IMLebanon

لبنان في “الأمتار الأصعب” من السباق بين القانون الجديد والتمديد

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

تشكّل الأيام القليلة التي ستلي انتهاء عطلة عيد الفصح في لبنان مؤشراً حاسماً لما إذا كانت مهلة الشهر التي «اشترتْها» القوى السياسية، بعد تعليق رئيس الجمهورية ميشال عون عمل البرلمان عشية التمديد لمجلس النواب، مجرّدَ «تأجيلٍ للأزمة» أو أنها فعلاً ستسمح بالاتفاق على قانون الانتخاب الجديد بعدما وضع كل الأفرقاء «الإصبع على الزناد» وأَرسوا «توازن رعب» إما يفضي في 15 ايار إلى انفراجٍ وإما إلى… انفجار.

وابتداءً من الثلاثاء لمقبل، ستتكشّف حقيقة المناخ عن أن لجوء عون الى «ورقة احتياط» المادة 59 من الدستور (علّق بموجبها عمل البرلمان لمدة شهرٍ) رافَقَه خرقٌ تَحقق على جبهة قانون الانتخاب انطلاقاً من الصيغة التي تقدَّم بها رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب رئيس الجمهورية) وزير الخارجية جبران باسيل وتقوم على مرحلةٍ تأهيلية طائفية يختار خلالها المسيحيون والمسلمون مرشحيْن اثنين عن كل مقعدٍ ضمن دائرة القضاء على قاعدة الاقتراع الأكثري، لينتقل المتأهلون الى مرحلة الانتخاب الوطني بنظام الاقتراع النسبي الكامل ضمن عشر دوائر.

ورغم تسليم غالبية القوى بمبدأ «القانون التأهيلي»، فإن «شياطين التفاصيل» تشي بتعقيداتٍ لاحتْ بوادرها وتجعل ما وُصف بأنه «المئة متر الأخيرة» في السباق إلى قانون انتخابٍ جديد بالغة الصعوبة، لاسيما في ظلّ معطييْن:

* الأول أن «رواسب» معركة فرْملة التمديد بلا قانون، التي تركّزت في شكل رئيسي بين الثنائي الشيعي رئيس البرلمان نبيه بري – «حزب الله» وبين «التيار الحر» – «القوات اللبنانية»، تلقي بثقلها على المداولات المتجددة.

* والثاني أن سياق هذه المعركة بدا على طريقة لعبة «الشطرنج» بحيث «حرّك» بري عمداً موعد جلسة التمديد التي كانت محدَّدة اول من امس ليفرض على عون لعب ورقة المادة 59 في توقيتٍ يعطي الثنائي الشيعي أفضلية تفاوُضية في الفترة الفاصلة عن 15 ايار ويجعله يحتفظ بزمام المبادرة في سياق مسار التمديد الذي يبقى إمكان اللجوء اليه قائماً حتى انتهاء الدورة العادية للبرلمان في 31 ايار. علماً أن بري كان واضحاً في ان جلسة 15 ايار، إما يحصل فيها التمديد تحت سقف القانون الجديد، فيكون تقنياً، وإما تمديد الضرورة الذي «احتاط» بري لإمكان أن يستخدم عون حقاً دستورياً آخر بردّه خلال خمسة ايام، بحيث يبقى ثمة متسع من الوقت للبرلمان لمعاودة التأكيد عليه قبل انقضاء الدورة العادية.

وفي موازاة استراحة يوم «الجمعة العظيمة» الذي أحياه المسيحيون امس وسط إجراءات أمنية فوق العادة حول دور العبادة، رستْ آخر القراءات لخريطة المواقف من صيغة باسيل على الآتي:

* عدم حسْم أن «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) سلّم نهائياً بمبدأ أن يتأهل أول مرشحيْن نالا أعلى الأصوات عن كل قضاء وليس أول ثلاثة، ناهيك عن ملاحظات ذات صلة ببعض الدوائر.

* رفْض النائب وليد جنبلاط الصريح وبالصوت العالي لمبدأ التصويت الطائفي باعتباره «يلغي الشراكة المسيحة – الاسلامية» منتقداً «عقلاً مريضاً يطل علينا بقانون انتخاب يفرّز ويفرّق بدل أن يقرّب ويجمع»، وهو الموقف الذي أبلغه الى كل من بري والحريري.

* إشارات تَحفُّظ من بري حيال صيغة التأهيل المقترَحة وتحديداً على تأهيل أول مرشحَين. ونُقل عنه في هذا السياق ان «فكرة التأهيل أنا قدّمتُها مقانق وغيري يخرجها خنزيراً»، لافتاً إلى أن فكرته تقوم على تأهيل المرشح الذي ينال عشرة في المئة من أصوات الناخبين.

* تريُّث «القوات اللبنانية» في إعطاء موقفها النهائي من الصيغة بانتظار درْسها جيداً، وسط معلومات عن ملاحظات للحزب على الدوائر المعتمَدة في الصيغة كما على الصوت التفضيلي.

وفي حين سيشكّل أي اجتماع للحكومة الاسبوع المقبل لبتّ قانون الانتخاب بالتوافق المعيار الأساسي لما إذا كان هذا الملف سلك فعلياً طريق الحلّ، فإن مرور المزيد من الوقت من دون حصول ذلك سيعني العودة الى الدوران في «الحلقة المفرغة» التي أطاحت بالصيغ الواحدة تلو الأخرى.

وترى أوساط سياسية عبر «الراي» ان هناك 3 احتمالات في الفترة الفاصلة عن 15 ايار:

* الأول أن تنجح القوى السياسية في تدوير زوايا صيغة التأهيل وتالياً إمرار القانون قبل جلسة منتصف مايو، بحيث يصار الى إقراره في مجلس النواب ومن ضمنه التمديد التقني (بين 3 و6 أشهر).

* والثاني أن تدفع الخشية من بلوغ «الصِدام» في 15 ايار الى توافق على إقرار الخطوط العامة للقانون الجديد انطلاقاً من صيغة التأهيل لتشكّل أساساً لتمديد يجري خلاله التفاهم على تفاصيل الصيغة.

* والثالث أن تُستنزف مهلة الشهر مجدداً وتستعاد كل تعقيدات المراحل السابقة، ما ينذر بأن يكون 15 ايار محطة لمواجهةٍ قاسية تم تَجنُّبها يوم الخميس (تردد انه شهد اتصالاً بين عون والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله)، بعد «قرع طبولِ» ما يشبه الانتفاضة في الشارع التي أعدّت لها القوى المسيحية الوازنة، لاسيما «التيار الحر» و«القوات» و«الكتائب» بوجه أي تمديد من خارج قانون جديد، الأمر الذي يعني بحال حصوله دخول البلاد في نفقٍ انقسامي طائفي خطير.

وكان لافتاً أنه في موازاة رسْم الثنائي الشيعي خطاً أحمر حول الفراغ الممنوع في مجلس النواب الذي تنتهي ولايته في 20 حزيران ، فإن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لاقى القوى المسيحية في اعتراضها على التمديد بلا قانون جديد ملوّحاً بموقف سيتخذه مع مجلس المطارنة ضدّ «اغتصاب السلطة»، ولكنه طرح بديلاً لمعادلة «التمديد ولا الفراغ»، عنوانها «قانون الستين النافذ حالياً»، إذ لم ير مانعاً من إجراء الانتخاب على أساس «الستين» إذا لم يتم بلوغ قانون جديد، وذلك رغم اعتبار عون و«القوات اللبنانية» ان هذا القانون جرى «دفْنه».