IMLebanon

هزيمة المشروع وانتفاء مفاعيل 7 أيار واتفاق الدوحة… والرابح جمهورية لبنان

 

 

عندما كان يُسمِعنا بعض اللاهوتيين أخباراً عن لبنان وأرزه وما قاله الله لموسى عندما وقع نظره على جبل لبنان لينهره الرب بكلام حاسم: لا أنت ولا من جاء قبلك ومن سوف يأتي من بعدك سيدوس هذه الأرض لأنها وقف الله فابعدْ عينيك عنها…

 

 

 

لم نكن نصدّق هذه الحكايا ونعتبرها شيئاً من الأساطير لتتكشّف لنا لاحقاً الحقيقة وهي أن لبنان فعلًا مقبرة لكل طامع به، وقد مرّ على هذه الأرض غُزاة وجحافل من كل حدب وجنس وصوب لكنها كلها زالت وبقي لبنان.

 

بزمن عبد الناصر اشتعلت بين الجميزة والبسطة…

 

بزمن ياسر عرفات وجد أبو عمار حاضنة لبنانية ساهمت معه بضرب الجمهورية…

 

ومن خلال بعث حافظ الأسد سقطت الدولة رهينة بيد ضباط الاحتلال السوري بتعاون وعمالة مكشوفة من طاقم سياسي باع أرضه وعرضه ليجلس على كرسي لكن كل تلك الطفيليات تمّ اقتلاعها من تراب لبنان، هي زالت.. رحلت.. وبقينا نحن شعب لبنان المختار… والغرابة أن الأجنبي دائماً يجد لنفسه عملاء يجسّدون أحقر الناس وأكثرهم جشعاً وطمعاً بالسلطة.

 

 

 

عام 1985 أطلّ مشروع الثورة الإسلامية من إحدى حسينيات الضاحية الجنوبية مع إعلان أحد مشايخ ميليشيا “حزب الله” دستور جماعته لتكرّ سبحة الانقلابات بحثاً عن أرضية تمهيداً لطرح أخطر مشروع ديني راديكالي يتناقض مع مفهوم لبنان التنوّع والتعددية، ومذّاك التاريخ والجماعة المؤدلجة إيرانياً تتسلّق نحو بتر فكرة الوجود الحر مع الدوس على كل الأطر الدستورية والقانونية وسعي شيطاني لتحويل لبنان إلى ساحة مستباحة، وكل ذلك خدمة لمآرب إيران التي موّلت وشغّلت وأدارت ميليشيا شأنها شأن الكيانات المسلحة في عدد من العواصم العربية كـ”الحشد الشعبي” في العراق والحوثيين في اليمن مع اختراق دراماتيكي لمجتمعات سنيّة كما هي الحال مع حماس الفلسطينية…

 

 

 

وبالعودة إلى المسرح اللبناني كانت منظمة “حزب الله” المسلحة قد شارفت على الإطباق على الجمهورية بعد أن اكتملت فصول الانقلاب المنوّه عنه في كتابات قادة الميليشيا حيث لم يتوان هؤلاء عن المجاهرة علناً بسعيهم للمشروع الانقلابي معزّزين مخططهم بمجموعة تحركات ميدانية منذ ما قبل السابع من أيار وصولاً حتى لحظة ما أسموها حرب الإسناد، لكن شاءت المنعطفات الإقليمية والمتغيرات الدولية أن عصفت بالخريف الغزّاوي لينتقل بتداعياته إلى بيروت العاصمة التي أعاد رونقها رفيق الحريري وفيها كان استهدافه فاستشهاده الذي بدّل مشهد الانتصار الميليشياوي إلى مقبرة لمشروع ساقط بحكم التاريخ والمنطق والحضارة والدستور.

 

 

 

اليوم أمكننا القول إن هزيمة المشروع تحققت بوجه المتآمرين على لبنان وبعد انتفاء مفاعيل 7 أيار واتفاق الدوحة، برز الرابح الأكبر في آخر فصول المؤامرة ألا وهو جمهورية لبنان.

 

 

 

لكن يبقى التساؤل المشوب بالشكّ هل فعلاً اقتنعت هذه الجماعة أن مشروعها انتفى وانتهى وهل فعلاً تملك القدرة على التفلّت من التَبَعية العمياء للمشغّل الإيراني؟

 

 

 

لنستنتج بأن هذه الحالة الشاذة المسماة مقاومة بشعار “حزب الله” ستعمل جاهدة لاستعادة حضورها العسكريتاري ولترميم ترسانة ذخائرها، لكن نجاح هذه المحاولات مرهون بحضور الدولة وأن “تقبض حالها جدّ” وإلا فإن ما تحقق من إنجازات على مستوى عودة الدولة إلى الوطن واستعادة الوطن لجمهوريته سيذهب هباء وتعود الأمور إلى الوراء وساعتئذ سيكون البكاء وصريف الأسنان.

 

 

 

الميليشيا تلملم أشلاء بقاياها وتُعيد تنظيم صفوفها بإشراف إيراني حرسي ثوري، الأمر الذي لا يجب تمريره وعدم السماح بالعودة إلى زمن الهيمنة والسيطرة ولعلّها الفرصة الأخيرة المتاحة للدولة كي تمحو من ذاكرة اللبنانيين 25 سنة من الشواذ والاعوجاج.