IMLebanon

معادلة ترامب.. “ليّ الذراع” قبل أي تفاوض

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

من المؤكد أن الضربة على «شعيرات» النظام السوري، كانت بداية تحول في السياسة الأميركية حيال سوريا وملفات المنطقة. لكن مصادر ديبلوماسية غربية، تشير إلى أنه بما يخص الكيماوي بات هناك خط أحمر ممنوع تجاوزه.

عدا عن ذلك، لا تزال الأولوية الأميركية، حتى إتضاح صورة السياسة الخارجية بالكامل، هي لمكافحة الإرهاب وللحرب على «داعش»، وفي الوقت نفسه لعدم التعاون مع الرئيس بشار الأسد لمحاربة هذا التنظيم. وتقف أيضاً واشنطن مع إيجاد حل سياسي في سوريا يتضمن رحيل الأسد. وهناك إنتظار لما يمكن أن تقوم به الإدارة في هذا الإطار، مع الإشارة إلى أن الضربة ارسلت رسائل إلى موسكو حول عدم القدرة على التوصل إلى حل في سوريا من دون موقف واشنطن الأساسي في هذا المجال. الآن هناك خطوط عامة، لكن التفاصيل تحتاج إلى الوقت الكافي لبلورتها. وعلى الرغم من الموقف الأميركي الجديد، لكن ذلك لا يعني أن واشنطن وحدها قادرة على أن تقرر في الحل، وعلاقتها بروسيا في العمق تشوبها الخلافات، ولا يزال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يقول أن بلاده تحارب أية محاولة لتغيير النظام في سوريا.

رسالة ترامب، وفقاً للمصادر، تتضمن أنه يريد أن يكون شريكاً في الحل في سوريا، من دون أن تكون لديه رغبة بالحرب. كان موقف اوباما بأنه لا يريد التدخل، ولا يريد العمل لمناطق آمنة، ولا يريد ضرب السلاح الكيماوي ولا يريد إرسال جنود إلى سوريا. الآن إذا قام الاميركيون بعملية عسكرية في الرقة، يصبحون شركاء اساسيين. لا شك أن ترامب ضرب في أفغانستان، وفي سوريا، ويهدد الآن

كوريا الشمالية. ويعتبر أنه لا يريد توزيع «الجزر» على أحد، لكن أية «عصا» يمدها، يعني بها في النهاية أنه يريد أن يتفاوض، ولكن تفاوض بعد «لي الذراع». أي من منطلق قوة، يضرب ثم يفاوض.

هناك أنواع من التفاوض، فإما أن يكون «على البارد» أو تفاوض بعد «لهيب»، أو تفاوض بعد برودة ثم عنف ثم برودة يليها عنف. وتقول المصادر، لا يمكن لأية جهة أن تؤدي بعملها إلى انسحاب جهة أخرى من سوريا، ولا يمكن للأميركيين والروس أن يقوموا بحرب بينهما في سوريا.

على أن العلاقة بين واشنطن وموسكو تبقى معالجتها أسهل من العلاقة الأميركية – الإيرانية. وليس واضحاً إلى أي مدى ستذهب الولايات المتحدة في توجه القوة. الأشهر المقبلة توضح الأمر. المهم مراقبة انعكاسات ذلك على مواقع أخرى في المنطقة منها الوضع اللبناني.

مصادر ديبلوماسية قريبة من الإتحاد الأوروبي، تشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى لمحاربة نفوذ إيران في المنطقة، لكن ذلك لا يعني حتماً سهولة إعادة النظر بالإتفاق النووي. من الصعب التعديل «بالنووي». لأن من وقّعه مجموعة الـ ٥ + ١. ومن الصعب أيضاً أن تأخذ واشنطن موقفاً أحادياً، فتكون إذاك تخالف إتفاقية دولية، ولن تتحمل مسؤلية ذلك وحدها.

من المؤكد أن سياسة ترامب وفقاً لمصادر غربية، بعيدة عن سياسة سلفه باراك اوباما في المطلق. أي مختلفة في التعاطي مع الملفات في المنطقة ومع كل ملف على حدة. هناك ملفات الصراع العربي – الإسرائلي، وملفا كل من سوريا وإيران ثم العراق واليمن. إدارة ترامب ستكون أكثر تشدداً في الملف الإيراني، وأكثر تطرفاً لصالح إسرائيل في الملف الفلسطيني – الإسرائلي، وفي الملف السوري يريد ترامب أن يوحي أنه أكثر حزماً من اوباما حياله. لكن على الرغم من الصعوبات في

العلاقات الأميركية – الروسية. فإن هناك نوعاً من إستمرارية الغزل بين واشنطن وموسكو. ما يجعل كل الأطراف في المنطقة تنتظر لترى كيف تتطور المسائل على الرغم من الضربة الأميركية للنظام السوري على خلفية إستخدامه السلاح الكيماوي في ضرب المدنيين.

هناك أجواء جديدة في ما يمكن أن تكون عليه السياسة الأميركية حيال ملفات المنطقة. وفي الوقت نفسه، هناك تكهنات عن وجود ضربات أميركية أخرى. الضربة جاءت على قاعدة إستعمال النظام أسلحة دمار شامل محظرة دولياً، انما الظروف التي سمحت بالضربة لن تتكرر كل يوم.

ذلك أن ترامب رئيس غير اوباما وهو أكثر حزماً، أنها رسالة لكل اللاعبين في المنطقة، بأنه قادر على إتخاذ خطوات ميدانية. لكن هذا لا يعني أن لديه برنامج ضربات متتالية. وما يريده هو تحسين دور بلاده في الصراع في المنطقة وبعودة تأثيره في المعادلة، بعدما أعطى عدم التدخل إنطباعاً بأن الدور الأميركي منكفئ، وهو ما يريد تغييره.