IMLebanon

لبنان: الجلسة الرئاسية تستعيد سيناريو سابقاتها وتأخير الموعد المقبل… يعيد خلط الأوراق

الجولة الرقم 45 في تعداد جلسات انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، استعادت أمس سيناريو سابقاتها، ولم تخرج من سياقها التقليدي، على رغم تزايد الحضور الذي وصل إلى 53 نائباً، بعدما كان تراجع في الجلسات الأخيرة إلى أدنى مستوياته.

وفي وقت كان يترقب البعض الموعد الجديد الـ46 لاستكشاف قرب نضوج التسوية الرئاسية أو عدمها، فاجأ رئيس المجلس النيابي نبيه بري المتابعين لسير الجلسات بتأخير الموعد لشهر وثلاثة أيام، بإعلانه 31 تشرين الأول (أكتوبر) موعداً جديداً للجلسة المقبلة.

وفيما ذكرت مصادر نيابية لـ «الحياة» أن هذا «التأجيل الطويل وغير المسبوق، يحمل رسالة سياسية اعتراضية من رئيس البرلمان على ترشيح (رئيس تكتل التغيير والإصلاح النيابي) العماد ميشال عون، وعن أي طبخة تجرى بمعزل منه»، أشارت هذه المصادر إلى أنه «يمكن تقريب هذه الجلسة فور نضوج الطبخة الرئاسية، لكن بشرطها وشروطها». ووجد العديد من النواب في تحديد 31 تشرين الأول إشارة إلى أن الاتصالات في الشأن الرئاسي لن تتوصل إلى نتائج قريبة.

ولفتت مصادر نيابية إلى أن ترحيل جلسة الانتخاب إلى هذا التاريخ سيدفع حتماً في اتجاه المزيد من إعادة خلط الأوراق، وربما إلى تأكيد معظم الكتل أنها ثابتة على موقفها من المرشحين، إضافة إلى أن مجرد الترحيل سيفتح الباب أمام عودة السجال مجدداً حول تشريع الضرورة ووجوب عقد جلسة تشريعية تلي الجلسة الأولى التي تعقد في أول ثلثاء بعد 15 تشرين الأول والمخصصة لانتخاب أعضاء هيئة مكتب المجلس.

وفي هذا السياق، سأل عدد من النواب: لماذا لا يناقش مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة للعام 2017 الذي أعده وزير المال علي حسن خليل ويحيله إلى البرلمان لإقراره وربما بمادة وحيدة لضيق الوقت؟ كما أن ترحيل الجلسة سيستدعي مراقبة رد فعل العماد عون، الذي بدأ يتصرف وكأنه الأقرب إلى الرئاسة من منافسه فرنجية، خصوصاً أنه على موعد مع تحرك لمحازبيه في 13 تشرين الأول، أي قبل بدء العقد العادي للبرلمان. فهل يتعامل مع هذا الترحيل وكأنه المستهدف منه، لأن الوقت قد لا يكون لمصلحته؟ إضافة إلى أن تعذر انعقاد مجلس الوزراء اليوم قد يسرع من تحرك عون، إذ لا مفر من التمديد مرة ثالثة لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وكان لافتاً أمس حضور النائب أسطفان الدويهي الجلسة، وإعلانه استمرار ترشح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة، وهذه المشاركة تحصل للمرة الأولى من نائب في كتلة فرنجية، وهي الكتلة التي دأبت على التزام قرار مقاطعة الجلسات من جانب «حزب الله» و«تكتل التغيير والإصلاح» وبعض قوى 8 آذار، في انتظار تأمين أرجحية انتخاب عون كما يعلن «حزب الله». وحضور الدويهي رأى فيه البعض رداً على جزء من الأسئلة التي تطرح في أوساط النواب الذين أيدوا ترشيح فرنجية، عن سبب استمرار غيابه عن الجلسات. وأكد الدويهي أن «المداولات والمشاورات ما زالت في بداياتها، وموقف الرئيس الحريري واضح بترشيح الوزير فرنجية»، لافتاً إلى أن «الاتفاق على سلة متكاملة يتطلب وضوحاً ورؤية وتفاهماً وتجاوزاً للمنافع الشخصانية والمحاصصات التي تتناقض مع الدستور والميثاق كما نفهمه، فعندما نكون أمام خيار المصلحة الشخصية وخيار المصلحة الوطنية، من المؤكد أننا سنختار المصلحة الوطنية»، مشدداً على أن «حضورنا واضح في جلسات انتخاب الرئيس، ومستعدون لانتخاب رئيس الجمهورية أياً يكن».

شهادة صحية

وحفلت التصريحات التي رافقت حضور النواب الجلسة الفاقدة للنصاب ببعض المواقف الحادة، ومنها ضد خيار العماد عون التي أطلقها رئيس «حزب الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون الذي طلب من الذي يريد الترشح إلى الرئاسة وبلغ سن 80 «أن يأتي بشهادة طبية تؤكد أن صحته جيدة كي يعمل 10 ساعات على الأقل في اليوم، وتؤكد مؤهلاته الصحية الواجب توافرها لكي يستطيع أن يحكم في هذا المنصب».

وأثار موقف شمعون حفيظة إعلاميي تلفزيون «أو تي في» في ساحة النجمة، فردوا عليه بكلام جارح: «ألا ينطبق الكلام عليك، عيب (…) هذه ليست سياسة، هذا كلام شخصي». وكان التعليق من أحد النواب بأن الدكتور غطاس خوري (مستشار الرئيس الحريري) هو المخول بإعطاء المرشح شهادة صحية.

وفي المقابل، أطلقت مواقف مرحبة بجولة الاتصالات التي يجريها الرئيس الحريري، وقال نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان بعد خلوة عقدها مع رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة: «علينا ألا نطوي صفحة التشاور الناشط ونحن نثمن التحرك والمشاورات التي يجريها الرئيس الحريري بغية إيجاد مخرج وتفاهم على الرئاسة وهذا التحرك نعول عليه وهو خطوة أساسية للخروج من المأزق الذي نحن فيه، ونأمل في أن ينجم عن هذه الخطوة انتخاب الرئيس في وقت قريب، وبعد أن يستكمل هذا التحرك مع الرئيس بري نأمل في أن نصل إلى نهاية قريبة لهذا الموضوع، خصوصاً وأن الجو الضاغط والتهديد بالنزول إلى الشارع وكل هذه الأجواء لن تؤدي إلا إلى مزيد من المشاكل، وعلينا جميعاً أن نبذل الجهد الكبير لتجنبها».

ورأى أن «في تيار المستقبل ليس هناك «غروبات» أو اصطفافات، هناك آراء مختلفة وفي النهاية سيكون قرار واحد لكتلة المستقبل».

وعن الموعد الجديد الذي حدده بري قال عدوان: «الرئيس بري أراد أن يقول للجميع إذا كنتم تطبخون بمعزل مني لا تستطيعون أن تأكلوا. تفضلوا إما أن تأخذوا رأيي كـ «شيف» طباخ وإما لن تأكلوا». وأكد أنه «في قوى 8 آذار هناك دور أساسي لحزب الله، وعنده دور مرجعي، وقدرة كبيرة على التحرك وعليه أن يبذل الجهد المطلوب منه لدفع قوى «8 آذار» باتجاه انتخاب العماد عون، فهو يقول إنه الممر الوحيد والإلزامي لانتخابات الرئاسة وعليه ترجمة دعم عون إلى أفعال».

وأكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج أن «لا تغيير في موقف تيار المستقبل إلا بالاتفاق مع الوزير فرنجية»، موضحاً أن « الرئيس الحريري سيجمعنا من جديد لوضعنا في نتائج المشاورات التي يجريها». وقال: «لو اكتمل النصاب اليوم (أمس)، كنا سننتخب فرنجية، لكن غداً لا أحد يعرف ماذا يتغير»، لافتاً إلى أن «لا فيتو على شخص مرشح، نحن نريد انتخاب الرئيس وإذا نجح العماد عون وأخذ الأكثرية المطلوبة سنهنئه».

وأمل النائب عاطف مجدلاني «في أن يلاقي الرئيس الحريري التجاوب المناسب من جولته ليعود إلى كتلة المستقبل لاتخاذ القرار المناسب».

أما النائب إميل رحمة الذي لفت حضوره أيضاً إلى ساحة النجمة، فاكتفى بجملة واحدة مفادها أن «جلسة انتخاب رئيس لن يكتمل نصابها إلا في الجلسة الـ47».

وفي لقاء الأربعاء، أكد بري، موقفه «أن الاتفاق على جملة التفاهمات هو المعبر للحل المتكامل الذي يبدأ برئاسة الجمهورية».

ونقل نواب عنه أن «ليس لديه شيء حتى الآن في شأن ما يثار ويقال حول الرئاسة والحراك الحاصل الآن».

تأجيل التحركات العونية

من جهة ثانية، علمت «الحياة» أن قيادة «التيار الوطني الحر» أجلت التحركات في الشارع التي كانت تنوي القيام بها تحت شعار المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية وإقرار قانون انتخاب جديد وتطبيق الميثاقية في القرارات الحكومية، حتى إشعار آخر، في انتظار نتائج الاتصالات التي يجريها زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري حول الرئاسة، وسط ترقب محيط زعيم التيار العماد ميشال عون نتائج ايجابية منها تسمح بانتخابه للرئاسة.

وذكرت مصادر متعددة نيابية وتنظيمية في التيار أن التحضير للتحرك كان يفترض القيام بخطوات أولية منذ مساء أول من أمس بحصول اعتصامات، إثر انتهاء الجلسة النيابية الـ 45 للبرلمان لكن ارتؤي ترك المجال للاتصالات السياسية حول الرئاسة ليتقرر في ضوئها أي تحرك في الشارع.