IMLebanon

وقائع لافتة أُهملت على هامش فيينا نحو توسيع المفاوضين لإشراك إيران

مع ان الآمال لم تكن كبيرة على الاجتماع الذي عقد في فيينا بين وزيري الخارجية الاميركي والروسي مع نظيريهما التركي والسعودي حول الازمة السورية باعتباره اجتماعا اوليا بعد مجموعة تطورات بارزة في مقدمها الانخراط الروسي في الحرب السورية، فإن الاعلان عن عدم الاتفاق واستمرار الحاجة الى مباحثات اضافية سيبقى قائما على طول الخط وفق اقتناع مصادر ديبلوماسية لانه لن يكتب لأي اجتماع النجاح أو لن يسمح له بذلك في حال لم يضم إيران الى طاولة المفاوضات. فمع ان روسيا تمسك بخيوط اللعبة الاساسية في سوريا من غير المحتمل ان تقبل بابقاء إيران بعيدة من البحث في مستقبل سوريا ومصير نظامها، كما تعتقد هذه المصادر ان الولايات المتحدة أيضاً لن تقبل تضامنا طويل الامد مع موقف المملكة السعودية في هذا الاطار لاعتقاد واشنطن لا بل اقتناعها بالحاجة الى ان تكون إيران الى الطاولة خشية الفشل في التوصل الى اتفاق من دونها أو قدرة إيران على افشاله حتى لو تم التوصل مع روسيا على الخطوط الرئيسية. ما يراه البعض ايجابيا انه مع لجوء إيران الى موسكو للمساعدة في منع انهيار النظام والحؤول دون انعكاسات سلبية محتملة على إيران أيضاً في حال كان ذلك واردا وفق ما اوحى التدخل الروسي، فإن موسكو يمكن ان تملك التفاوض على خطوط كبرى تلتزمها وتشكل ضمانا يرتاح اليه الآخرون لا سيما الدول العربية خصوصا في ظل غياب امكان التفاهم المباشر العربي الإيراني على خلفية صراع شيعي سني مستعر في المنطقة، ولو ان التفاهم الاقليمي غير وارد من دون التوافق الدولي أيضاً. ولكن ثمة تساؤلات يثيرها البعض اذا كانت إيران يمكن ان تسلم لموسكو بتقديم كل الضمانات حول مصير الأسد وبما يحفظ لها مصالحها المختلفة حكما عن المصالح الروسية في سوريا اقله في اجزاء كبيرة منها كما ان هناك تساؤلات اذا لم تكن كل المحاولات التفاوضية راهنا هي لكسب الوقت واعادة ترميم النظام ليس الا من دون ان يعني ذلك ان الاقتراحات التي توضع على الطاولة ليست جدية.

وفي خضم التركيز على التطور المهم الذي مثله اجتماع فيينا الذي اعقب زيارة مفاجئة وسرية للرئيس بشار الأسد لموسكو، اهملت تفاصيل تكتسب اهمية لافتة في سياق الاعداد لما يحصل من مفاوضات، ومن بينها محاولة تجميع الاوراق وتعزيز المواقع. الابرز في هذا الاطار ما توقفت عنده مصادر ديبلوماسية في شأن موقف مصر مثلا التي رغب رئيس الديبلوماسية الروسية سيرغي لافروف في ضمها الى مناقشات الاربعة في فيينا الى جانب الاردن من باب توسيع مروحة الدول المؤثرة والمعنية من جهة، ومن باب تأمين مشاركة دول يمكن ان تكسر حصرية التشدد في شأن مصير الأسد على ما هي مواقف كل من السعودية وتركيا من جهة اخرى فضلا عن ان توسيع مروحة الدول المشاركة ستسمح بتأمين مشاركة إيران أيضاً التي لا يزال البعض يرفض مشاركتها من باب مسؤوليتها عن الحرب القائمة في سوريا وانخراطها فيها كطرف. التعويل كان على ان مصر التي اعلنت موقفا مرحبا بتدخل روسيا في الحرب السورية بذريعة ان هذا التدخل ضد الارهاب على نحو مناقض لانتقاد دول مجلس التعاون الخليجي لهذا التدخل الذي اعتبرته افضل هدية للارهابيين فيما كان يكثر الحديث عن اتصالات استخباراتية بين مصر والنظام السوري وان هناك مقاربة متمايزة لمصر عن داعميها من دول الخليج. الا ان مصر لم تلبث في خطوة تكتسب دلالات عدة ان اعلنت على لسان وزير خارجيتها سامح شكري ان المملكة السعودية تمثل الاجماع العربي خلال اجتماع فيينا لحل الازمة السورية. وترى مصادر ذلك من زاوية ايجابية كونه لا يطمس دور مصر بل يلتف على المساعي التي تحاول اضعاف موقف الدول العربية الخليجية من باب مصر التي تدرك انها وعلى رغم الصعوبات التي تواجهها تمثل ثقلا عربيا مساندا ومحوريا للمواقف الخليجية من الازمة السورية على غرار ما هي عليه مواقف دول الخليج بالنسبة اليها بحيث ان اضعاف دول الخليج في موقفها من مصير النظام السوري سيفسح المجال امام استضعافها على صعد اخرى وهي لم تنج كليا بعد مما واجهته في حين انها لا بد ان تكون على طاولة المفاوضات حين يتم توسيعها لتشمل دولا اخرى في المحور الضاغط على ما قد يشكله الطرف الآخر من ضغوط. والصراع على مصر ليس سهلا قياسا بجهود تبذلها إيران أيضاً في هذا الاطار على الاقل من اجل تحييدها عن اعطاء المواقف السعودية أو الخليجية الثقل العربي القوي الذي تحتاجه.

الاجتماع الذي دعت اليه فرنسا أيضاً على خلفية البحث في ما هو مطروح من اقتراحات حلول بما فيها ما يتصل بمصير الأسد جاء تفسيره على انه اعتراض فرنسي عن اقصاء باريس والدول الأوروبية المؤثرة عن اجتماع فيينا في حين ان فرنسا وبعض الدول الاخرى مساهمة في الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية ولها كلمتها وموقعها أيضاً. ومع انه اجتماع لن يضم روسيا أو إيران الحليفين للأسد، لكنه يفسح في المجال لتبرير المنطق القائل بأن ابعاد إيران قد لا يكون ممكنا لوقت طويل من جهة وان اتساع حلقة التفاوض سيشمل آخرين من الجهة الرافضة للنظام من جهة اخرى.