IMLebanon

قوانين الانتخابات: لا نواب من خارج الاصطفافات

لا آمال كبيرة في خروج اللجنة النيابية المكلفة البحث في قانون الانتخاب بقانون على قدر طموحات اللبنانيين. المطروح للبحث لن يأتي بنواب من خارج الاصطفافات الحالية

يسود توقع بألا تصل لجنة دراسة قانون الانتخاب النيابية التي بدأت اجتماعاتها الإثنين الماضي إلى اتفاق على قانون للانتخاب، تماماً كما حصل مع اللجنة السابقة بعد عشرات الساعات من النقاشات.

الخبير في شؤون الانتخابات رئيس «مركز بيروت للأبحاث» عبدو سعد يتوقع للجنة الحالية مصيراً مشابهاً لسابقتها، مشيراً إلى «صعوبة الإتفاق على قانون، مهما اجتمع وتناقش أعضاؤها العشرة». ورأى في حديث الى «الأخبار» أن أفرقاء اللجنة أمام مأزق متعدد الأوجه: «لا يمكن للأفرقاء أن يمددوا مجدداً للمجلس النيابي لأن الحراك الشعبي الأخير مثّل نوعاً من الردع. وفي الوقت نفسه، لا يمكنهم العودة الى قانون الستين الذي استخدم في انتخابات 2009». ويعرب سعد عن اعتقاده بأن قوى 14 آذار «تريد إبقاء الوضع على حاله، مقترحة اعتماد القانون المختلط المقدم من القوات اللبنانية، لأنه يناسبها ويبقي سيطرتها حيث هي اليوم». وفي المقابل، يرفض التيار الوطني الحر وحزب الله قانون القوات الذي تبناه تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي. ما هو المخرج؟ قد يتدخل الرئيس نبيه بري، مقدماً مشروعه كتسوية لن يجري التوافق عليها. وربما يجد البعض مخرجاً في مشروع الرئيس نجيب ميقاتي القائم على تقسيم لبنان 13 دائرة على أساس النسبية.

قانون القوات «الفج» يمزج بين النظام الأكثري ونظام الإقتراع النسبي، مرتكزاً على التنافس في القضاء، ولكن مع فصل قضاء حاصبيا عن مرجعيون على أساس الأكثري لاختيار 68 مقعداً. أما الإقتراع على أساس النسبي لاختيار المقاعد الستين الباقية، فيُجرى على أساس المحافظات التاريخية (بيروت والجنوب والبقاع والشمال) باستثناء محافظة جبل لبنان، التي تقسم إلى جبل لبنان الجنوبي والشمالي. بحسب النظام الأكثري، يخصص مشروع القوات 28 مقعداً مسيحياً في مناطق ذات أغلبية مسيحية، 11 منها في دوائر ذات أغلبية مسيحية لا فاعلية فيها للصوت المسلم، و17 مقعداً في دوائر ذات أغلبية مسيحية، لكن الصوت المسلم فيها مرجح. في الحصيلة، بحسب سعد، ينتج المسيحيون بقوتهم الذاتية في النظام الأكثري 11 مقعداً فقط، إلى جانب 25 مقعداً على أساس النظام النسبي ليصبح مجموع المقاعد المسيحية المنتجة بقوتهم الذاتية 36، لكن النيّات الخفية من ذلك التوزيع، ليست حفظ الصوت المسيحي بقدر ضمان السيطرة على المقاعد المحسوبة على 14 آذار، إذ يلاحظ سعد أن القوات وحلفاءها اعتمدوا «الاستنسابية في تحديد المقاعد المخصصة للأكثري والنسبي». فعلى سبيل المثال، يفصل القانون حاصبيا عن مرجعيون «بهدف تحرير مقعدين سني ودرزي من هيمنة الأكثرية الشيعية، فيما يبقي التلازم بين قضائي البقاع الغربي وراشيا لتأمين فوز حلفاء 14 آذار». وللغاية نفسها، يبقي المشروع التوزيع نفسه في بشري والبترون وصيدا (مقعدان في كل قضاء) على أساس الأكثري، فيما المعايير التي اعتمدها المشروع نفسه تقتضي توزيع المقاعد في القضاء الواحد بين أكثري ونسبي. فالمعيار الذي طُبق في كسروان (3 اكثري و2 نسبي) والمتن (2 أكثري و2 نسبي) استُبعد في البترون وصيدا وبشري.

ويلفت سعد الى ان وجود اكثرية مسيحية في الدائرة مع اقلية اسلامية مرجحة، لا يعني ان النواب الفائزين فيها هم نتاج القوة الذاتية المسيحية التي تستلزم عدم فعالية الصوت المسلم في حسم النتيجة في دوائر مثل بعبدا وجبيل والدائرة الأولى في بيروت والكورة، حيث الأقلية المسلمة تملك الصوت المرجح. فلو حصلت 14 آذار في بعبدا، مثلاً، على أكثر من 65 في المئة من أصوات المسيحيين، يبقى الصوت الشيعي المرجح رغم الأكثرية المسيحية، علماً بأن المسيحيين في قانون الستين ينتجون 17 نائبا (البترون وبشري وكسروان والمتن الشمالي الوحيدة التي ما من صوت مسلم مرجح فيها).

قانون بري

أما القانون المختلط المقدم من بري، فيجد فيه سعد «افتقاراً الى المعايير العلمية الثابتة»، إذ إن همّ بري « تأمين التوازن العددي بين مقاعد الأكثري والنسبي». فهو يمزج بين النظام الأكثري (64 مقعداً) ونظام الإقتراع النسبي (64 مقعداً)، مرتكزاً على التنافس في القضاء على أساس الأكثري. الإقتراع على أساس النسبي، يجرى على أساس المحافظات كما ورد سابقاً في تقسيم القوات. في نظام الإقتراع الأكثري، يضع المشروع 23 مقعداً مسيحياً في دوائر ذات اغلبية مسيحية و8 مقاعد منها تقع في دوائر ذات غالبية مسيحية ساحقة حيث لا فاعلية للصوت المسلم و15 مقعداً في أغلبيات مسيحية، الصوت المسلم فيها هو المرجح. في المحصلة، ينتج المسيحيون بقوتهم الذاتية في الأكثري 8 مقاعد، تضاف اليها 26 مقعداً على أساس النسبي.

يجزم سعد بأن النسبية المطروحة في هذه القوانين لا تشبه النسبية المتوافق عليها إلا بالتسمية. فلو جرى، مثلاً، تأليف لائحة من اقدم الأحزاب اللبنانية (الشيوعي والسوري القومي الإجتماعي والكتائب) فلن يكون باستطاعتها الفوز بمقعد واحد، لأن قوتها الإنتخابية أقل من الحاصل الإنتخابي من الدوائر في المحافظات، وخصوصاً في الجنوب، حيث يتوقع أن يكون الحاصل الانتخابي أكثر من 40 ألف صوت. أما في الأكثري، «فستكون النتائج كما أنتجها قانون الدوحة في أحسن الأحوال».

يرى سعد أن «اعتماد المختلط كما هو مطروح بدعة وهرطقة ولا يُعمل به في أي دولة في العالم ولن يحدث أي تغيير فعلي ولن يأتي بأي نائب من خارج الإصطفافات ويكرر نتائج انتخابات عام 2009»، فضلاً عن «عدم دستورية القانون الإنتخابي الذي يقوم على نظام المختلط بين النسبي والكثري بسبب انتهاكه لقاعدة المساواة ولا يؤمن التمثيل العادل». سعد سجل خللاً آخر في سلوك الأفرقاء السياسيين انتخابياً. «يفصلون قوانين الإنتخابات المقبلة على قياس الأصوات التي حصلوا عليها في انتخابات 2009، لكن من الخطأ قياس انتخابات على النسبية بانتخابات نظمت على أساس الأكثري».