IMLebanon

«حزب الله» يُغلّي «مهر».. الاستحقاق

 

لا تُقارن «بهجة» الممانعين في لبنان بتجديد البيعة لمبتكر البراميل المتفجّرة بشّار الأسد في سوريا بأي حدثٍ آخر… فهي مناسبة تُنسيهم مشقّة القتال وتعوّض لهم عن خسارة الشبّان. «النصر الإلهي» السوري يستحق إطلاق الرصاص الممانع، هم يحتفلون بإعادة انتخاب رئيس لهم بينما قاطعوا جلسات مجلس النواب خلال المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للبنان. في مفهومهم، الوضع سيّان، فرئيسهم قطعاً ليس في لبنان.

في هذه المناسبة نعى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «المؤامرة التي استهدفت محور المقاومة». عاشت «المقاومة»… ماتت الشعوب، إنها الخلاصة الجهنمية التي تلتصق بالوطن العربي منذ أربع سنوات في سوريا ومنذ 30 عاماً في لبنان. إنها في الواقع المؤامرة التي يخوضها النظام الإيراني بواسطة النظام السوري وحلفائه في لبنان لقتل الشعبين اللبناني والسوري وإخضاع من يتبقّى منهما.

على لسان رعد تتردّد كل يوم معزوفة التوافق على رئيس في لبنان… وما همّ الممانعين من الانتخاب ما دام الممانعون في سوريا ينتخبون، فما الحاجة الى انتخابات في لبنان، ما دام الرئيس الذي يريده «حزب الله» هو رئيس خاضع لنظام بشار الأسد، لا يتحدّى شرّه وبطشه، ولا ينتفض لإرسال شباب لبنان الى القتال في سوريا، لا يعترض ولا يفرض.

دستورياً، لا علاقة «لمشروع سوريا القوية الموحّدة بقيادتها وجيشها وشعبها»، بحسب رعد، بالمعضلة التعطيلية التي يواجهها لبنان بعد شغور مقعد رئاسة الجمهورية بقصد إفراغه. فالثلاثية السورية التي يطرحها رعد هي نفسها الثلاثية اللبنانية مع استثناء بسيط هو رئيس الجمهورية، فما بال اللبنانيين من قيادة سوريا وجيشها وشعبها إن كان هناك من يزرع الشقاق في وطنهم لتعطيل وحدة القيادة والجيش والشعب، إلا إذا كان ما يعنيه رعد هو وحدة القيادة في لبنان وسوريا معاً… وعلى هذا فلن يجد الممانعون سبباً لانتخاب رئيس في لبنان.

«يوم الاقتراع في السفارة السورية» ترك كبير الأثر في نفس الممانعين، فيه تحدّوا الشعب اللبناني، وعطّلوا السير على الطرق، ورقصوا وغنّوا على أنغام أغاني «المقاومة» ولوّحوا بأعلام النظام السوري و«حزب الله» ضمن «لوحات» استعراضية مستفزّة. فكيف لمن يسمح لشعب، أي شعب، بتعطيل يوميات اللبنانيين، ولمن يجاهر ويتباهى بأنه حليف لهذا الشعب الذي يتحدّى الشعب اللبناني أن يقنع اللبنانيين بأنه حريص على مصالحهم وعلى الجمهورية وعلى الرئاسة؟

ولأن الممانعة تريد رئيس التحدّي فقط في سوريا، فقد رفضت مرشّح قوى 14 آذار الذي اعتبرته مرشّح التحدي في لبنان، وشتّان ما بين الرئيس الذي يتحدّى شعبه في عقر داره ويرميه بالبراميل المتفجرة ويهدم عليه مدناً وقرى، والمرشّح الذي يريد أن يكون يداً واحدة مع شعبه لمواجهة التحديات والمؤامرات التي يحيكها الممانعون.

لم يخف رعد هذه النظرية إنما قالها بوضوح: «لن نقبل برئيس يضمر الخصومة للمقاومة، وهذا الرئيس لا مكان له في بلدنا». وعلى هذا فإن بشار الاسد هو رئيس الممانعة مع ما يعنيه ذلك من ممانعة الإتيان برئيس منتخب في لبنان خوفاً من المصير الآتي عاجلاً أو آجلاً.. وما مظاهر الاحتفال المفخخ بتجديد البيعة لبشار سوى لتقديم جرعة دعم معنوية للممانعين الساقطين شعبوياً ودستورياً. وهل تكمن العقدة فقط بين رئيس عتيد والمقاومة.. ألا تحسب المقاومة تلك العقد بينها وبين الشعب؟ هل نسيت ايار؟ وهل تناست شهيد الحرية هاشم السلمان الذي قتل امام السفارة الايرانية في حزيران من العام الماضي؟

بكل بساطة، إنها المقاومة التي لا تحسب أي حساب للشعوب، ولا تعير للحريات والديموقراطية اي أهمية. فلكل شعب متمرد على السلاح غير الشرعي، او ناقم على نظام يقمعه منذ عقود، ولكل معارض او مختلف او متمايز تجد له المقاومة تدبيراً، وكل الوسائل متاحة بما فيها القتل والسجن والاعتقال والاغتيال. وإن دلت مواقف رعد على شيء فعلى أهمية موقع رئاسة الجمهورية بالنسبة الى الممانعة في هذه الفترة بالذات، التي ستكون «المقاومة» فيها جاهزة لأي سيناريو يطلب منها تنفيذه. هذا فضلاً عن استحالة تكرار تجربة الرئيس العماد ميشال سليمان، الذي لطالما وقف الى جانب الحق والشعب. «لينجز الاستحقاق بالتوافق» يقول رعد.. فعلى الرغم من «اكتساح» الممانع السوري للانتخابات التي اقترع فيها الأموات والاطفال وصوت فيها السوريون مباشرة او عبر «الواتس آب»، لا يزال «حزب الله» خائفاً من نتائج انتخابات تنافسية في لبنان. بشار الاسد في سوريا إذاً لن يقدم أو يؤخر، هو فقط رئيس صُوَري، لا يملك قراراً مؤثراً ولا موقفاً خاصاً أو وطنياً.

بشار لم يعد فاعلاً ولا فعالاً.. السلاح وحده يتكلم. «المقاومة» على مفترق طرق. إنّ المطلوب اليوم رئيس في لبنان يكون بديلاً عن بشار الاسد، وتكون دائرة تحركاته اوسع، يجمع الممانعين رسمياً تحت سقف القصر الجمهوري، تماماً كما كان قبل انتخاب العماد ميشال سليمان.. فإلى متى سيحتمل لبنان وزر الممانعين وتحدياتهم؟