IMLebanon

الإفقار والانتحار!!

لا أحد يدري، الى أين هي البلاد سائرة.

النواب، وفي مقدمتهم الرئيس نبيه بري، يعتبرون ان عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب هي إفقار، وان السياسيين يعتبرون الأمر انتحارا، للبلاد وللناس.

والفقر، عندما يصيب الناس، فإن الانتحار هو المصير المرتقب لوطن عاجز عن مكافحة الإفقار والانتحار.

هل يدرك الحاكمون، ان الزيادات المقررة، هي الطريق الى الافلاس، وهل يدركون ان الشعب اللبناني، شارف على الافلاس، ولا قدرة له ولا طاقة، على تحمّل أي ضرائب مهما جاءت محدودة، وان الحل المناسب، يكمن في تشليح الفاسدين ما جنوه من أرباح!

وهل يدرك هؤلاء أيضا ان الغلاء يجتاح الناس، وان العجز عن سداد الديون بات من أنواع العجز، لا صنفا من أصناف العجز فقط.

هل في هذا الكلام مبالغات، أم سوء تقدير لما وصلت اليه البلاد من مصائب وكوارث.

كان محي الدين النصولي وزيرا للمالية، قبل نحو ثلاثين عاما، وعندما نصحوه بمعالجة واقع الخزينة، أجاب بأن المعاناة باتت أقوى من المعالجات.

وفي احدى الحقبات الصعبة، أراد أن يتجاوز المشاكل، لكنه فوجئ بأن المشكلة في البلاد باتت أقوى من مشكلة الأزمة المتفاقمة فوق رؤوس الناس.

الوضع في البلاد دقيق.

وهو صعب المعالجة، ودقيق في المواجهة، ولو على رؤوس الناس.

والمعالجة بحاجة الى خطة.

والخطة بدورها بحاجة الى معالجة.

وضع رئيس الحكومة نقطة على السطر. وراح يفتّش عن حلّ لمأزق حكومي، تعتريه المحن والأزمات.

في يوم الأربعاء الأسود غاب نقيب الصحافة محمد البعلبكي عن البلاد، بعدما حمل نكبة الصحافة الورقية قرابة المائة عام، نقيبا، وكاتبا وخطيبا.

لكنه رحل ولم ترحل معه نكبة المهنة التي أحبّ، ولا نكبة الحزبية وقد رعاها بعقله وقلبه، ولا تعب من أشلاء مهنة رافقته قرابة المئة عام.

لكن، رحيل محمد البعلبكي، كان صعبا، على مهنة معرّضة للاحتضار، في زمان صعب ودقيق، يواجه الكوارث المهنية… ومجد الكلمة، بذهنية الصمود وارادة البقاء.

كان لبنان يواجه أزمات صعبة، ومع ذلك فإن نكبة الاقتصاد ترزح بأعبائها على صدور روّاد المهنة، وقد أصابهم اليأس من إمكان تجاوز المحنة، وهي تحاصرهم في معظم الأرزاء.

هل يتجاوز أرباب المهنة، نكبة الأفكار، وهي تجتاحهم بنكبة الانتحار، كما يتساءل الرئيس نبيه بري.

الكوارث تحاصر البلاد، من كل حدْب وصوب.

ومع ذلك فإن الارادة اللبنانية تبدو أقوى من ارهاصات الأزمات المتفاقمة على معظم الوجوه!

لا، فان لبنان الصامد في وجه الأزمات، باق دنيا الصمود، لأنه أقوى من الأرزاء وقد مرّت عليه سابقا وتجاوزها.