IMLebanon

بين مقاومة «الفراغ» . . ومقاومة «النصاب»

في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس سعد الحريري جاهداً الى مقاومة «الفراغ الرئاسي» عبر المبادرات التي سبق وقدمها وعبر جولاته الداخلية والخارجية من أجل إجتراح حلول، يسعى المعطلون وعلى رأسهم «حزب الله» الى مقاومة «النصاب» وتعطيل جلسات الإنتخاب ضمن سياسة يعتمدونها منذ أكثر من سنتين. بالأمس أثبت «حزب الله» أنه لا يريد إيجاد حلّ لهذا الملف الذي يثقل كاهل الدولة، ولا يريد حتى انتخاب مرشحه رئيساً للجمهورية عبر تعطيل نصاب جلسة الإنتخاب الخامسة والأربعين.

سياسة مقاومة «النصاب» هذه، حاول «حزب الله» ومسؤولوه رميها جزافاً على تيار «المستقبل» والرئيس سعد الحريري والمملكة العربية السعودية، والهروب الى الأمام وتغطية «السموات بالقبوات» وعلى رأس هؤلاء الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله من خلال كلامه الأخير قبل أيام والذي اتهم فيه تيار المستقبل «بالوقوف نتيجة عناده وراء تعطيل انتخاب رئيس وحصول التسوية». لكن «الشمس طالعة والناس قاشعة»، كيف أن الرئيس سعد الحريري يجول أرجاء البلاد في محاولة لإيجاد حل لهذه الأزمة وإنهاء هذا الشغور الذي يثقل كاهل البلد، فيما «حزب الله» مستمر في الضفة المقابلة بشهر سيف التعطيل والمقاطعة. فلو أنه فعلاً يريد مرشحه رئيساً للجمهورية لكان نزل الى المجلس وانتخبه وترجم التزاماته أو وعوده، ولو أنه يريد فعلاً رئيساً للجمهورية، لكان لاقى الرئيس سعد الحريري الى منتصف الطريق وأظهر نية حسنة تجاه حل هذا الموضوع أو على الأقل فتح طاقة للبحث عن تسوية وحلول ترضي جميع الأطراف.

فالحزب المستمر بمواقفه المتشبثة في هذا الملف، يثبت يومياً بعد يوم أنه لا يريد رئيساً للجمهورية حتى لو كان مرشحه، وإستمراره بهذا التعطيل يبنيه على أمرين: السقف العالي الذي يبني عليه خطابه ضد الفريق الآخر في محاولة منه للتعمية على ما يقوم به من تعطيل في كل مرافق الدولة ليس في سدة الرئاسة فحسب. والأمر الثاني أنه لا يريد رئيساً في الوقت الحالي بانتظار ما سيجري في الميدان السوري والإتفاقات الدولية حوله، والتي على ما يبدو لا زالت بعيدة نسبياً.

فكل كلام مسؤولي الحزب عن التشجيع على الحوار «سواء كان ثنائياً أو جماعياً، لأننا محتاجون أن نحاور بعضنا في لبنان، إذ لا يمكن لأي فريق أو بعض الأفرقاء أن يأخذوا البلد إلى حيث يريدون وحدهم، أو أن ينجزوا ما يقتنعون به، فلا بد من التعاون وتشابك الأيدي، لأنه بالحوار يمكن أن نتفاهم على بعض الانجازات والمكتسبات»، على حد قول نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قبل أيام وغيره من النواب، كان الأجدر بهم أن يوجهوه الى قيادة الحزب قبل توجيهه الى الفريق الآخر. فليس تيار «المستقبل» وحلفاؤه في قوى «14 آذار» هم من يريدون أخذ البلد الى حيث يريدون وحدهم، بل من يريد أخذ البلد الى حيث يريد هو «حزب الله» نفسه عبر تشبثه بمرشحه وفرض تعيينه على الآخرين حتى ولو بالقوة بعيداً عن الأصول الدستورية والقانونية. ولو أن الرئيس الحريري وفريقه السياسي يريدون أخذ البلد الى حيث يريدون، لما كان همهم الوحيد إنهاء هذا الشغور وتقديم المبادرات تلو الأخرى من أجل حل هذا الملف، فيما الحزب لا يقدم حلولاً ولا يجترح مبادرات من أجل ما تبقّى من البلد، إن كانت مصلحة البلد تعنيه في الأساس قبل مصلحة إيران وغيرها. ولو أن الحزب يريد الحوار والتفاوض لما كان قد بقي طوال هذه المدة متشبثاً بموقفه ولكان إجترح الحلول والمبادرات كما يفعل تماماً الرئيس سعد الحريري عبر جولاته وحواراته ومشاوراته بشأن إيجاد حل لهذا الملف العالق منذ أكثر من سنتين نتيجة التعطيل.