IMLebanon

كيف سيستطيع عون الجمع بين وعوده لجعجع وشروط الثنائي الشيعي

كيف سيستطيع عون الجمع بين وعوده لجعجع وشروط الثنائي الشيعي

الانتخابات على قانون 1960 وانكفاء حزب الله سياسياً هو غياب الضامن

شارل أيوب

كأني لم أعش 40 سنة حرب ولا تأليف حكومات ولا تجارب سياسية وجيش وصحافة وإذا بي لا افهم ما يحصل فعلياً، ذلك أن الكل كان يخفي أوراقه والمطلوب معلومات دقيقة وأنا على ابتعاد كامل عن كل القيادات السياسية لقرفي من السياسة في لبنان.

فتشت عن السبب الذي جعلني اصطدم بالوزير جبران باسيل ونادر الحريري أولاً فرأيت أن الوزير جبران باسيل مع نادر الحريري شكّلا جبهة باسم الرئيس العماد عون والرئيس سعد الحريري وباتا هما يؤلفان الحكومات ويوزعان الحقائب ويفتحان خطوطاً دولية سعودية – فرنسية – أميركية وفي كل الاتجاهات، واصبح الوزير جبران باسيل وزير طاقة ووزير اتصالات ووزير خارجية وولي عهد يعين من يريد وزيراً، أما نادر الحريري بغياب الرئيس سعد الحريري أخذ مجده في التفاوض مع كل الأطراف وشكل فراغ غياب الرئيس سعد الحريري فرصة له ليشكل ثنائياً مع الوزير جبران باسيل بالنتيجة أوصل العماد عون لرئاسة الجمهورية ولكن بأزمة كاملة.

منذ الآن أنا أوقع على ورقة بيضاء أن الانتخابات في المدى المنظور (ونقصد بالمدى المنظور سنتين أو ثلاث) هي على قانون 1960. وبدت الصورة كاريكاتورية، حرب بين من يريدون قيادة الجرافات والتزفيت والاشغال في لبنان، ثم وجدت امتعاضاً مسيحياً ضد الرئيس نبيه بري لهجومه على الثنائي المسيحي، فيما الرئيس سعد الجريري يتفرج ويقول الحمد الله الطائفة السنية خارج الصراع ولتحصل المعارك بين الشيعة والموارنة بين الثنائي الشيعي والثنائي الماروني وهو كان يعرف أن الوزير سليمان فرنجية لن يمر وقال أنه في أصعب الظروف إن ترشيحه للوزير سليمان فرنجية سيؤدي إلى شق الصف الماروني وخلاف الوزير سليمان فرنجية مع الرئيس العماد ميشال عون، وكان يعرف ذلك وهو في باريس، والرئيس سعد الحريري الذي أغلقت الأبواب في وجهه لعدم عودته رئيسا للحكومة والازمة المالية التي يعيش أوصلته إلى دق باب العماد ميشال عون معلناً ترشيحه العماد عون لرئاسة الجمهورية مرغماً أخاك لا بطل.

فتشت عن سبب اصطدامي بالاطراف السياسية عبر مقالات الصفحة الأولى في «الديار»، فوجدت أن المشكلة الأساسية هي أن العماد وقّع ورقة تفاهم مع حزب الله في مار مخايل وتحالف مع حزب الله وصدق معه حزب الله في دعمه لرئاسة الجمهورية، لكن حزب الله لم يوقّع على ورقة بيضاء للعماد ميشال عون كي يعطي وعودا ويلبي طلبات الدكتور سمير جعجع لدعمه لرئاسة الجمهورية.

وهذا ما حصل مع الوزير سليمان فرنجية، حيث حزب الله أعطى ضوءاً أخضر للوزير فرنجية للتفاوض مع الرئيس الحريري ولكن لم يمضِ له على ورقة بيضاء كي يشكل الحكومة ويعين قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان، وأمور كثيرة، بل وافق حزب الله على أن يفتح الوزير سليمان فرنجية خط اتصال مع الرئيس الحريري يخفف من حدة الصراع الداخلي ويضمن الاستقرار على الساحة اللبنانية مع فتح الحظوظ لفرنجية ان يصل لرئاسة الجمهورية في حال انسحب عون.

لكن حزب الله لم يستطع أن يرمي كل أتعابه وكل نضاله عند محادثات هذا الطرف أو الآخر أي عند الوزير سليمان فرنجية أو الرئيس العماد ميشال عون، ولذلك رأى أن افضل حل بالنسبة لترشيح العماد ميشال عون أن يقول الصدق وهو أنه وعد العماد عون برئاسة الجمهورية وبعد انتخاب العماد عون جاءت مشكلة تأليف الحكومة واكتشف حزب الله أن الرئيس ميشال عون ذهب بعيداً مع الدكتور سمير جعجع فانسحب وكلف الرئيس نبيه بري بالمهمة واصبح الرئيس بري زعيم الثنائي الشيعي وهو فعلاً أحد ركني الزعامة في الطائفة الشيعية ومحنك سياسياً ورأى أن أفضل وسيلة وضع الوزير سليمان فرنجية في وجه الدكتور سمير جعجع ووضع الدكتور سمير جعجع في وجه الوزير سليمان فرنجية وجعل الرئيس العماد ميشال عون يندم على وعوده للدكتور سمير جعجع بوزارة الاشغال أو غيرها فاصطدم الرئيس عون بالرئيس بري مع أن الجمهور الشيعي أحبه جداً لأنه شعبي وهو واياه يعيشان في خط واحد.

لكن الرئيس بري كان عنيفاً جدا كأنه ينتظر سنوات سيفا ليقطع به رؤوس من عذبوه سنوات وسنوات، كأنما معاناته في عهد الرئيس لحود 9 سنوات رئيسا للجمهورية وفي قيادة الجيش 9 سنوات ومع الرئيس ميشال سليمان، سببها الرئيس العماد ميشال عون الذي كان مبعداً عن لبنان 15 سنة. المهم فتشنا وفتشنا فرأينا أن المشكلة هي عند الرئيس ميشال عون فكيف يجمع بين جعجع وحزب الله؟

حزب الله يقول لا علاقة لي بالموضوع فبري هو المكلف سياسياً وعون يقول أريد تشكيل حكومة للانطلاق بالعمل وهي حكومة مؤقتة وارضوا معي بهذه الحلول وإذا بشعار الثنائية المسيحية تطفو على الوجه وكأن خراب لبنان هو من تفاهم المسيحيين بعد أن تم تهجيرهم وذبحهم وكل العذابات التي لحقت بهم، ونقول ذلك ليس لأني مسيحي بل لأني عشت ما عاناه المسيحيون في الحرب، خاصة من عام 1975 حتى عام 1981.

بيت الرئيس بري اعتبره بيتي وكما يقول السيد المسيح «إقرعوا يفتح لكم» هكذا كانت علاقتي مع الرئيس بري قبل الزعل الكبير الذي حصل الآن، وبالنسبة للدكتور سمير جعجع كنت على أفضل علاقة معه قبل سجنه وزرته أثناء سجنه ولكن انقطعت عن زيارته ورأيته مرة واحدة بعد خروجه من السجن، وليس عن خلاف سياسي، آما أنا فغير مقتنع بالطائف واعتبر ان غلطة الدكتور جعجع هو الاقتناع من السفير الأميركي ساترفيلد وإقناع البطريرك صفير بأن الطائف هو الحل فإذا به يضع المسيحيين في الزاوية بعد إقرار الطائف ويجعلهم خارج طاولة الحكم.

أما العماد عون فاسمح لنفسي أن اتوقف هنا ولست هنا كي احاكم أحداً بل اعطي رأياً بتواضع وفق تجربتي البسيطة، لم أتعلم بالسياسة كثيراً ولثلاثين سنة كتبت سوريا الأسد ولرتبة حاجب في الدولة تم منعي من الوصول ولماذا التقارير الكاذبة وحدها تفسر الأمور، واجهنا المحكمة الدولية ورفعوا السرية المصرفية عني وكشفوا حساباتي ولم يجدوا ورقة واحدة فيها أي شك.

آخر لقاء بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع المرحوم اللواء رستم غزالي طلبها مني الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومع ذلك جاء ابنه الرئيس سعد الحريري يكرهني وهو مثل ابني حنا في السياسة بحاجة كي اعلمه ساعات كيف يمارس السياسة ولكن كيف يتعلم وهو ضعيف أمام الامراء يفتش دائماً عن الرضى ولا يستطيع أن يرفع رأسه بل قام بتحسين عضلات جسمه بالرياضة وحسنا فعل وكلما زادت العضلات ضعفت العقول.

الرئيس بري يريدني أن أكون منجماً فلكياً. أعرف أنه لا يؤيد عون إلى اقصى حد وانا كنت اعتقد أنه على شبه حياد بين تأييد حزب الله لعون وبين رفضه لعون ولم أزره منذ فترة طويلة ولذلك لم يبح لي بأي سر ولا هو يبوح. العماد عون أب انساني كله عاطفة وحقق حلمه في نهاية حياته في سن الـ 83 وأصبح رئيسا للجمهورية فهل نهجم عليه وهو يمضي السنوات الأخيرة من حياته واطال الله عمره.

ونعود إلى النتيجة وهي هل يستطيع الرئيس العماد ميشال عون الجمع بين حزب الله والدكتور سمير جعجع في قواسم مشتركة جدية استراتيجية تتعلق بوجود لبنان وتحديد العدو والصديق؟

هل يستطيع الرئيس بري تخفيف اندفاعه بشأن الحكومة ويساعد على حل مشكلة فرنجية – جعجع شرط عدم دخول الوزير جبران باسيل ونادر الحريري على طريق الحل؟

أخيرا يبدو أن الفراغ التشريعي والفراغ الحكومي والفراغ الرئاسي باتت مادة يمضغها اللبنانيون ويحبونها مثل نبتة «القات» في اليمن ولذلك دخلنا مرحلة الفراغ في تشكيل الحكومة إلا إذا اجتمع رئيس الجمهورية العماد عون ورئيس مجلس النواب بري وحدهما دون سعد الحريري واوجدوا الحل المناسب.