IMLebanon

حماية المستهلك تؤكد ارتفاع الأسعار حتى 200% خلال الصوم.. “الاقتصاد” تردّ: الأرقام تجافي الواقع

German-Consumer

بعد نحو اسبوعين على بداية الصوم لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، سجلت بعض اسعار السلع الغذائية والخضر ارتفاعات متفاوتة بحسب المناطق، كما يحصل في كل سنة، فارتفعت في بعض الاحيان صرخة المواطنين مما دفع مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة الى التحرك عبر إرسال مراقبيها لتسطير محاضر مخالفات ومراقبة الاسعار.

سجلت الأسعار ارتفاعاً بعد أيام قليلة على بداية فترة الصوم، بحسب جميعة حماية المستهلك وخصوصاً في المحال والمتاجر التي تبيع السلع الغذائية والفواكه والخضر. ووفق رئيس الجمعية زهير برو، تفاوت هذا الارتفاع بين منطقة وأخرى. فقد زادت الاسعار داخل بيروت الادارية ما بين 30% و40% عن الاسعار في ضواحي العاصمة، ليكون الفارق أكبر مع طرابلس وليصل في بعض الاحيان الى ارتفاع بلغ 200% مقارنة بالاسعار قبل فترة الصوم. ويؤكد برو ضرورة دعوة المستهلكين الى مقاطعة المتاجر التي تبيع بــ “المفرق” لإجبارها على خفض نسب الارباح التي تحققها، فيما يشير الى إمتلاك وزير التجارة والاقتصاد سلاحاً يستطيع التأثير به في السوق وضبط جشع التجار وهو القرار رقم 196/1 الذي يحدد نسب ارباح تجار الجملة ونصف الجملة والمفرق بـ 30%، في انتظار اقرار قانون المنافسة والمراسيم التنظيمية لقانون حماية المستهلك. اضافة الى هذه الاجراءات، يشدد برو على اهمية اجتماع المجلس الوطني لحماية المستهلك لدرس الاسعار وشؤون المستهلكين ومعاناتهم التي لا تتوقف، مع ضرورة ان تبدأ محكمة المستهلك عملها رغم الاعلان عن ذلك اعلامياً قبل اكثر من سنتين. من هنا يعتبر برو ان وزير التجارة والاقتصاد ليس وحده المسؤول، بل تقع المسؤولية على كاهل كل الوزراء.
بدوره، أصدر المكتب الفني للأسعار بالتعاون مع مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والتجارة تقرير معدل أسعار السلع الأساسية في السلة الغذائية المصغرّة المكوّنة من 60 سلعة غذائية والتي تّم جمعها من53 نقطة بيع في مختلف المحافظات. ويبيّن المعدّل حركة اسعار السلع المذكورة خلال فترة أسبوعين قبل بدء فترة الصوم مقارنة بالأسعار بعد انقضاء الأسبوع الأول من الصوم، اي مقارنة للأسعار بين 25 كانون الثاني و8 شباط 2016. وبحسب النتائج، سجلت زيادة في المعدل العام لأسعار السلة بلغت 0.3%، مع زيادة ملحوظة في معدل أسعار فئة الخضر بلغت 7.5%. (يمكن مراجعة اللائحة الكاملة والمفصّلة للأسعار مرفقة مع الموضوع على موقع “النهار”: www.annahar.com.lb)
جاء هذا التباين في الأرقام بين وزارة الاقتصاد والتجارة وجمعية حماية المستهلك نتيجة الإختلاف في سلة البضائع المُعتمدة للتسعير وتاليا فإن هذه الأرقام تبقى رهينة السلة ومحتوياتها بحسب ما يؤكده مدير المكتب الفنّي للأسعار في الوزارة الدكتور علي برّو الذي ذكر بأن القانون اللبناني أناط بدائرة الإحصاء المركزي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء قياس الأسعار عبر سلّة رسمية مؤلفة من بضائع وسلع وهي واسعة جداً، في حين اعتمدت وزارة الإقتصاد والتجارة سلّة مكوّنة من 60 سلعة غذائية أساسية تُعتبر الأكثر إستهلاكاً. أما جمعية حماية المُستهلك فتستخدم سلّة أضيق تتضمن مكوّنات أقل حتى أصبحت المُقارنة بين ثلاث سلات شبه مُستحيلة. ويعتبر أن “سلة البضائع التي تستخدمها جمعية حماية المُستهلك غير مُعبّرة عن الواقع ولا تعكس تاليا ًالواقع الحقيقي على الأرض. وبحسب الإحصاء المركزي، إنخفضت الأسعار 0.68% على أساس سنوي مقارنة بـإنخفاض 6% عند إعتماد الوزارة السلّة المكونة، وهذا الامر يبدو طبيعياً نظراً إلى أن سلّة الإحصاء المركزي أوسع وأشمل”. ووفق برو، إرتفعت الأسعار في فترة الصوم بنسبة 0.3% خلال الفترة المُمتدّة ما بين الأسبوعين اللذين سبقا بداية الصوم وإنقضاء الأسبوع الأول من الشهر. وتعتبر هذه الزيادة طبيعية نوعاً ما نتيجة العوامل الموسمية وبخاصة الطقس، وازدياد الطلب على الخضر مع بدء فترة الصوم كما يحصل مع بداية شهر رمضان في كل سنة.
من جهته، رأى مدير حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد والتجارة المهندس طارق يونس أن الوزارة لم تتلقّ أي شكاوى تذكر في ما يتعلق بإرتفاع الأسعار بشكل غير إعتيادي، كما أنها لم تتلقّ أي شكوى تتعلق بإرتفاع الإسعار حتى الـ 200%، مؤكداً ان مكوًناً غذائياً واحداً شهد إرتفاعاً كبيراً في سعره وهو “البقلة” نتيجة معادلة العرض والطلب في السوق خلال فترة الصوم، وهذا امر طبيعي بحسب يونس. أضاف: “تعليمات الوزير الان حكيم واضحة وتشدّد على ضرورة ملاحقة التجار الذين يتلاعبون بالأسعار”. وفي ما يتعلق بالإجراءات التي اتخذتها مديرية حماية المُستهلك، يشير الى ان “المديرية تعمل بآلية واضحة، ويكمن الفارق بين فترة الصوم والمناسبات الاخرى في تكثيف هذه الرقابة ضمن المناطق التي تمارس الصوم”. وعن آلية التنسيق بين المكتب الفنّي للأسعار ومديرية حماية المُستهلك، يشير يونس الى ان المديرية وضعت آلية للإنذار المُبكر تعتمد على 3 مصادر: الأول صادر عن المكتب الفني الذي يعمد إلى إبلاغ المديرية التي تُرسل بدورها فريقاً ميدانياً إلى المتجر المعني وتقوم بالتحقيق في الأمر، وذلك من خلال درس الأرقام واكتشاف أسعار خارجة عن المألوف. ثانياً نعتمد على تقديرات داخلية مبنية على خوارزميات (algorithm) وتحليل منطقي لإستباق اي إرتفاع للأسعارـ أما المصدر الثالث فيرد عبر شكاوى المستهلكين التي تتلقاها الوزارة. وكانت أوساط وزير الاقتصاد قد نقلت عنه امتعاضه من الغوغائية التي تتبعها جمعية حماية المُستهلك مع الاعلام والتي على الرغم من أهمية دورها في التوعية، لا تستخدم منهجية علمية صحيحة يُمكن البناء عليها.
لا يُمكن أن يتجاهل المواطن الإنذار الذي أطلقته جمعية حماية المُستهلك، إلاّ أن أرقام الإحصاء المركزي تبقى مُتجانسة إلى حد كبير مع أرقام وزارة الإقتصاد والتجارة، ما يترك ولو نسبة قليلة من الطمأنينة لدى المستهلك.