IMLebanon

هولاند مُكرّماً الحريري: تحمل شعلة والدك

رئيس الحكومة في برلين اليوم وبروكسيل غداً: الاستثمار في لبنان لمحاربة الإرهاب

هولاند مُكرّماً الحريري: تحمل شعلة والدك

على خُطى والده وصورته كرجل الدولة والاعتدال والنضال من أجل سيادة لبنان ووحدة أبنائه، دخل سعد رفيق الحريري أمس قصر الإليزيه رئيساً للحكومة مُكللاً بشرف الصداقة اللبنانية – الفرنسية المتينة وخرج منه معزّزاً مكرّماً بوسام «جوقة الشرف برتبة كوماندور» قلّده إياه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تقديراً لما يقوم به «من أجل لبنان» وللاستمرار في «حمل شعلة والدك وهو كان يمثل الاعتدال وعرف كيف يُخرج لبنان من الحرب الأهلية من خلال الحوار والتسوية والمصالحة بين اللبنانيين، وعرفتم كيف تستمرون في المسيرة وتمضون قدماً في النضال للحصول على استقلال وسيادة لبنان» بحسب تعبير هولاند متوجهاً إلى الحريري، الذي حرص بدوره على اعتباره «شرفاً عظيماً» يشمل كذلك عائلتيه «الصغيرة» التي أحاطت به خلال الاحتفال و«الكبيرة التي تضم كل اللبنانيين واللبنانيات الذين يكنون تعلّقاً خاصاً بفرنسا»، مخاطباً الرئيس الفرنسي بالقول: «الصداقة التي لطالما أظهرتموها تجاه لبنان وتجاهي شخصياً لا تُنسى.. وفي هذه اللحظات أفكر بتأثر عميق بوالدي الذي كان ليفخر جداً بهذا التكريم الذي يستحقه هو بشكل كامل».

وفي الكلمة التكريمية لرئيس الحكومة والتي شدد خلالها على كونها بمثابة «تحية لروابط الصداقة التي تربط لبنان وفرنسا»، استعرض هولاند مسيرة الحريري السياسية منذ اغتيال الرئيس الشهيد عام 2005 إلى مغادرته لبنان عام 2011 بسبب «التهديدات» التي طالته بينما كانت الحرب قد بدأت في سوريا ووضعته مواقفه من النظام السوري «في خطر»، مروراً بدوره الدائم في «البحث عن حلول لجمع كل الأطراف اللبنانيين»، وصولاً إلى مساهمته في وضع حد للفراغ الرئاسي وترؤسه «حكومة استعادة الثقة التي كان يجب استعادتها في لبنان، ومن الضروري أيضاً أن تُترجم من خلال الاستعداد للانتخابات النيابية». أما عن التحديات التي يواجهها لبنان على صعيد ضغط النزوح السوري ومواجهة التهديد الإرهابي، فأكد الرئيس الفرنسي أنها تستوجب «تضامن المجتمع الدولي تجاه لبنان وتضامن فرنسا بشكل خاص» في سبيل التمكن من بلسمة «جراح اللبنانيين وإقناع المستثمرين بالمجيء إلى لبنان» وسط إشارته إلى كون وجود الحريري «على رأس الحكومة يساعد بالتأكيد في ذلك»، ليخاطبه بالقول: «في هذه الفترة التي تسودها الاضطرابات، يمكنكم أن تعتمدوا على مساندة ودعم فرنسا، وهي ستقف دائماً إلى جانبكم».

وكان رئيس الحكومة قد وصل إلى قصر الإليزيه عصر أمس حيث كان في استقباله الرئيس الفرنسي وعقد معه اجتماعاً تم خلاله عرض للأوضاع في لبنان والمنطقة ومعاناة لبنان جراء أزمة اللاجئين السوريين وكيفية زيادة دعم المجتمع الدولي له. في حين كان الحريري قد أجرى ظهراً محادثات مع رئيس الوزراء الفرنسي بيرنار كازنوف في قصر ماتينيون حيث أدت له ثلة من حرس الشرف التحية الرسمية، وكان في استقباله في الباحة الخارجية نظيره الفرنسي، وعلى الفور عقدا اجتماعاً بحضور الوفد اللبناني المرافق وكبار المسؤولين والمستشارين في رئاسة الحكومة الفرنسية إلى جانب مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية جيروم بونافون. وإثر الاجتماع أوضح رئيس الحكومة أنّه تمنى خلاله على نظيره الفرنسي أن يكون لبلاده «دور كبير» في مساندة مطالب لبنان خلال مؤتمر بروكسيل غداً، مشدداً في هذا المجال على وجوب «أن يستثمر المجتمع الدولي في لبنان ويعطيه كل الإمكانيات» لكي يتمكن من الاستمرار في تحمل الأعباء الناتجة عن استضافة مليون ونصف مليون نازح سوري.

ورداً على أسئلة الصحافيين قال: «لبنان لا يمكنه أن يقوم بخدمة عامة للمجتمع الدولي من دون أن يتحمل هذا الأخير مسؤولياته تجاهه، فبلدنا يعاني اقتصادياً (…) ولا نريد أن يستغل أحد هذا الوضع ويدفع الشبان من النازحين السوريين أو من اللبنانيين إلى التطرف، إنما علينا محاربة الإرهاب بكل الطرق وليس فقط بالقوة، وعلينا أن نستثمر لكي نحارب الإرهاب (…) ولئلا تتحول مشكلة النازحين السوريين إلى مشكلة أكبر بالنسبة لنا في لبنان وبالنسبة إلى المجتمع الدولي».

وعشية مشاركته في «مؤتمر بروكسيل لسوريا والمنطقة» غداً لعرض خطة الحكومة اللبنانية إزاء مواجهة تداعيات أزمة النزوح، وصل الحريري مساء أمس إلى برلين في زيارة عمل يلتقي خلالها ظهر اليوم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مقر المستشارية، ويجري معها محادثات تتناول آخر مستجدات وتطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، وتداعيات أزمة النازحين السوريين وضرورة زيادة المساعدات الدولية لتمكين لبنان من مواجهتها. ويرافق رئيس الحكومة في زيارته وزير الثقافة غطاس خوري والوزير السابق باسم السبع ومدير مكتبه نادر الحريري.

الضيافة «الأسطورية»

وأمس برزت الرسالة – التغريدة التي عبّر فيها المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في لبنان فيليب لازاريني على حسابه عبر «تويتر» عن الضغط المتصاعد الذي تتعرض له البنى التحتية اللبنانية نتيجة تفاقم أزمة النزوح السوري، مفنّداً مسار الدعم الدولي غير الكافي للبنان ومشدداً على أنّ «التضامن الدولي ضروري مع لبنان أكثر من أي وقت مضى»، وكان لافتاً في معرض إضاءته على واجب استجابة المجتمع الدولي لخطة حكومة الحريري أمام مؤتمر بروكسيل قوله: «يجب ألا ندع الضيافة اللبنانية الأسطورية (للنازحين) تتحول إلى ضيافة مرهقة (…) الحفاظ على استقرار لبنان يعني الحفاظ على التسامح والتنوع في المنطقة، فاليوم، أكثر من أي وقت مضى، يجب أن يتطابق الدعم الدولي مع كرم لبنان كبلد مضيف».