IMLebanon

الرئيس على جادة «النٍصاب».. ونهاية السلاح

 

لا تشبه نهاية عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بدايتها بشيء، فالوضع الإقليمي أكثر سخونة أما الوضع الداخلي فقد استعاد سيناريو نهاية العهود. ولأن سليمان ليس بالتأكيد جزءاً من الأزمة، هو اليوم يضم صوته الى صوت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والى قوى 14 آذار داعياً الى تفادي الشغور في سدة الرئاسة، وتماشياً مع العهد الجديد في تطبيق القرار 1701.

فالرئيس السابق للجمهورية اميل لحود انتهت ولايته في العام 2007 على وقع مقاطعة غربية ومعارضة محلية واسعة. على العكس، فالرئيس سليمان اليوم لا يريد استعادة مشهد الأشهر الستة التي شغر خلالها موقع الرئاسة الأولى إن من حيث الدستور أو من حيث اجتياح بيروت في 7 أيار. «تعطيل النصاب نقيض الديموقراطية» يقول سليمان، وفي كلامه خوف وحذر من أن يتجرّع لبنان كأس التعطيل مرّتين قبل عهده وبعده ورسائله تفضح مآرب الطرف المعطّل نفسه لأنه يهاب انتخاب المجلس النيابي لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع.

وما دخول سليمان في قضية النصاب الدستوري في جلسات مجلس النواب سوى رفض منه لأن تأتي القرارات معلّبة من الخارج، ولا ينكر دور الدول «في تشجيع اللبنانيين على تحقيق الانتخاب»، وهو يريد بذلك أن تكون الصورة مختلفة كلياً عن تلك التي كانت في العام 2007. فإن كان لا بدّ من أن تحثّ الدول الأحزاب المحسوبة عليها لتأمين نصاب جلسة الانتخاب، فليكن ذلك في سبيل تحقيق الدستور وليس في فرض اسم أو مرشّح من غير الصناعة الوطنية.

في الواقع إن الفريق الذي يتوجّه إليه سليمان، هو نفسه الذي توجّه إليه في الموعد الدستوري للانتخابات النيابية، ولم يلقَ كلامه أي صدى، وهو الفريق المعني بالاستراتيجية الدفاعية والذي رفض أن ينضم الى طاولة رئيس الجمهورية بعدما تنكّر لتوقيعه على «إعلان بعبدا». ماذا سيتغيّر؟ سيبقى سليمان يحث في تصريحاته فريق 8 آذار على الالتزام بالدستور، فيما فريق 8 آذار سائر في تعطيل كل المواعيد الدستورية وتخطّيها وتسيير البلد بما يتماشى مع مصالحه ومصالح إيران فيه.

هذا ما عناه رئيس الجمهورية بكلامه عن «بعض الدول» التي تستغل خلافات اللبنانيين للانتخاب إذا كان ذلك في صالحها وللتعطيل إذا كان ذلك لا يناسبها، وبانتظار كلمة السرّ يُمعن الفريق الآخر في قيادة لبنان نحو الفراغ في مقعد الرئاسة الأولى. ومع اقتراب يوم 7 أيار لا يسع اللبنانيين سوى العودة بالذاكرة الى ذاك اليوم المشؤوم، وإن لم يذكر سليمان في كلامه أن كل الأحداث التي وقعت قبل أن يتسلّم رئاسة الجمهورية، ومنها 7 أيار، حضّته على حماية لبنان وقبول اختياره رئيساً للجمهورية، فإن رفضه «تدخّل الدول في صناعة الرئيس» يؤكّد حرصه على حماية اللبنانيين منذ اليوم الأول.

وكما تمكّن سليمان من الحصول على دعم إقليمي ودولي للجيش اللبناني، فهو يطمح الى أن تضغط الحكومة، في حال الشغور، باتجاه الحصول على دعم «من البنك الدولي لمساعدة لبنان». ويتطلّع من خلال العهد الذي سيليه الى تحقيق ما كان أسس له خلال عهده، منبّهاً من يسعى الى التلاعب باستقرار لبنان الى أن «خلاصات المجموعة الدولية هدفها تدعيم الاستقرار في لبنان، الاستقرار السياسي وتطبيق القرار 1701 وتحييد لبنان بما ينص عليه إعلان بعبدا». وكأن سليمان بذلك يضع خطّاً وطنياً للبرنامج الرئاسي للرئيس العتيد لناحية «الحوار، تحقيق اللامركزية، ترسيم الحدود، نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، الاستراتيجية الدفاعية، المحكمة الدولية»، في إشارة الى أنه مهما حاول البعض أن يختلق 7 أيار جديداً فإن بعض القضايا اللبنانية مدوّلة ولا يمكن التشكيك بمدى جديّة القرارات الصادرة خصوصاً منها القرار 1701 الذي جاء نتيجة مغامرة «حزب الله» في حرب تموز 2006، وبالتالي فعلى الحزب الرضوخ لقرار كان السبب فيه ونزع سلاحه غير الشرعي بناء عليه.

وسعى سليمان في كلامه هذا الى لبننة الاستحقاق الأهم في لبنان، بالنسبة الى اللبنانيين عموماً والموارنة خصوصاً، وقد قال سليمان ذلك على مسمع من كل الديبلوماسيين من سفراء وقناصل لبنانيين معتمدين في الخارج. ليس هناك ما يُحرج سليمان من ردود فعل الفريق الآخر على كلامه مثلاً، فهو لم يكن يوماً ممارساً لسياسة غريبة عن الوطن أو مستوردة من بلد آخر، هجينة أو غير مناسبة، وهو اليوم يريد الأفضل للبنان، يريد ما هو أفضل من استحقاق العام 2008، ليس من ناحية الخيار أو الاسم الذي يحمله إنما من حيث الظروف ومنعاً للفراغ الذي ساد حينها.

وإن استبق سليمان عهد الرئيس المقبل، فلإعطاء توجيهاته في إطار عمل السفراء لناحية «تسويق بلاده لتجنيبها الأزمات والحروب»، وتأسيساً لمرحلة قد يشغر فيها مقعد الرئاسة، فكان لا بدّ له من الإضاءة على القضية الأهم في هذا الإطار، وهي «الاتفاقات التي أُبرمت قبل التبادل الديبلوماسي» مع نظام الأسد. على أمل أن يلقى رئيس الجمهورية الآذان المعنية صاغية هذه المرة.