IMLebanon

ملف اللاجئين الى «بروكسل» والحل في دمشق… الجرود نحو «الاسوأ»

ابراهيم ناصرالدين

الوضع الامني الداخلي لا يزال ممسوكا، والتفاهمات السياسية في البلاد لا تزال تتقاطع مع رغبات دولية واقليمية، بوجوب بقاء الاستقرار على الساحة اللبنانية، وهذا ما ترجم خلال الساعات القليلة الماضية على الارض سرعة في لملمة تداعيات اشكالات متفرقة، والتباسات امنية، جرى وضعها في اطارها الصحيح، وتمت معالجتها بالاتفاق على مرجعية القوى الامنية اللبنانية كجهة صالحة وضامنة لامن الجميع. هذا في الداخل اما على الحدود الشرقية فلا تبدو المؤشرات مطمئنة، المعطيات تفيد برفع درجة الاستنفار في المنطقة تحسبا «للاسوأ». اما على الصعيد السياسي فان رئيس الحكومة سعد الحريري «يطرق» «الباب» الخاطىء في بروكسل لمعالجة مسالة النزوح السوري، ويصر على عدم فتح «قنوات اتصال» مع دمشق… وفيما يراوح القانون الانتخابي مكانه بانتظار انتهاء «جولة» استراليا، ومؤتمر بروكسل، علم ان الرئيس الحريري سمع خلال زيارته الاخيرة الى السعودية تحذيرات من وجود تحركات جدية لدى اطراف مسيحية في لبنان بالتعاون مع جهات اوروبية لتعديل اتفاق الطائف…

ووفقا لاوساط ديبلوماسية مطلعة، سمع الرئيس الحريري كلاما ملفتا في الرياض حول قلق المملكة على اتفاق الطائف، على الرغم من «تطمينات» الرئيس ميشال عون في زيارته الاخيرة. وكان ولي ولي العهد محمد بن سلمان مهتما بالاطلاع على اسباب عدم النجاح في انجاز قانون انتخابات جديد، مؤكدا لرئيس الحكومة انه سمع كلاما «مقلقا» من جهات اوروبية تحدثت صراحة عن ضرورة تعزيز دور المسيحيين في النظام السياسي اللبناني، وعن وجوب اتخاذ اجراءات دستورية لطمأنتهم، وهو ما يرى فيه السعوديون محاولة «جس نبض» لتعديل اتفاق الطائف. وتعتقد الجهات الداعمة لهذا التوجه ان المسيحيين في لبنان لديهم فرصة سانحة اليوم في ظل التحالف بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، لتحقيق ذلك، مستغلين حالة الوهن في العالم العربي «السني» وعدم رغبة «المكون الشيعي» بالدخول في مواجهة تحد من رغباتهم، لاعادة استرداد ما خسروه من صلاحيات بعد انتهاء الحرب.

 هذا الكلام الاوروبي الذي وصل الى مسامع المسؤولين السعوديين، يجد في بيروت الكثير من المعطيات الملموسة التي تشير الى واقعيته… وبحسب اوساط مقربة من تيار المستقبل، فان البعد الطائفي في قوانين الانتخاب التي يطرحها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بالتضامن والتكافل مع القوات اللبنانية، تثير «الريبة» خصوصا ان «التخبط» الاخير في محاولة وزير الخارجية شرح اسباب التعثر في قوانين الانتخاب وتدعو للشك حول رغبته في الوصول الى قانون انتخاب جديد، وكأن المطلوب ايصال البلاد الى «المأزق» السياسي والدستوري الذي تفتح معه من جديد مسألة تعديل اتفاق الطائف.. وفي هذا السياق زاد المؤتمر الصحافي قبل الاخير للوزير طلال ارسلان، الذي طرح خلاله مجددا فكرة عقد مؤتمر تأسيسي، الشكوك حول الخلفيات من وراء طرحه، خصوصا انه على علاقة جيدة مع بعبدا، وكان قد زار الرئيس مؤخرا…

ووفقا لاوساط سياسية مواكبة لهذا الملف، فان الرئيس الحريري الذي اوحى بالقبول بقانون باسيل الاخير، ينتظر ان يخرج الرفض من غيره، وهو يشعر ان ما يجري مجرد «مراوغة» «ومناورة» خصوصا ان الاسبوعين الاخيرين لم يشهدا اي تقدم في النقاش حول قانون الانتخابات، والوزير جبران باسيل يعطي كل يوم جوابا مختلفا، في البدء قال ان حزب الله وافق مع بعض الملاحظات، ثم قال لا حقا انه ينتظر اجوبة الحزب.. فيما حقيقة الامر ان قيادة حزب الله تنتظر منه اجوبة على ملاحظاتها، وحتى الان لم تحصل عليها… وفي السابق حاولت الرئاستان الثالثة والثانية استيعاب قرار رئيس الجمهورية بتفضيل الفراغ على اي شيء آخر، من خلال اعتبار المسألة مجرد حث للتوصل لقانون جديد، لكن عدم المبالاة في سقوط المهل القانونية، والاستمرار في تقديم قوانين «طائفية»، وحصر الملف بشخص باسيل الذي اختار تكثيف جولاته في لحظات حرجة، كلها دلائل على وجود علامات استفهام، وقد زادت جديتها بعد التحذيرات السعودية التي لم تأت من فراغ، خصوصا ان المعلومات تشير الى وجود شخصيات مسيحية تعمل على خط انضاج الفكرة… تبقى الاسئلة مفتوحة عن كيفية مقاربة الحريري لهذا الامر بعد عودته؟

 معالجة خاطئة لازمة النزوح

قبل ساعات من بدء اعمال مؤتمر بروكسل، عبرت اوساط في 8آذار عن عدم رضاها على استراتيجية الوفد الرسمي اللبناني الذي سيشارك في المؤتمر لانه ينطلق من سياسة «آحادية» صاغها رئيس الحكومة سعد الحريري وفريق عمله ويرفض قبول اي مراجعة، وتحت عنوان «ان لبنان يلتزم المواثيق الدولية في عودة النازحين الى ديارهم» تنحصر رغبة رئيس الحكومة في معالجة تداعيات اللجوء ولا يريد اي حديث عن حلول وامكانية لتسوية تعيدهم الى بلادهم، والهدف الرئيسي بات الحصول على هبات وقروض ميسرة تصل الى حدود 10 مليارات دولار لتأهيل البنى التحتية على الرغم من اسئلة كبيرة حول كلفتها على الاقتصاد مع الزيادة المرتقبة على الدين العام في البلاد… انها استراتيجية «ابتزاز» ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من خلال استخدام ملف اللاجئين للمساومة، والتهديد بارسالهم الى اوروبا اذا لم تتحمل «القارة العجوز» مسؤولياتها المالية والسياسية، وهي سياسة خطيرة للغاية تبناها الحريري في تصريحاته الاخيرة قبل بدء زيارته الاوروبية، ولم تلق استحسانا لدى القادة الاوروبيين… بحسب اوساط دبلوماسية اشارت الى ان رئاسة الحكومة اللبنانية تتبنى معلومات غربية تفيد بان غالبية السوريين الموجودين في لبنان يرفضون العودة الى سوريا قبل إنجاز التسوية السياسية في البلاد، مع العلم ان الانتخابات الرئاسية الاخيرة كشفت عن وجود اعداد كبيرة من اللاجئين الذين هربوا قبل سنوات نتيجة اعمال العنف وليس لمعارضتهم النظام السوري، وقد تغيرت الاوضاع كثيرا على الارض وباتت غالبية سوريا «المفيدة» آمنة والامر يحتاج الى قرار سياسي لبناني بفتح قنوات الاتصال مع الحكومة السورية لتنسيق عودة هؤلاء…

وعلم ان مسؤولا حكوميا سوريا ابلغ من راجعه من اللبنانيين مؤخرا بان الحكومة السورية مستعدة لنقاش اي خطة لاعادة هؤلاء الى الاراضي السورية، ولدى الدولة خطط جاهزة لاستقبال آلاف النازحين في آماكن ايواء مؤقتة، فيما عادت الحياة الى طبيعتها في الكثير من الاماكن التي تهجر منها القسم الآخر… لكن المشكلة تبقى لدى الحكومة اللبنانية المصرة على عدم فتح قنوات اتصال رسمية مع دمشق، وتستمر في موقفها بمقاطعة الحكومة السورية، «بوابة» الحل معروفة والمدخل اليها «واضح» و«الطريق» مفتوحة امام من يريد التوصل الى حل لهذه المعضلة، لكن الحكومة السورية لا تزال تسمع كلاما متناقضا من المسؤولين اللبنانيين، بعضهم يقول انه لا يمانع من الحديث معها في هذا الملف، ولكنه لا يقدم على اي خطوة عملية، والبعض الاخر يجاهر بعدائيته ولا يريد فتح النقاش حول هذا الملف، «الكرة» في «ملعب» لبنان وليست في اي مكان آخر…

 تعزيزات في الجرود

وفي جديد متابعة التطورات المتلاحقة في جرود السلسلة الشرقية، تفيد معلومات انه تم رفع الجهوزية على كامل الحدود بسبب تكرار محاولة المسلحين «جس نبض» مواقع الجيش، وحزب الله، على كامل نقاط التماس، وآخر «بروفة» كانت بعد ظهر امس الاول في جرود فليطا حيث صدت المقاومة هجوما مباغتا وسقط لها شهيد في المعركة.. وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، فان الساعات القليلة الماضية شهدت زيادة في رفع درجة الاستنفار، وتم ارسال تعزيزات «نوعية» الى المنطقة، بعد رصد المزيد من تحركات للمسلحين، ووصول معلومات استخباراتية عن نوايا «هجومية» لديهم في محاولة لاستباق ما يعتقدون انه «معركة» حاسمة يعد لها الجيش السوري وحزب الله..