IMLebanon

توصيات لمعالجة الليطاني والقرعون.. والعبرة في التنفيذ

Litani-River

 

 

كتبت سعدى علّوه في صحيفة “السفر”:

وجدت اللجنة الوزارية المكلفة ملف نهر الليطاني وحوضه في اجتماعها، أمس، نفسها فجأة أمام ملف معقد وكبير. كأن نفايات 600 مؤسسة صناعية وزراعية ومياه الصرف الصحي لمئات القرى والبلدات، ومعها مخلفاتها الصلبة والتي ترمى في النهر على طول 170 كيلومترا، قد تراكمت للتو، وليس عمرها أكثر من أربعين عاما، وصار الوزراء المعنيون بالملف مضطرين للبحث في حجمها وكيفية علاجها ووضع الخطط لها ومن ثم تأمين التمويل لها.

المشكلة تشمل كل حوض الليطاني البقاعي من منبعه في العليق غرب بعلبك حتى بحيرة القرعون. تشمل أيضا حوض النهر في الجنوب والبالغ 20% من الحوض الاجمالي، وهي المنطقة التي تجتاحها الرمول والوحول وما نبت حديثا من مؤسسات صناعية ومياه صرف صحي من بلديات جنوبية ومعها 15 مرملة معظمها غير مرخصة (ثلاث مرامل فقط مرخصة).

المؤسسات الصناعية التي باشرت عملها بتراخيص أو من دونها ولم يتم إلزامها بمعالجة نفاياتها القاتلة بعضها موجود منذ أربعين سنة، حتى الحديث من المؤسسات الصناعية، سار على خطى أسلافه في مخالفة القانون، في ظل إدارة ظهر رسمية واضحة. أما بحيرة القرعون التي أعلن مجلس البحوث العلمية «موتها سريريا»، فهي المكب المائي لكل هذه النفايات.

ومع ذلك، لم يتم الحديث، في اجتماع اللجنة الوزارية، أمس، عن خطة طارئة لتنظيف البحيرة، بعدما وصلت سماكة الطحالب السامة فيها «السيانوبكتيريا» إلى عشرة أمتار، وقتلتها.

اللجنة الوزارية نفسها ليست مستحدثة بل موجودة ولكن عبر ممثلين عن الوزارات. إعلان موت القرعون والليطاني استدعى تلاقي «الكبار»، أمس، لاتخاذ سلسلة قرارات ستعرض على مجلس الوزراء وبعضها يحتاج إلى قوانين في مجلس النواب تحت عنوان «تشريع الضرورة».

المشكلة، وفق القاصي والداني، سياسية في جزء كبير منها. يقول أحد الخبراء المتابعين للملف: «ليرفع أصحاب النفوذ، كل في منطقته، الغطاء السياسي عن المخالفين فتحل نصف المشكلة على الأقل، وليطبقوا القانون، ولتطلق يد النيابة العامة البيئية والقضاة البيئيين، وليقّر قانون الضابطة العدلية البيئية، ولتصرف أموال محطات تكرير ومعالجة الصرف الصحي بشكل صحيح ومن دون محسوبيات وتحاصص، وسيحل النصف الثاني». أما الأهم فهو التنفيذ السليم لمشروع “LEPAP” الذي أقر في قانون من مجلس النواب في خريف العام 2015 ومنح قروضا من دون فوائد للمؤسسات الصناعية على حوض الليطاني لمعالجة نفاياتها بطريقة تمنع تلويثها للنهر والمنطقة، وسط معلومات تفيد أن أربعة مصانع أخذت القروض ولم تبدأ بالتنفيذ بعد.

وفي هذا الإطار، يقول مدير مشروع مكافحة التلوث البيئي في لبنان في برنامج الامم المتحدة الإنمائي مروان رزق الله لـ «السفير» إن التنفيذ يحتاج بعض الوقت وإن وزارة البيئة ستراقب التنفيذ وتسهر على صحته.

وبانتظار أن لا تكون المساعي الوزارية الرسمية مجرد «هبّة» كرد على إعلان موت الليطاني وبحيرة القرعون، اتخذت اللجنة أمس سلسلة قرارات ستعرضها على مجلس الوزراء في جلسة الخميس المقبل.

ووفق مصادر وزارة الداخلية، تتلخص القرارات في مباشرة معالجة التلوُّثين الصناعي والصرف الصحي، وتصل الكلفة إلى 738 مليون دولار يتوفر منها 250 مليون دولار فيما يحتاج الباقي إلى إقرار قوانين في مجلس النواب. وستصرف الأموال على معالجة التلوث في خطة تمتد على سبع سنوات، وفق المصادر نفسها.

أما على المستوى القصير، فسيطلب من المؤسسات الصناعية وقف تسليط نفاياتها نحو النهر تحت طائلة وقف تراخيصها، وستتم دراسة وضع المرامل في المجرى الجنوبي لوقف عملها إلى حين إيجاد طرق معالجة بيئية، بالإضافة إلى الاجتماع بالبلديات التي تساهم في تلويث النهر والبحث في تشغيل الجاهز من محطات تكرير الصرف الصحي واستكمال المحطات التي بوشر بإنجازها والسعي لإنشاء أخرى في مناطق مختلفة من حرم الحوض.

واشار وزير الصناعة حسين الحاج حسين لـ «السفير» إلى وجود ثغرة تمويلية بقيمة مئة مليون دولار تتعلق بالمعالجة في الحوض البقاعي (بعد تأمين مئتي مليون دولار)، مشيراً إلى انه يتم تلزيم محطة تكرير تمنين التحتا مع خطوط الجر، بالإضافة إلى الجزء المتعلق بشمسطار ومحيطها، وكذلك في منطقة دير الغزال. واشار إلى أن وزارته طلبت خمسين مليون دولار لإنجاز البنى التحتية للمؤسسات الصناعية وفق المعايير البيئية ونوعية النفايات. وأكد الحاج حسن وجود دراسة مفصلة في وزارة الصناعة حول آليات وطرق المعالجة وبالتفاصيل وأن التنفيذ يحتاج إلى المال فقط والوقت اللازم لإتمامه.

وفيما اشار وزير الصناعة إلى تخصيص جزء من قرض البنك الدولي، البالغ 55 مليون دولار، لتنظيف بحيرة القرعون، أكد وزير البيئة محمد المشنوق أن القرض سيصرف على محطات التكرير التي ستعالج مياه الصرف الصحي التي تصب في الليطاني. وأوضح المشنوق ان وزارة البيئة سهّلت للمؤسسات الصناعية الحصول على قروض بلا فوائد على سبع سنوات لمعالجة نفاياتها الصناعية، وبالتالي فإن الدولة لن تدفع مالاً على القطاع الخاص.

ومن المفيد التذكير بضرورة تطبيق القانون 444 الصادر في 2002 والذي ينص على فرض عقوبات على كل شخص ومؤسسة ملوثة وغير ملتزمة بالمعايير البيئية بغرامات مالية وبالسجن. قانون لم يطبق منذ 14 عاماً.

 

الحاصباني.. بعد الليطاني

لم يصل مستوى التلوث البيئي في حوض نهر الحاصباني الى درجة «الخطر»، لكن ثمة مؤشرات تفيد بأن مياه النهر بلغت مستوى عاليا من التلوث الى درجة انها «لم تعد صالحة لري المزروعات على ضفتي النهر باستثناء اللوزيات»، بحسب رئيس بلدية حاصبيا لبيب الحمرا خلال لقاء جمع البلدية ورئيس إتحاد بلديات الحاصباني سامي الصفدي، برئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور النائب انور الخليل.

وعلم أن البلدية عرضت أمام بري تصورها لإنقاذ النهر وللثروة السمكية وللزراعات المنتشرة على امتداد ضفتيه.

وتقوم هذه الخطة على ثلاث قنوات: أولاها، بناء برك خاصة لمعالجة زيبار الزيتون الذي كان يرمى بالنهر عشوائيا. ثانيتها، منع مصبات الصرف الصحي من المساس بحوض النهر، ثالثتها، معالجة النفايات الصلبة بطريقة بعيدة عن الحوض.

والأخطر، أن نبع الحاصباني يعتبر الشريان الأساس لنهر الحاصباني والمصدر الوحيد الذي تتغذى منه بلدة حاصبيا بمياه الشفة.

يذكر أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بمعالجة زيبار الزيتون بصورة عاجلة من خلال إنشاء برك للمعالجة في منطقة الضهر. وعلم أن «المشروع الأخضر» كلف بتنفيذ المهمة.

وفي ما يتعلق بالصرف الصحي، أنهت بلدية حاصبيا اصلاح المحطة المركزية التي جرى إنشاؤها من خلال هبة دولية منذ نحو ست سنوات ولم تعمل قط، ومن المتوقع أن تبدأ بالعمل خلال 15 يوما، على أن يصار الى انشاء محطة مركزية لباقي القرى بالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار.

ومن المتوقع أن تطلق البلدية حملة لتنظيف حوض الحاصباني بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.