IMLebanon

انتخابات جزين و”حلف” عون ـ “القوات” ـ “حزب الله”

 

jezzine

 

 

 

كتب ملاك عقيل في صحيفة “السفير”:

سقط مشروع التزكية في جزين. ليس كل ما يتمنّاه العونيون في مناطقهم الانتخابية يدركونه. لكن جزين التي ستعلّم السلطة درساً، تعرفه جيداً أصلاً، بأن إجراء الانتخابات كان أمراً ممكناً منذ العام 2013 لأن «الحال» اليوم ليس أفضل بكثير عمّا كان عليه قبل ثلاث سنوات، تستعد للاحتفاء بترشيح يقدّم للمرّة الأولى نموذجاً عمّا يعنيه التحالف بين الزعيمين المسيحيين.

رسمياً أعلن يوم السبت عن ترشيح أمل ابو زيد عن الموقع الماروني الشاغر، لكن عملياً أبو زيد هو مشروع مرشّح «من زمان». صديق «التيار» بات حاملاً للبطاقة الحزبية. وردّاً على مَن رأى أن ترشيحه مخالف للآلية الحزبية، تفيد أوساط الحزب «أن الترشيح طرح خلال لقاء جبران باسيل قبل نحو شهر مع هيئة قضاء جزين، وسئل إذا كان هناك أي ترشيحات أخرى فلم يكن هناك أي اعتراض، حيث كان يطرح اسم روني عون وبطرس الحلو، فتمّ الاتصال بالأول الذي كان خارج لبنان ونفى رغبته بالترشّح، كما أكد الحلو أنه أيضاً لن يترشّح».

العونيون حسموا أمرهم، كذلك «القوات». وهذا بدا واضحاً أيضاً خلال اللقاء الذي دام لأكثر من ساعة بين رئيس «القوات» سمير جعجع وجبران باسيل في معراب، مساء أمس، في حضور أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان ومدير مكتب جعجع إيلي براغيد ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم الرياشي.

اختفت من جزين كل «الصلبان المشطوبة». لم تعُد معراب بحاجة بعد اليوم لهذا النوع من التجييش الغرائزي. «القوات» و «التيار الوطني الحرّ» في مركب واحد، وما على بقية الأحزاب سوى التكيّف مع واقع أنه حتّى معارك إثبات الوجود بوجه المحدلة العونية ـ القواتية قد لا تكون خياراً صائباً.

واقع يرفضه تماماً باتريك رزق الله الذي فصل من «التيار البرتقالي» بعد التوافق على جبران باسيل رئيساً للحزب، متّكلاً على القاعدة العونية وعلى استطلاعات الرأي التي تبرز فارق 10% فقط بينه وبين أبو زيد، كما يقول.

قبل سبع سنوات تنافست ثلاث لوائح مكتملة على ثلاثة مقاعد. لائحة «التيار الوطني الحر»، لائحة النائب السابق سمير عازار مدعومة من الرئيس نبيه بري، و «لائحة 14 آذار». مرشّحو لائحة ميشال عون نالوا آنذاك معدلاً وسطياً من أصوات المسيحيين بلغ 54%.

ليس بالضرورة أن ينال أبو زيد الرقم نفسه، حتّى لو أن «القوات» الى جانب «التيار الوطني الحر»، فالانتخابات الفرعية «الباهتة» عادة لا تقارَن بالحماسة التي تظلّل الانتخابات النيابية الشاملة، كما أن جزءاً من الجزّينيين، بمن فيهم أنصار «التيار»، لا يزالون يتحسّسون من واقع كون ابو زيد ابن مليخ ليس من المدينة نفسها.

لكن الاحتفالية التي رافقت إعلان الترشيح من مقرّ «مركزية التيار» تعطي دفعاً قوياً له، خصوصاً أنه ترافق مع «مصالحة» النائب زياد أسود مع رئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش منذ نحو أسبوعين والتي تمّت بمعيّة الوزير جبران باسيل خلال لقاء وصف بـ «العاصف» في وزارة الخارجية. مهّد الأمر لزيارة قام بها لاحقاً أسود برفقة أبو زيد إلى حرفوش في مقرّ رئاسة الاتحاد.

تحت شعار «المصلحة العامة تقتضي التوافق» جهد باسيل لردّ أسود إلى «بيت الطاعة». المصالحة تمّت لكن التشنّج لا يزال قائماً. الأخير دخل مجدداً على خط النقاش البلدي والنيابي بعد أن حيّد نفسه طوال الفترة الماضية، فيما وجهات النظر متطابقة بينه وبين حرفوش حول الانتخابات البلدية.

إلى جانب ترشيح أبو زيد الرسمي، كان قائد الدرك السابق العميد صلاح جبران أول من كَسر الطريق على التزكية بإعلان ترشيحه متّسلّحاً بالحيثية التي يملكها في القرى المجاورة لبلدته مزرعة المطحنة، فيما تبقى الأنظار موجّهة صوب احتمال ترشيح ابراهيم عازار نجل سمير عازار الى المقعد الماروني، مع ما يعني ذلك من تكرار المواجهة المفتوحة بين العونيين والرئيس نبيه بري. لكن لا إشارة جدّية حتى اليوم توحي بذلك. أما «الكتائب» التي عارضت في البداية ترشيح ابو زيد، فيبدو أنها تتّجه نحو عدم الدخول في مواجهة مباشرة معه.

يبدو الامر مرتبطاً بشكل وثيق بنتائج المفاوضات حول الانتخابات البلدية في جزين. حتى اليوم لا توافق حتّى بين «القوات» و «التيار» على الحصة البلدية في ظل السقوف العالية التي ترفعها معراب والتي بدأت من مطلب إما رئاسة اتحاد بلديات جزين أو رئاسة بلدية جزين، الأمر الذي رفضته الرابية بشكل قاطع، على اعتبار ان الموقعيْن «مطوّبان» لـ «البرتقاليين».

على خط آخر، لا يزال باب التفاوض مفتوحاً بين كل الأطراف من أجل لائحة توافقية بلدية تجنّب القضاء معركة نيابية، لكن العقدة الاساسية لهذا التوافق تكمن في رفض «القوات» وضع اليدّ مع سمير عازار في البلدية، مع العلم أنه في الانتخابات البلدية السابقة عام 2008 تحالفت «حركة أمل» و «القوات» بوجه لائحة «التيار»!

في حال ترشيح ابراهيم عازار الى النيابة ودعمه من قبل الرئيس بري لن يكون أمام «حزب الله» سوى ان يوزّع أصواته كما فعل في الدورة الماضية (سمير عازار نال 85.9% من البلوك الشيعي، زياد أسود وميشال صوايا 52%، و13% لميشال حلو).

أوساط «التيار» تؤكّد في هذا السياق «إذا أخذ بري خياره بدعم ترشيح عازار، من المؤكّد ان حزب الله لن يلتزم بخياره بل سيوزّع الأصوات، دعماً للتحالف العوني القواتي واحتراما لحلفه القائم أيضاً مع ميشال عون»، مشيرة الى أنه «للمرّة الاولى سيبرز حلف لم تعهده الانتخابات النيابية يبدأ من الرابية الى معراب وصولا الى الضاحية»، متسائلة عن مصلحة بري في «استفزاز الحلف المسيحي» ومواجهته.

من جهته، يشير ابو زيد الى ان «ميل حزب الله هو لدعم ترشيحي»، معتبراً أن «لا مؤشّرات حتى اليوم بأن عازار سيترشّح».

لكن نيابة جزين الفرعية لن تمرّ من دون رسالة داخلية من المعارضين ضمن «التيار». ترشيح باتريك رزق الله يشكّل رسالة رمزية يدعمها كل مَن يعارض أداء جبران باسيل.

يقول رزق الله «صحيح أنني لا أملك الأموال وحملتي قد تكلّف 20 مليون ليرة مموّلة من مغتربي التيار، لكنني أفضل من خيار أمل أبو زيد الذي اعتبره ممتازاً لكن ترشيحه أتى مخالفاً للآلية الحزبية».

يؤكّد رزق الله «رصيدي هو نضالي ضمن التيار وتأييد القاعدة العونية لي. في هذه الحال سيقبضون من أبو زيد وسينتخبونني. هكذا علّمنا ميشال عون»، وقال «سأقاوم كل المحادل، من أمل الى حزب الله الى تفاهم عون والقوات وعائلات الإقطاع…».

المقرّبون من أبو زيد ينفون بشكل قاطع دفع الأموال، أما الأخير فيقول «حقّه الديموقراطي لباتريك بالترشّح».