IMLebanon

واشنطن «تُشكك» بنجاح التسوية الرئاسية للبنان

انصرف معظم الفرقاء اللبنانيين إلى التكيف مع خلط الأوراق الجديد الذي أحدثه إعلان زعيم «تيار المستقبل» الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري دعمه ترشح زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، قبل 10 أيام من جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب الرئيس في 31 الجاري. وعمد بعض أعضاء الكتل النيابية إلى احتساب الأصوات التي يفترض أن يحصل عليها عون مقابل تلك التي سيحصل عليها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية حليف «الجنرال» السابق، المستمر في ترشحه. (للمزيد)

وفي أول تعليق خارجي على خيار الحريري دعم عون، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في واشنطن (أ ف ب) رداً على سؤال في وزارة الخارجية لدى استقباله نظيره الكويتي صباح الخالد الصباح: «نحن نأمل بالتأكيد بأن (يحدث) تطور في لبنان، لكنني لست واثقاً بنتيجة دعم سعد الحريري (..) لا أدري». وأضاف كيري الذي نادراً ما يعلق على الشأن اللبناني، بحذر: «نحن نأمل بأن يتم تجاوز هذا المأزق الذي يؤثر على لبنان والمنطقة».

وفي باريس قالت مصادر فرنسية مسؤولة لـ «الحياة»، إنها ستمتنع عن الإدلاء بأي تصريح حتى يوم انتخاب الرئيس في لبنان، لأنها لا تريد التدخل ولا تأييد أي كان، فلا مرشح لديها». ولم تستبعد أن «يزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبنان بعد ذلك للتهنئة بالرئيس المنتخب أياً كان».

وفيما تترقب الأوساط السياسية طبيعة الفرز السياسي الجديد الذي سيفرضه الخرق الذي أحدثه الحريري في جدار الشغور الرئاسي المتواصل منذ زهاء سنتين ونصف السنة، قالت مصادر عون لـ «الحياة»، إنه مطمئن إلى حصوله على أكثرية الأصوات في البرلمان في الدورة الثانية من الاقتراع التي تتطلب أكثرية النصف + 1 (65 نائباً) متوقعة نيله زهاء 75 صوتاً (الدورة الأولى تحتاج إلى 86 نائباً)، مقابل توزع بقية الأصوات بين ورقة بيضاء وتأييد فرنجية. وأوضح زوار عون استناداً إلى لقائه مساء أول من أمس مع الحريري، أن الأخير مطمئن إلى حجم الأصوات التي ستصب لمصلحة عون من أعضاء كتلته. وأشارت مصادر عون إلى أن مسألة رفض بري التصويت له تركها الحريري للجنرال كي يعالجها بالتنسيق مع حليفه «حزب الله». وفيما أكدت مصادر بري لـ «الحياة» أنه ليس في وارد تأجيل جلسة الانتخاب المنتظرة وأنه سيحضرها على رأس كتلته، قالت مصادر في كتلة عون لـ «الحياة»، إنه «جرت محاولة جس نبض لفكرة التأجيل من نواب مقربين من «حزب الله» مع نواب عون، بحجة إعطاء الوقت لمعالجة موقف بري المعارض لخياره، لكننا قطعنا الطريق على البحث باحتمال كهذا والعماد عون ليس بهذا الوارد».

وعلمت «الحياة» أن الحريري بدأ منذ أمس تخصيص جزء من حركته للقاء عدد من النواب المعارضين لخيار «المخاطرة الكبرى» التي قرر ركوبها بالاقتراع لعون، من أجل ثنيهم عن هذه المعارضة استناداً إلى المرافعة التي قدمها أول من أمس عن اتفاقه مع الأخير على حفظ نظام الطائف، «وعدم تعديله إلا بإجماع اللبنانيين»، وعلى «تحييد الدولة اللبنانية بالكامل عن الأزمة في سورية»، و «العودة إلى علاقات طبيعية معها متى اتفق السوريون على نظامهم ودولتهم». وهذا يعني أن لا زيارات رسمية ورئاسية لسورية.

وذكرت مصادر «المستقبل» أن الحريري يسعى إلى تقليص عدد المعترضين إلى أقصى حد، وسط اعتقاد، حتى من بعض المعارضين لخيار عون، أن معاكسة قرار الحريري لا تعني التصويت ضده في البرلمان لأن المطلوب على رغم عدم اقتناعهم بعون، تحصين زعيم «المستقبل» بالالتفاف حوله وحماية زعامته، في هذه المرحلة الدقيقة التي اضطرته إلى التوافق مع خصم الأمس لإنهاء الفراغ الرئاسي. إلا أن هذه المصادر أشارت إلى أنه يصعب الطلب إلى رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة أن يقترع لعون، بعدما أمعن الأخير ونوابه في حملات التجريح حيال رئيس الحكومة السابق، واتهامه بالفساد.

وعمد بعض قادة «المستقبل» إلى رصد ردود الفعل على خطاب الحريري أول من أمس، وتأثيره في جمهوره الذي تغلب عليه الخصومة مع عون، نظراً إلى الحملات التي كان يشنها في السنوات السابقة على تيار الحريري ورموزه. وذكرت مصادر «المستقبل» أنه مقابل السلبية حيال عون وجد جزء من مناصري الحريري أن خطاب الحريري «كان متماسكاً وشجاعاً في الإقدام على المبادرات الإنقاذية، وفي كل الأحوال لن يكون وضعنا ووضع البلد أسوأ مما نحن فيه، بعد انتخاب عون».

إلا أن خيار الحريري تسبب بتباعد بينه وبين بري الذي يعترض على التفاهمات الثنائية التي أنجزها مع عون، الذي نفى حصولها. وقالت مصادر مطلعة إن الخلاف بين الجانبين ظهر خلال جلسة الحوار الثنائي الذي يرعاه بري بين «المستقبل» و «حزب الله» في جلسته الـ35 أول من أمس، حيث انتقد ممثل بري انفراد فريق الحريري في إنجاز الاتفاقات مع فريق عون، كأن المطلوب منه أن يبصم عليها.

وأعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي كان دعم ترشيح عون مطلع السنة، بعد لقائه الأخير، أنه «من المرات النادرة سيكون لنا رئيس صنع في لبنان». وإذ توقع جعجع أن يتولى الحريري رئاسة الحكومة بعد انتخاب «الجنرال»، قال: «هذه الخطوة هي الأولى على طريق تطبيق اتفاق الطائف، الذي لم يطبق يوماً بشكل فعلي». وقالت مصادر مطلعة على نتائج الاجتماع إن القطبين المسيحيين اتفقا على الإشادة بجرأة الحريري ومبادرته وعلى وجوب الوقوف إلى جانبه. وأوضحت المصادر أن عون أطلع جعجع على نتائج لقائه بري، وفيها أن الأخير شدد مرة جديدة على أنه لن يقاطع جلسة الانتخاب، ولم تظهر منه نية تغيير موقفه المعارض لانتخابه، وأنه قال: «نحكي بعد الانتخابات»… وينتظر أن يزور عون مطلع الأسبوع المقبل رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الذي يترأس اليوم اجتماعاً للقاء لاتخاذ الموقف.