها مسؤول ماروني دونما وجه حق بغض النظر عمّن يتحمّل مسؤوليتها وللبحث صلة في هذا الإطار…

صاحب الغبطة السّادة المطارنة، على هامش لقاء الأربعاء الموافق بتاريخ 5 تشرين الأول أرجو وألتمس منكم المبادرة بطرح هذه المواضيع المقلقة والتي تتمحور بالتالي:

1. سوء تطبيق إتفاق الطائف: أدّى هذا الإنحراف في المسار التطبيقي إلى خروجه عن روحيته وأهدافه الأساسية، هذا الإتفاق صيغَ من خلفية تحقيق التوازن والعدالة والمساواة بين الطوائف والمكوّنات اللبنانية لم يحقق هذا الهدف بل أحدث إخلالاً في التوازن في غير مصلحة المسيحيين عموماً والموارنة خاصة. وسؤال نطرحه على هامش هذا البند: هل تلاحظون أنّ مكوّناً لبنانياً يسعى إمّا إلى تعديله أو إلغائه وفقاً لظروفه؟؟؟!!!!

2. إفراغ رئاسة الجمهورية من صلاحياتها ودورها: ما أدّى ويؤدي إلى أنّ الممثل الأول للمسيحيين في الحكم بموجب التوزيع الطائفي المعمول به لم يعُد قادراً على القيام بدور فاعل ومؤثِّر، وإلى أنّ المسيحيين تبعا لذلك باتوا على هامش المعادلة الوطنية السياسية ولم يعد دورهم وموقعهم فيها أساسياً ومتقدماً…

3. سوء تمثيل المسيحيين في المجالس النيابية وفي الحكومات المتعاقبة: حيث يستمِّر التمثيل المسيحي مُشوّهاً وناقصاً لا يعكُس الواقع الشعبي والسياسي الصحيح والسليم بحيث هذه الأحزاب حصرت التمثيل في المجلسين النيابي والوزاري بأنصارها وهذا ما إنعكس سلباً في المشاركة والتوازن والتوزيع العادل للسلطات. وهذا الخلل بدأ مع القوانين الإنتخابية المعمول بها… والمؤسف أنّ كل القوانين الإنتخابية أتت لِتُمعِنْ في تزوير الإرادة الشعبية وإضعاف المسيحيين وتحويل ممثليهم إلى تابعين وملحقين.

4. إختلال التوازن الديمغرافي الطائفي بشكل واضح: ولست بحاجة إلى تذكيركم بمرسوم التجنيس الشهير وما تلاه ولن أرحم كل الذين تاجروا بهذا المرسوم وادّعوا أنهم بصدد محاربته، علماً أنّ هذه المراسيم هي بمثابة جريمة حيث لم تراعِ الشروط القانونية ولا الاعتبارات الطائفية والتركيبة الخاصة والدقيقة للبنان، وتأتينا مرجعية تُطالب وبوقاحتها المعهودة بإعطاء الجنسية للأم المتزوجة من أصول غير لبنانية.

5. إختلال التوازن الجغرافي الطائفي: هذا أمر أدّى إلى تقلُّص وإنحسار الإنتشار المسيحي الجغرافي في لبنان وإلى خسارة المسيحيين بشكل ممنهج لمساحات واسعة من أراضيهم.

غبطة البطريرك السّادة المطارنة، كلي أمل وثقة أنكم ستقرأون هذه الرسالة الموّجهة إليكم والمكتوبة بحبر النضال الشريف والذي يتوّخى مضمونها معالجة كل الأمور لما فيه مصلحة لبنان، وعلى أمل أنْ أتلقّى إتصالاً من جانبكم للمتابعة واضعاً كل إمكانياتي المادية والمعنوية في لبنان وعالم الإنتشار بتصرفكم وشكراً.