IMLebanon

لهذه الأسباب اغتالوا رينه معوّض… (بقلم طوني أبي نجم)

RENE-MOAWAD

بعد 25 عاماً على اغتيال رينه معوّض لا بدّ من الإجابة على السؤال الكبير: من اغتال رينه معوّض ولماذا؟

والجواب البديهي عن القسم الأول من السؤال هو أن النظام السوري هو المسؤول الأول عن اغتيال رينه معوّض لناحية القرار بالاغتيال، وإن كانت ثمة مؤشرات توحي الى أن السوريين قد لا يكونوا هم من تولّى تنفيذ الجريمة. وقد تكون جهة حزبية لبنانية مسلحة تنفّذ منذ ذلك الوقت عمليات اغتيال لمصلحة النظام السوري.

لكن الأهم يبقى في القسم الثاني من السؤال: لماذا قرّر السوري اغتيال رئيس الجمهورية الأول بعد “الطائف”؟ وإذا كان الرئيس حافظ الأسد آنذاك لا يريد معوّض فلماذا قَبِل بانتخابه رئيساً؟

الجواب هو أن انتخاب رينه معوّض كان شرطاً مسيحياً أساسياً من البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير ومن قائد “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع. ومعوّض كان على رأس لائحة المرشحين التي ضمّت 5 أسماء تقبل بها بكركي وقدّمها البطريرك صفير الى الموفد الأميركي ريتشارد مورفي صيف العام 1988. ولذلك لم تكن بكركي ولا “القوات اللبنانية” اللتين أمّنتا الغطاء المسيحي لوثيقة الوفاق الوطني التي أُقرّت في الطائف في وارد القبول برئيس جمهورية لا يلبّي طموحات المسيحيين. ورينه معوّض كان أفضل من يتولّى رئاسة الجمهورية في تلك المرحلة، وأبرز دليل أنه رفض المساومة.

نعم رينه معوّض رفض المساومة، سواء على السيادة اللبنانية فأعلن عن انطلاق مسيرة الشرعية لبسط سلطة الدولة على كامل ترابها الوطني بقراها الذاتية وعن عزمه على جمع كل قطعة سلاح خارج الشرعية. كما رفض السعي السوري الى اجتياح المناطق المحرّرة لإقصاء العماد ميشال عون بالقوة من قصر بعبدا، مصرّاً على مدّ يد “المصالحة التي لا تستثني أحداً ولا حتى أولئك الذين يصرّون على استثناء أنفسهم منها”.

ولم يكتف الرئيس الشهيد بذلك، لا بل رفض أن يناقش مع الموفدين السوريين إليه موضوع التشكيلة الحكومية التي حاولوا أن يطرحوها عليه، فأصرّ على أن تشكيل الحكومات شأن لبناني صرف ومناقشتها تتم بين المسؤولين اللبنانيين حصراً. ولا شكّ أن معوّض دفع ثمن حرصه على الحفاظ على القرارات السيادية الوطنية.

وربما لا يعرف الكثيرون أن الرئيس معوّض تلقى تحذيرات بخصوص الاحتفال الرمزي في عيد الاستقلال من حيث ضرورة عدم المجازفة والذهاب الى موعد محدد ومعروف لكنّ جوابه كان أن اللبنانيين اشتاقوا الى صورة الشرعية والمؤسسات!

لم يصغِ رينه معوّض لا خلال ولايته التي استمرت 17 يوماً فقط ولا خلال مسيرته السياسية الحافلة نيابياً ووزارياً لأي إملاءات من أي نوع كان. ابن المدرسة الشهابية كان مؤمناً بالمؤسسات وبأن لا قيامة للبنان إلا بالمؤسسات اللبنانية الشرعية، وأن المطلوب أن تكون هذه المؤسسات وحدها القوية.

لا، لم يكن رينه معوّض رئيس كتلة نيابية مسيحية كبرى، ولم يكن زعيماً بالمعنى الشعبوي للكلمة، لكنه كان مثال الرئيس القوي بالفعل والإيمان حتى الشهادة!