IMLebanon

ما بعد عودة الحريري.. ما بعد عرسال

الحريري في لبنان.. «فسحة أمل» 

 

عاد «عمود خيمة» الاعتدال الرئيس سعد الحريري الى بيروت. وطلته من السرايا أثارت موجة من الفرح والامل عند اللبنانيين، بأن الحل اقترب. لم يعد الحريري، لأنه اشتاق الى لبنان فقط. عاد لأنه يحمل معه على الأقل مشروع حل اقليمي ودولي، عنوانه الاعتدال لبقاء لبنان.

قبل سنوات ثلاث، اعتبر الممانعون، انهم انتصروا، وان بطاقة سفر بالذهاب دون العودة قد وصلت الى الحريري وسُلّمت إليه يداً بيد. الآن، لولا الخجل لقالوا للحريري: «سامحنا نحن بحاجة إليك». هذه الاستعادة ليست للثأر وانما اولاً وأخيراً للتأكيد أن أحدا لا يمكنه ان ينتصر على أحد في لبنان وأن يلغيه. وأنه كان وسيبقى دوماً جسراً تمر عليه التحولات والانقلابات والمتغيرات، وانها في مرورها توزع بصماتها على لبنان.

عاد الحريري الى لبنان من سرايا الدولة. اختار الدولة بداية لمسار قديم آمن به وعمل به كما عمل به الرئيس الشهيد رفيق الحريري. الاعتدال وحده يؤمن بالدولة حاضنة طبيعية وشرعية ومشروعة لكل اللبنانيين. اللبناني الذي يخرج عن الدولة، مهما بدا قوياً ومستقوياً فإنه يخسر عاجلاً أو آجلاً.

في زمن التطرف والاصولية والعنف الأسود والمتوحش لا يكفي الاعتدال. يجب ان يحاط بالرعاية والقوة والدعم، لكي يقاوم ويصمد ويواجه وينتصر. «خيمة» الاعتدال «الحريرية« تصبح بناء قوياً وراسخاً، اذا دعمت اقليمياً ودولياً. الدعم الاقليمي، بدايته عربية. السعودية فتحت الطريق، وهي قادرة على جمع الآخرين لدعم لبنان، ليس لأنه بلد عربي، ولا لان اللبنانيين يستحقون الحياة والامن والاستقرار فقط، وانما لأن بقاء لبنان بداية لربح المعركة ضد الإرهاب، ولأن بقاء لبنان المتنوع، يشكل «سلاحاً» للمحافظة على المجتمعات العربية المتنوعة، خصوصاً في زمن الهجمة الوحشية على المسيحيين في العراق. ايضاً المجتمع الدولي خصوصاً الولايات المتحدة الاميركية بدأ يعي ان ترك منظمات الإرهاب والتخلف التي تجتاح العراق اليوم وكادت تحرق لبنان من عرسال ناشطة في تمددها وستحرق منطقة الشرق الاوسط وما يحوط به.

إيران مدعوة اكثر من غيرها من القوى الاقليمية، الى الخروج من استراتيجية «التدخل السلبي« ، كفى صبّاً للزيت على النار في سوريا والعراق واليمن وغزة والبحرين، وإبقاء حزب الله عريناً للاستقواء والتشدد في لبنان، الذي أحرق المنطقة فدمرها ولم تنتصر. إيران تخوض مواجهة خاسرة مع الولايات المتحدة الاميركية، كان يمكنها ان تساهم في تشكيل حلف قوي ومتضامن يجعلها تنجح وتكون مقبولة بدلاً من ان تكون عنواناً لمذهبية مرفوضة. من المؤكد ان الإمام الخميني كان حاربها وانتصر عليها.

امام إيران فرصة ذهبية لأن تربح، والبداية من لبنان. يكفي ان تدفع حزب الله باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية بدلاً من دعم الفراغ وتوسيعه بحجة الوفاء، علماً ان الوفاء الحقيقي هو في إخراج لبنان من الفراغ الذي يكاد يصبح قاتلاً. اما مسألة خروج حزب الله من سوريا فإنها ليست الآن مفتاح الحل للازمة في لبنان. مشكلة الحزب ان قرار الخروج من سوريا ليس بيده وانما بيد المرشد آية الله علي خامنئي. يشدد الحزب انه قادر على تحمل الخسائر في سوريا وخصوصا في القلمون. هذا امر يعنيه. لكن على الحزب ان يعرف انه دفع الطائفة الشيعية نحو خسارة كارثية معنوية وانسانية ومذهبية. اهل القصير الذين دمرت منازلهم منهجياً لن ينسوا ان الحزب هو الذي دمرها، بهذا اصبحوا يملكون في ذاكرتهم الشعبية كربلاء معاكسة كانت تاريخاً جهادياً مشرفاً للشيعة وحدهم.

اما عرسال، فانه يجب استذكار كل فاصلة وقعت. البداية ان عرسال ليست ولم تكن حاضنة للتطرف. لقد استفاد بعض أهلها من التعامل مع المجموعات السورية، لانهم استبدلوا التهريب مع النظام القديم في سوريا بالتعامل التجاري مع القادمين. البداية في سحب الاتهامات التي وجهت الى عرسال بأنها مصنع ومنتج للارهاب والارهابيين، واحتضان اهلها بأخوة ورعاية بعد الكارثة التي حلت بهم. حزب الله الذي بدأت تفوق خسائره في القلمون طاقته، اعتقد أن إسقاط عرسال ينقذه، اكتشف اليوم ان التغيير الديموغرافي في عرسال اصبح «سيفاً ذا حدين«. ايضاً وهو مهم جداً أن عرسال ليست «نهر البارد« لأحد، ليستثمرها في اي مشروع او مناسبة. سكان عرسال لبنانيون لا يمكن لأحد اقتلاعهم وأي عمل جديد من الذي حصل لن تكون ناره خصوصاً المذهبية منها محصورة في جرود عرسال. يجب عدم اللعب بالنار. القبض على عماد جمعة ومثله كثير مدخل لحروب طويلة. السوريون النازحون حملوا كل جراح الحرب الطويلة. عماد جمعة ومجموعته من القصير. هذا مثل من الف.

دخول الجميع واولهم «حزب الله« خيمة الاعتدال ينقذ لبنان ويشكل نهجاً للآخرين لإنقاذ بلادهم خصوصا في العراق وسوريا.