IMLebanon

مفاجأة بري: لن أعطي صوتي لعون إلا إذا..

النفايات تهدّد بيروت مجدداً.. ورواتب أيلول غير مضمونة

مفاجأة بري: لن أعطي صوتي لعون إلا إذا..

لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السادس والثلاثين بعد الأربعمئة على التوالي.

لم يكن ينقص اللبنانيين سوى موجة الحر الشديد حتى يكتمل الحصار الذي يفرضه «تحالف» أزمات النفايات والكهرباء والشغور الرئاسي والشلل النيابي والتعثر الحكومي.

وحدها مهرجانات الصيف العابرة للضغوط والمناطق بدت بمثابة «رئة» للتنفس، تمنع الاختناق الكامل أو.. تؤجله.

وبينما تُستأنف اليوم جولات الكر والفر بين «شبه الدولة» والنفايات المرشحة للتصدير، ينعقد مجلس الوزراء الأربعاء المقبل، في جلسة «تحضير أرواح» كما أسماها أحد الوزراء، فيما رجحت مصادر سياسية انعقادها «على حافة الهاوية»، لا سيما أنها ستكون في مواجهة استحقاق شغور مركز رئيس الأركان في الجيش اللبناني مع انتهاء خدمة اللواء وليد سلمان، الجمعة المقبل.

وأغلب الظن أن وزير الدفاع سمير مقبل سيقترح من باب رفع العتب بعض الأسماء لتولي هذا المركز، فإذا تم التوافق على اسم معين يجري تعيينه، وإذا تعذر ذلك ـ وهذا ما سيحصل كما يؤكد العارفون ـ يلجأ مقبل إلى التمديد لسلمان من خلال قرار تأخير تسريحه في اليوم التالي (الخميس)، وهو السيناريو الذي سينطبق أيضا على العماد جان قهوجي في جلسة الأربعاء أيضا، على أن يسري مفعول التمديد للأخير اعتبارا من 24 أيلول المقبل.

وفي هذه الحال، تنتقل الكرة إلى ملعب «التيار الوطني الحر» الذي سيحدد، «بمن حضر» من الحلفاء، مسار التصدي لهذا القرار ومساحة الرد، وسط توقعات بأن يتحرك الشارع البرتقالي على نطاق واسع يتعدى حدود التحرك المحدود في المرة السابقة، وذلك بالتزامن مع تكبيل الحكومة وشل قدرتها على اتخاذ أي قرار.

وإذا كانت قضايا من نوع أزمة النفايات والتعيينات الأمنية وآلية عمل الحكومة تفرض إيقاعها منذ فترة على جلسات مجلس الوزراء، فإن استحقاق الـ «يوروبوند» الذي أصبح داهما من حيث المهل الزمنية سيقتحم الجلسة المقبلة، بقوة دفع من النائب وليد جنبلاط ممثلا بالوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور اللذين سيطلبان تفويض وزير المال علي حسن خليل القيام بما يلزم، تجنبا لأية تداعيات اقتصادية أو مالية.

رسائل بري لسلام وعون

في هذه الأثناء، قال الرئيس نبيه بري لـ «السفير» إن اللبنانيين فقدوا زمام المبادرة على مستوى معالجة أزمة الشغور الرئاسي وتداعياتها، مشيرا إلى أن «اللبننة انتهت كليا، والحل أصبح خارجيا بامتياز».

ولفت الانتباه إلى أن نضوج الحل المفترض يحتاج إلى بضعة أشهر، في انتظار أن يكون الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى قد أخذ مداه، معربا عن اعتقاده بأنه عندما يُقر هذا الاتفاق في الكونغرس، ويصبح نافذاً بمعايير الإدارة الأميركية، «ستبدأ مفاعيله بالظهور تباعا، وسيقف الجميع في الصف».

أضاف بري: «على كل من يهمه الأمر ان يعلم أنني والرئيس تمام سلام واحد، وبالتالي فإن خيار استقالته مرفوض، ومن يدفع في هذا الاتجاه إنما يدفع نحو الخراب». وتابع: انطلاقا من خبرتي وتجربتي مع رؤساء الحكومات السابقين، يمكنني التأكيد أن تمام سلام هو الأفضل بينهم، لكن للأسف فإن البعض ممن يتحمس لسقوطه لا يزال يحتاج إلى الكثير حتى يصبح متمكنا في السياسة.

واستغرب بري كيف أن العماد ميشال عون لا يزال يصر على اعتبار مجلس النواب الحالي غير شرعي، بسبب التمديد، وفي الوقت ذاته لا يجد حرجا في أن يطلب من هذا المجلس انتخابه رئيسا للجمهورية. ويضيف: أنا شخصيا لا أقبل هذا المنطق، وأرفض التصويت لمن يقول عني إنني غير شرعي، وإذا كان الجنرال يريد أن يتمسك بهذا الطرح، فأنا من جهتي أتمسك باحترام كرامتي وكرامة المجلس.

خليل: أزمة رواتب قريبة

من جهة ثانية، كشف وزير المال علي حسن خليل لـ «السفير» أن الدولة تواجه استحقاقات مالية من الآن وحتى نهاية العام الحالي بقيمة مليار و300 مليون دولار أميركي، من ضمنها 500 مليون دولار دفعة مستحقة في السابع من آب الحالي، وهي عبارة عن استحقاقات سندات دين (يوروبوند) سيتولى مصرف لبنان المركزي دفعها. وقال إن وزارة المال تمكنت مبدئيا من إيجاد تغطية قانونية لهذه السندات كلها (يوروبوند) من خلال إصدار تتولاه وزارة المال بناء على رأي هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل.

وأشار خليل إلى أننا في كل الأحوال نحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء من أجل القيام بالإصدار والاستبدال.

وأكد خليل لـ «السفير» أن قضية دفع الأجور والرواتب لموظفي القطاع العام بدأت منذ الآن تشكل عنصر ضغط على وزارة المال، وقال إنه في إحدى الوزارات لن يكون بمقدورنا منذ الآن دفع الرواتب، وهذه المشكلة ستتفاقم في نهاية أيلول المقبل.

وردا على سؤال قال خليل إننا أمام خيار من إثنين، أولهما التشريع في مجلس النواب، خصوصا وأن وزارة المال أعدت مشروع قانون أرسل إلى مجلس النواب منذ آذار الماضي لتسديد فرق الرواتب عن آخر موازنة مقرة في مجلس النواب، أي موازنة العام 2005.

أما الخيار الثاني، أضاف خليل، فيتمثل بتوقف الدولة نهائيا عن الإنفاق بما في ذلك وقف العمل بمراسيم (تتضمن صرف أموال) صدرت ونشرت في الجريدة الرسمية وصارت حقوقا للوزارات، على أن تتغير وجهة الصرف لمصلحة الرواتب والأجور، وهذه المسألة تحتاج أيضا إلى موافقة مجلس الوزراء، وإلا سنكون أمام مشكلة دفع رواتب بعد شهرين.

مستنقع النفايات

أما على مستوى فضيحة النفايات، فإن النقاش سيُستأنف اليوم حول خيار تصديرها إلى الخارج، في وقت فاض موقعا الكرنتينا وخلدة بزيادة عن الكميات التي يتسعان لها، ما يهدد بتجدد الأزمة في شوارع بيروت والضاحية.

وفيما قال الرئيس سلام لـ «السفير» إن اقتراح التصدير يُدرس من ضمن اقتراحات أخرى، عُلم أن بعض رجال الأعمال اللبنانيين طلبوا من الدولة منحهم تفويضا رسميا، يسمح لهم بالتفاوض مع شركات أجنبية، لكن هذا الطلب رُفض.

وأوضح وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ «السفير» أن أربع شركات ألمانية أجابتنا رسميا بالموافقة المبدئية، «علما أن كل شركة منها تستطيع نقل أربعين طنا شهريا»، مشيرا إلى أنه إذا لم تتم الموافقة على نقل النفايات إلى ألمانيا، ففرنسا والسويد مستعدتان أيضا للتعاون في هذا الموضوع.

وقال وزير الزراعة أكرم شهيب لـ «السفير» إن خيار تصدير النفايات لا يزال متقدما على غيره، مشيرا إلى انه يُدرس بجدية من كل جوانبه، وهناك شركات أوروبية معروفة بخبرتها وتجربتها أبدت استعدادا للتعاون.

وأشار شهيب إلى أنه في انتظار حسم النقاش حول هذا الأمر، فإن العشوائية لا تزال هي السائدة على مستوى المعالجة المرحلية لأزمة النفايات، ملاحظا أن فيدرالية النفايات أصبحت أمرا واقعا، وكل منطقة تحاول أن تتدبر أمرها لوحدها.

في المقابل، أبلغت مصادر وزارية «السفير» أن هناك صعوبة في أن يتمكن لبنان من الالتزام بالمعايير الدقيقة التي يضعها الاتحاد الأوروبي للموافقة على استيراد النفايات، لافتة الانتباه إلى أن الاتحاد يحدد شروطا فنية للفرز والشحن والنوعية ونسبة المياه في النفايات، إلى جانب اعتبارات أمنية مشددة تزيد فرضية التصدير تعقيدا ( راجع ص 4).