IMLebanon

عَادَ.. أم عادوا؟

بالإذن..

 

تفتح أبواباً مغلقة ومقلقة في السياسة وغيرها عودة الرئيس الحريري إلى أهله.. عدا أنّها في الحساب الأخير، الشخصي المتآخي مع العام، تعني أنّ بيت رفيق الحريري لا يُقفل ولن يُقفل، وأنّ الأدوات الصغيرة، الانتهازية والمريضة التي توهّمت قدراتها على تنفيذ القرار الإيراني الأسدي بذلك، تجترّ اليوم يأسها وقنوطها وتغرق في عتمة كيدها وتنام.

انتهى مشوار «تجربة» النفي والإكراه والاستبداد التي مشى عليها أهل الوهم في الممانعة منذ سنوات. وانتهى فصل من فصول الشطط الذي اعتمدوه في الصغيرة والكبيرة لمحاولة إعادة ضبّ لبنان وأهله تحت إبط بشار الأسد وبالوكالة عن النهج الإيراني الجامح. وانتهى بعده ذلك النمط من الأداء الطيّار الذي يفترض أصحابه أنّهم أقوى من حقائق البنيان السياسي والأهلي اللبناني، الراهن والدائم، والملازم حُكماً لبقائه واستمراره.

تعني العودة في مكان ما، أنّ مَنْ أشعل النار صار يخاف منها! وأنّ مَنْ راهن على ملء الفراغ صار يخشى من دهاليز ذلك الفراغ واحتمالاته! وأنّ مَنْ اشتغل على الإلغاء بالاغتيال والترهيب والنفي، صار وجهاً لوجه أمام جنى زرعه! وأنّ خطأه في التشخيص والحساب كان وليد قصر نظر ومكابرة و«سياسة» ليس فيها إلاّ الكيد والاستبداد المسنود بالحديد والنار، وهذه ليست «سياسة» بل كارثة. ومكابر مُتعامٍ مَنْ لا يرى تلك الكارثة أو يتذاكى بتجاهلها، أو يتغنّى بدرعه التي تحميه منها.

وتعني العودة في مكان ما، أنّ مَنْ أخطأ يُعيد النظر في حساباته ويعتذر عن خطأه! وانّ مَنْ استهدف نهج الاعتدال الذي يمثّله سعد الحريري، يحصد الآن ثمار مواجهة بديل افتراضي وواقعي متطرّف، وأنّ ذلك النمط من «المواجهات» لا يخضع لمنطق الحساب الناشف ولا للأرقام الباردة.. ولا وزن للميزان فيه، بل خبط عشواء انتحاري ومدمّر وإفنائي تصير فيه عدّة الحديد والصواريخ والتنظيم والقدرات النارية موازية ومساوية لغيابها!

وأبرز ما تعنيه عودة الرئيس الحريري، هي أنّه يعود كما هو وليس كما «أرادوه»! ويعود لأنّه التزم سياسته ونهجه وطريقه وأسلوبه وليس لأنّه غيّر ذلك كله! ويعود وفق «شروطه» وليس وفق «شروط» الآخرين! ويعود لابساً ثوبه هو وعلى قياسه هو و«مزاجه» هو ولا يعود لابساً ثوباً مُستعاراً فصّل على قياسات غريبة عنه ولا تليق به.. وبالأحرى لا يعود إليهم، بل هم الذين يعودون إليه! كان هو ولا يزال في مكانه وهم الذين غيّروا مكانهم وسياساتهم وأنماطهم… بانتظار أن يعودوا تماماً بتاتاً من غربتهم التي أخذتهم إلى الكوارث والبلايا والرزايا!

.. يعود كما هو، أصيلاً لا يُساوم ولا ينكر تاريخه وتراثه ونهجه، وفي يده تذكرة باتجاه واحد: قلوب اللبنانيين وعقولهم، ومن أجل أمنهم وسلامهم ووطنهم وبقائهم ورخائهم واستقرارهم!