IMLebanon

التعقيدات المفتعلة في وجه قانون الانتخاب تستولد «اللامركزية الموسعة»؟!

يتفق الافرقاء اللبنانيون عموماً، على وصف ما يجري داخل جلسات »الحوار« (الشامل والثنائي) بأنه »»دوران في حلقة مفرغة..« وكل فريق متمسك بالمعطيات التي لديه وبالأهداف التي يتطلع اليها، وذلك على الرغم من الاجماع على خطورة المرحلة التي تمر بها المنطقة، ولم يعد لبنان بمنأى عن نتائجها وتداعياتها، لاسيما وان غير فريق على طاولتي الحوار، بات في صلب الحركة التي تجري في المحيط، سياسياً واعلامياً وعسكرياً؟!

اللافت ان البعض بدأ يحذر من ان تكون هذه »الطاولات« قد حلّت مكان المؤسسات الموصوفة »دستورية« و»شرعية«.. لاسيما وان الموضوعات المطروحة أمام المتحاورين، – واللك ممثلاً في مجلس النواب، وغالبيتهم في مجلس الوزراء – هي من صلب اختصاص الحكومة والمجلس النيابي.. »اللجان النيابية المشتركة«، الموكول اليها صياغة قانون جديد للانتخابات النيابية لم تحرز أي تقدم يذكر على هذا الخط.. وهي تتطلع الى احتمال ان تعود وترمي الكرة في ملعب »الحوار الوطني«، وقد تعددت الاقتراحات والصيغ والبدائل بتعدد الجالسين خلف الطاولات.. اللافت، أنه وعلى الرغم من صيغة »الحل الوسط« التي شكلت قاسماً مشتركاً بين »النسبية المطلقة« و»الأكثرية المطلقة«، موقوفة هي بدورها أمام الاعداد.. هل تكون مناصفة او ان تكون »ميالة« لصالح الأكثرية على نحو ما هو مطروح (86 أكثري – 60 نسبي)، على الرغم من ذلك، فإن الأمور تبدو متعثرة، الأمر الذي يطرح جملة أسئلة وتساؤلات حول جدية الافرقاء في الوصول الى قانون انتخابات جديد بديلاً عن »قانون الستين« المرفوض (ظاهراً على الأقل) من الغالبية، أم ان وراء الأكمة ما وراءها؟!. اللافت أكثر، أنه عند الحديث عن قانون الانتخابات، تستحضر، وعلى نحو غير مسبوق كل »الدفاتر العتيقة« ولعل أخطرها ما يتعلق بـ»الميثاقية« و»المناصفة بين المسلمين والمسيحيين« و»العودة الى »الطائف« وتشكيل »مجلس للشيوخ« على أساس طائفي.. غير آبهين بخطورة ما آل اليه الوضع في لبنان.. من أسف، ان الشكوى من »قانون الستين« تأتي في غالبها من ان التقسيمات الادارية – الانتخابية، تجعل جزءاً كبيراً من المسيحيين ملحقين »بالمحمديين المسلمين« الذين يملكون الغالبية في عدد الأصوات.. في هذه الدوائر.. وبالتالي يفرضون النواب الذين يوالونهم ويسيرون في ركابهم ويتمسكون بخياراتهم ومصالحهم..؟! ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل ان البعض (الكتائب مثلاً) ذهب الى حد المبالغة في عزل المسيحيين عن المسلمين والمسلمين عن المسيحيين عبر الدائرة الفردية، حيث المسلم ينتخب المسلم، والمسيحي ينتخب المسيحي.. او في خيار ما سمي بـ»القانون الارثوذكسي« الذي يعتبر مذبحة لـ»الوطنية« اللبنانية… كان الطائف شدد على انتخاب مجلس نيابي غير طائفي، وعلى قاعدة الدوائر الكبرى (المحافظات) من غير ان يهمل »الخصوصية اللبنانية« فأشار الى وجوب تأسيس مجلس شيوخ على أساس طائفي.. لكن خرق الطائف حصل منذ اللحظة الأولى، ولم يبادر أي فريق الى تصحيح الخلل؟! ليس من شك في ان لبنان في أزمة وطنية حقيقية.. وغالبية الافرقاء في مجلس النواب تجاوزوا حدود ان »النائب هو ممثل الأمة« بل بات كل فريق يتباهى بأنه يمثل هذه الطائفة او تلك، وهذا المذهب او ذاك.. ما عزز تفكك الدولة أكثر كثيراً من أي مرحلة سابقة، كما عزز قابليتها للانهيار.. وهي مسألة باتت قيد التداول على لسان أكثر من فريق سياسي، لولا بعض »الضمانات« الخارجية. الواضح الى الآن، ان مداولات اللجان النيابية، كما مداولات »طاولة الحوار الوطني« في شأن قضية قانون الانتخاب لم تخرج عما كان متوقعاً، وعما كان يعتقد كثيرون أنه »مرسوم عن سابق اصرار وتصميم«.. والنقاشات لم تحرز أي تقدم يذكر حيث كل فريق يتمترس وراء ما يعتقده أنه »القانون الأفضل للانتخابات«.   إلى أين؟! هناك من يعتقد ان المساحة الزمنية كافية للمضي في الجدل البيزنطي الدائر داخل القاعات.. وبانتظار ما ستؤول اليه التطورات الخارجية، »يكون لكل حادث حديث« ليس فقط بالنسبة لقانون الانتخابات، بل بالنسبة الى انتخاب رئيس للجمهورية، يرى البعض أنه يجب ان يكون مقدماً على سواه.. فالأولوية هنا، ليس لقانون جديد للانتخابات، بل لملء الشغور في سدة الرئاسة الاولى، إذ ما ينفع اللبنانيون الوصول الى قانون الحد الأدنى المطلوب، في وقت يصر كثيرون على ان لا انتخابات رئاسية من خارج مجلس النواب بتركيبته الحالية؟! لم يجد الرئيس نبيه بري ما يرويه على المعرقلين سوى التهديد بالشارع إذا بقي »قانون الستين« هو القانون المعمول به، ساري المفعول.. وكل قصده هو دفع الافرقاء كافة الى تجنب هذا المحظور في مواجهة الشارع، الذي اذا أعطي »الضوء الأخضر« وتوفر له الغطاء السياسي الكبير، فلن يقوى أحد على الوقوف في وجهه وادارة الظهر له.. وذلك على الرغم من اصرار الافرقاء كافة على الظهور بموقف »الفريق الجاد، المحترف، الباحث عن مخرج وعن قانون جديد، ومقاربة المسألة مقاربة علمية – تقنية، من شأنها ان تساعد في وضع الأسس لهذا القانون..« مع اعلان التمسك (العلني) باتفاق الطائف، وضخ الحياة في البنود التي طواها النسيان من مثل »مجلس الشيوخ«؟! غير ان الأخطر من كل ذلك هو العودة المموهة بـ»اللامركزية« الموسعة الادارية وغير الادارية لتقسيم لبنان الى كانتونات مذهبية وطائفية كانت لوقت سابق شعاراً علنيا مرفوعاً لدى عديدين.. وقد عاد هذا الشعار الى التداول من جديد..