IMLebanon

عباس : السلطة براء من ارهابيي المخيمات

بعبدا  – تيريز القسيس صعب

شكلت  زيارة رئيس دولة فلسطين محمود عباس امس الى لبنان محطة سياسية وديبلوماسية وامنية مهمة، نظرا للمواضيع  والملفات التي تم بحثها ان في اللقاء الثنائي  الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع نظيره الفلسطيني، ام من خلال المحادثات الموسعة بين الطرفين والتي كان لها دلالات ومعان كبيرة.

مخيم عين الحلوة كان له الحصة الاكبر بين المحادثات خصوصا بعد ان تحول الى بؤرة امنية خطرة وملاذاً للخارجين عن السلطة اللبنانية.

فوفق مصادر سياسية مطلعة لــ «الشرق» قالت المصادر ان القيادة الفلسطينية رفعت الغطاء  عن اي اخلال بالامن يقوم به اي طرف فلسطيني تحت حجة مناصرة القضية الفلسطينية وبالتالي يمكن للقوى الامنية والجيش اللبناني اتخاذ اي اجراء ضد المخلين بالامن اللبناني.

اضافت المصادر «الى ان هذه الخطوة مهمة، لانه تم التشديد من قبل الجانب اللبناني خلال المحادثات  بأن  لبنان لن يقبل ان يحتضن  الوجود الفلسطيني في لبنان اي عمل تخريبي او ارهابي، فكان موقف «ابو مازن» الواضح بانه مع مواقف الدولة والشعب اللبناني لاتخاذ اي اجراءات تحفظ امنهم  الداخلي».

ولفتت المصادر الى «انه تم التطرق ايضا الى دعم لبنان للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية والذي لم يتوقف خصوصا في ما يتعلق بحق العودة ووقف الاستيطان، ولذلك سيحرص الرئيس عون خلال مشاركته في القمة العربية المقبلة على اطلاق صرخة للم الشمل العربي حول القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا التي تهم كل الاقطار العربية».

اما في ما يتعلق باللقاء الثنائي الذي جمع الرئيسين قبل ان تتوسع المحادثات الموسعة، فقد اشارت المصادر السياسية في قصر بعبدا، الى انه كان مثمرا ومهما، فقد شكر عباس في البداية الرئيس عون على الدعوة التي وجهت اليه، واعرب عن سروره بانه اول رئيس عربي يزور لبنان منذ انتخاب الرئيس.

وقالت المصادر ان النقاش تناول تاريخ العلاقات بين البلدين ووضع المخيمات المتواجدة على الاراضي اللبنانية اضافة الى وضع اللاجئين الفلسطينيين، كما الجهود المشتركة لمواجهة الارهاب، وقد نوه الرئيس عباس بالتعاون القائم بين الاجهزة اللبنانية والفلسطينية في مجال المحافظة على الامن والاستقرار في المخيمات وفي محيطها.

اضافة الى ذلك، اكدت المصادر ان الطرفين تطرقا خلال اللقاء بينهما الى القمة العربية المقرر عقدها نهاية آذار المقبل في الاردن وتناولا جدول الاعمال، وتم الاتفاق على اهمية التضامن العربي، وان تكون هذه القمة مناسبة لابراز التضامن وتقوية اواصر ووحدة الدول العربية.

كذلك عرض عباس وفق المصادر ذاتها، نتائج الاتصالات التي يقوم بها مع الدول العربية والاجنبية والتي تتعاطف مع القضية الفلسطينية، وتبادل مع عون وجهات النظر في ما يتعلق بالوضع القائم في سوريا، والجهود الديبلوماسية المبذولة لايجاد حلول للازمة.

اما بالنسبة الى المحادثات الموسعة فقد اشارت المصادر، الى ان الرئيسين عرضا الخطوط العريضة للنقاط التي تمت مناقشتها ثنائيا، وشرح الرئيس الفلسطيني امام الوفد موقفه من موضوع القدس الشرقية، واكد ان القدس تبقى عاصمة لدولة فلسطين، واي حل لن يكون حلا دائما الا اذا كان عادلا وشاملا بحسب قرارات الشرعية الدولية.

كذلك اكد عباس  امام الوفد، ان السلطة الفلسطينية لن تقبل بنقل الولايات المتحدة سفارتها الى القدس، كما باستمرار اعمال الاستيطان الاسرائيلي، مجددا التأكيد بعدم التدخل بالشؤون الداخلية العربية، وضرورة توحيد المواقف في مواجهة الارهاب.

كذلك شكر الرئيس  عباس الوزير جبران باسيل على الجهود الديبلوماسية التي تبذل ووقوف لبنان الى جانب القضية الفلسطينية خصوصا خلال مؤتمر باريس الاخير. وقال ان لبنان كان دائما الى جانب فلسطين ولن ينسى الشعب الفلسطيني ما قدمه  لبنان له راهنا وماضيا ومستقبلا.

بدوره الرئيس عون اكد في المحادثات الموسعة  ان مواقف لبنان تنبع من ايمانه بعدالة القضية الفلسطينية، وانه حريص على ان تتحقق عودة اللاجئين الفلسطينيين في اقرب وقت ممكن الى ديارهم.

وقالت المصادر انه تم عرض مفصل لاوضاع المخيمات وتحدث اعضاء الوفدين عن اوضاع المخيمات وقدم الموفد الفلسطيني عزام الاحمد عرضا عن الاتصالات والاجراءات التي تمت في المرحلة السابقة، وتبين ان بعضها حقق تقدما في حين ان البعض الاخر يحتاج الى مزيد من الجهود.

وكشفت المصادر الى ان عباس شدد خلال اللقاءات الموسعة على  ضرورة التعاون الكامل مع القوى الامنية والجيش في ما يتعلق بأمن المخيمات ورفع مستوى التنسيق بين الجانبين وتقرر عقد اجتماعات بين الوفدين على المستوى الامني خلال فترة الزيارة.

واشار ابو مازن خلال المحادثات ان ما يجري في المخيمات يؤذي القضية الفلسطينية المقدسة، وتقوم بها جهات غير مرتبطة بالمنظمات الفلسطينية.

وعلم ان قضية الجدار المبني في عين الحلوة لم يتم التطرق اليه في اللقاءات الموسعة.

قصر بعبدا

وكان الرئيس الفلسطيني وصل الى مطار رفيق الحريري الدولي عند الرابعة من بعد ظهر امس، حيث كان في استقباله رئيس بعثة الشرف وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، محافظ بيروت  زياد شبيب، قائد منطقة جبل لبنان العسكرية في الجيش العميد جورج خميس، مساعد قائد جهاز امن المطار العميد عزام الحسن، مدير عام الطيران المدني محمد شهاب الدين واعضاء سفارة دولة فلسطين في لبنان وفصائل منظمة التحرير والتحالف.

الاستقبال الرسمي

وبعد استراحة قصيرة في المطار، انتقل الرئيس الضيف يرافقه رفول الى القصر الجمهوري الذي وصله عند الرابعة والنصف حيث استقبله الرئيس عون عند المدخل الخارجي للقصر قبل ان تقام مراسم الاستقبال الرسمي ويتوجها الى المنصة الرئيسية. وبعد عزف النشيدين الوطنيين الفلسطيني واللبناني وتحية الرئيس الضيف العلم اللبناني، عرض الرئيسان عون وعباس حرس الشرف قبل ان يصافح الرئيس الضيف الشخصيات اللبنانية المستقبلة.

ثم قدم الرئيس عباس للرئيس عون اعضاء الوفد المرافق قبل ان تقدم له الزهور عند مدخل القصر من قبل طفلين باللباس الفولكلوري اللبناني.

محادثات ومؤتمر صحافي

بعد ذلك، توجه الرئيسان عون وعباس بين ثلة من رماحة الحرس الجمهوري الى صالون السفراء، حيث عقدا لقاء ثنائيا دام حوالى نصف ساعة قبل ان ينضم اعضاء الوفدين لتعقد محادثات موسعة، حضرها عن الجانب اللبناني: الوزيران باسيل ورفول، اللواء ابراهيم، السفير وهبة، العميد الركن ضاهر، العميد مطر، عزيز وشلالا. فيما حضر عن الجانب الفلسطيني: رئيس كتلة «فتح» البرلمانية عزام الاحمد، مستشار الرئيس باسل عقل، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة، مدير عام جهاز المخابرات اللواء ماجد فرج، مستشار الرئيس للشؤون الديبلوماسية مجدي الخالدي، السفير الفلسطيني في لبنان اشرف دبور وامين سر حركة «فتح» والفصائل الفلسطينية في لبنان فتحي ابو العردات.

وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، انتقل الرئيسان  الى صالون 22 تشرين الثاني، حيث عقدا مؤتمرا صحافيا  استهله الرئيس عون بكلمة اكد فيها أن «عدم الوصول الى حل عادل للصراع العربي-الاسرائيلي هو في أساس ما تعاني منه منطقتنا من تخبط واختلال توازن وانعدام استقرار، وعلى ان الحاجة اصبحت أكثر من ملحة لإيجاد حلول سياسية للأزمات وسفك الدماء المتواصل في بعض الدول العربية، لأنها وحدها قادرة على وضع حدِ لمعاناة طالت».

ولفت الى أن «المقاربة التي تعتمدها اسرائيل منذ نشوئها، في صراعها مع العرب، والتي تقوم على قاعدة القوة، قد تحقق لها بعض انتصارات آنية، ولكنها لا توصل للحل ولا للسلام، فلا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون احترام الحقوق».

وشدد الرئيس عون على «أهمية دور الرئيس الفلسطيني في المحافظة على استقرار المخيمات الفلسطينية في لبنان، فلا تتحول بؤرا لمن يبغي استغلال مآسي الشعب الفلسطيني، واستثمارها في الإرهاب والإخلال بالأمن».

من جهته اكد الرئيس عباس ان «اللاجئين الفلسطينيين على الأرض اللبنانية ما هم إلا ضيوف عليكم».

وقال: «نحن على ثقة بأنكم ستستمرون في حسن رعايتكم لهم واحتضانهم، ومن جانبنا، فإننا نعمل دائما أن يكون وجودهم إيجابيا إلى حين عودتهم المؤكدة إلى ديارهم ووطنهم فلسطين، الذي نصر عليه، ونحرص كل الحرص دائما لأن يبقى أبناء شعبنا بمنأى عن الدخول في صراعات المنطقة».

وقال الرئيس عباس ان «إسرائيل ما زالت تصر على مواصلة احتلالها لأرضنا، وإبقاء شعبنا في سجن كبير، وهو ما لن نقبله وسنواصل العمل بالطرق السياسية والديبلوماسية واستخدام أدوات القانون الدولي وحشد الدعم الدولي الثنائي والمتعدد، وسنعمل على تطبيق قرار مجلس الأمن 2334، وسنواجه النشاطات الاستيطانية وقرار الكنيست الأخير الذي يشرع سرقة الأرض الفلسطينية».