IMLebanon

عيون وآذان (2015 سيئة و”ربنا ينجينا من الأعظم”)

الملكة إليزابيث رأت «النور يلمع في الظلام» وهي تتحدث عن مآسي 2015 في خطابها السنوي لمناسبة عيد الميلاد. ملكة بريطانيا أعرفها قليلاً وقد حدثتها ووجدتها سيدة فاضلة ذكية تعمل كأنها في الأربعين أو الخمسين من العمر مع أنها بلغت التسعين. أسجل هذا، ثم أتمنى أن تكون مصيبة في تفاؤلها، فأنا لا أجد أسباباً منطقية له، وأرجو أن أكون مخطئاً.

السنة هذه كانت كارثة من بدئها حتى نهايتها، فقد افتتحت بالإرهاب على المجلة الفرنسية الساخرة «شارلي إيبدو»، حيث سقط 13 قتيلاً واختتمت بالإرهاب في كاليفورنيا حيث سقط 14 قتيلاً بريئاً و22 جريحاً.

بين هذا وذاك، ذبح الإرهابيون 21 مصرياً مسيحياً في ليبيا في شباط (فبراير). وقتل إرهابي 38 سائحاً على شاطئ سوسة في تونس في حزيران (يونيو)، وسقطت طائرة سياح روسية في سيناء في تشرين الأول (أكتوبر) وادعى «داعش» المسؤولية. وبعد شهر عاد الإرهاب إلى فرنسا وقتِل في باريس 130 إنساناً بريئاً وجرح مئات في صالة موسيقية ومطعم ومقهى. وتزامن حادث باريس هذا مع تفجيرات في ضاحية برج البراجنة جنوب بيروت حيث قتِل 43 مواطناً بريئاً.

مع كل ما سبق كان هناك موت يومي في سورية والعراق واليمن وليبيا، وانتهت السنة بهزيمة «داعش» في الرمادي. أيضاً، شهدت السنة محاولات مئات ألوف المهاجرين (أكثر من نصفهم سوري) الوصول إلى أوروبا، وغرق ألوف منهم في البحر، فلا أنسى إيلان كردي الذي غرق مع أمه وأخيه وركاب قارب انطلق من تركيا وابتلعه البحر قبل الوصول إلى جزيرة كوس اليونانية التي تكاد تلاصق الساحل التركي.

أترك أخبار الموت والدمار إلى غيرها، وهنا أيضاً لا أجد شيئاً طيباً. في إنكلترا أمطار عاصفة لا تنقطع عزلت مناطق من شمال إنكلترا، ورأينا صوراً لمدن تبدو كأنها البندقية. الأميركيون لا يحبون المنافسة لذلك ضربت الولايات الجنوبية من بلادهم عواصف لولبية مدمرة، ورأينا صور دمار من نوع سوري، وقرأنا أخباراً عن موت عشرات السكان. الولايات الجنوبية تسمّى «حزام التوراة»، ولكن يبدو أن تأييد إسرائيل أغضب ربنا فترك عواصف عاتية تعطيهم درساً. وفي حين وصلت الفيضانات إلى أميركا اللاتينية، فإن الكارثة في أستراليا كانت حرائق أكلت الأخضر واليابس.

ثم هناك بروس جانر، وهذا رياضي أميركي مشهور فاز ببطولة الألعاب العشرية في أولمبياد مونتريال. إلا أنه طلع علينا في تموز (يوليو) الماضي على غلاف مجلة «فانيتي فير» وهو في زي امرأة وشكلها ويطلب أن يُسمَّى كاتلين جانر. هو سبق أن تزوج مرتين وكيم كارديشيان ابنة زوجة سابقة له. في كل ما حدث لم يقل جانر أن عمره 66 سنة، إنما أقرأ مديحاً له فهو يمثل الجنس الثالث، لا أنثى ولا ذكر، أو هو أنثى وذكر… يعني نحن في بلادنا نعاني من جنسين فقط ويأتي أميركي بجنس ثالث ليزيد الهمَّ على القلب.

ربما زدت أنني رأيت صورة في مجلة جريدة «الغارديان» لامرأتين كل منهما في السبعين أو تجاوزتها تتبادلان القبل بعد أن سمحت إرلندا بزواج مثليي الجنس. أقول «شو هالقرف» وأعرف أن هناك مَنْ سيهاجمني عبر الإنترنت، إلا أنني فلاح ولا أنكر أصلي.

مجلة جريدة «الأوبزرفر» الأسبوعية الراقية بدت كورقة نعي في عددها الأخير من سنة 2015، فقد ضمّت مواضيع عن ناس ماتوا هذه السنة، وبينهم الكاتبة جاكي كولينز، أخت الممثلة جون كولينز، وسياسيون بريطانيون. وكان بين الراحلين الكاتب الألماني المشهور غونتر غراس، والممثل عمر الشريف، وهو أشهر من أن أحكي عن عمله للقراء، فأقول أنني رأيته قبل ثلاث سنوات أو أربع يدخل فندقاً في باريس، وبدا كأن عمره مئة سنة، واخترت ألا أكلمه فقد كنت واثقاً في أنه لن يعرفني مع أنني جالسته مرات عدة.

لا أتوقع أخباراً أفضل في 2016، ولكن أختتم كما بدأت متمنياً أن تكون الملكة إليزابيث محقة في تفاؤلها.