IMLebanon

لمن ينسحب فرنجية؟

نجح سعد الحريري في تحريك الجمود الرئاسي معيدا النبض الى الشارعين الشعبي والسياسي، حاملاً الهمّ الرئاسي ومخاطر استمراره وتداعياته على عمل المؤسسات الدستورية الاخرى، مشغلا محرّكات التواصل واللقاءات ومطلقا جولة استطلاع على القوى السياسية كافة لاستمزاج آرائها والاستماع لافكارها حول كيفية الخروج من المأزق، وخطورة استمراره، خصوصاً في ظل الوضع المتأزم سورياً، وتحديداً في مدينة حلب، وان كان كسر حال المراوحة يحتاج الى اكثر وابعد مما يقوم به الشيخ سعد.

هكذا فان اهمية الجلسة الخامسة والاربعين والتي مرت كسابقاتها، تكمن في امر واحد تحديد موعد خليفتها، التي يملك مفتاحها رئيس المجلس، الذي على ما يبدو لا ينتظر الكثير مما يحصل، كما في خرق النائب الدويهي حاضرا لاول مرة في تطور قرأ فيه المتابعون رسالة في اكثر من اتجاه، خصوصا انها جاءت بعد عشاء بنشعي وما رافقه من تحليلات واستنتاجات، على وقع تغريدة من العيار الثقيل لبيك زغرتا، تخفي ما في القلوب وجزءا مما قد سمعه خلال العشاء.

اما الشيخ سعد والذي قرر أن يبدأ من منزله الداخلي قبل استكمال جولة استشاراته، فقد خصص جلسة كتلته الزرقاء لبحث «مسارات جديدة»، وان خلا بيانها من أي موقف يدل الى تبدل في تموضع المستقبل «الرئاسي»، حيث اشارت مصادر مشاركة الى ان الشيخ سعد ادلى بمطالعة عدد فيها الخيارات المتاحة، متحدثا عن تحميل تياره مسؤولية الفراغ فيما همه الدولة في الوقت الذي حزب الله هو المعطل. مداخلة استنفرت الاكثرية المعارضة لخيار عون التي اكدت ان اصرار العماد عون على عناده وتصلبه، اضافةً الى تصرّفات وزرائه، تؤثر سلبا على اي تقارب ممكن ان يحصل بين الطرفين، فيما التزم الجناح المؤيد الصمت، لينهي عندها الحريري النقاش داعيا الى انتظار نتائج اتصالاته الداخلية والخارجية، ليبنى على الشيء مقتضاه، خصوصا ان الوزير ابو فاعور سمع في الرياض مداخلة طويلة عن ايران ومساوئ دورها في لبنان والمنطقة ما أوحى له بأن المملكة لا تؤيد أي خيار رئاسي ايراني، فيما عين التينة مصرة على سلتها.

الرابية التي راهنت طويلا على انقلاب في المشهد الرئاسي يقود رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، والتي انعشت آمالها مجددا عودة الحريري الى بيروت، من جهة، وتراجع حدة المعارضين للجنرال في الحلقة الضيقة المحيطة بالشيخ سعد،من جهة ثانية، تنتظر بفارغ الصبر زيارة الحريري التي ستحمل معها الى الشكل مضمونا جديدا، بحيث تجزم المصادر العونية بان لا موعد محدد حتى الساعة لتلك الزيارة، مشيرة الى ان التواصل والتنسيق يومي مع حارة حريك، حيث يتفهم الحزب ردود فعله ومبررات التحرك العوني، دون ان تستبعد لقاء عون بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرلله في المدة الفاصلة ما بين 28 أيلول و31 تشرين الأول لتقويم خطوات المرحلة المقبلة.

غير أنّ ما توفّر من معلومات عن لقاء بنشعي وعن نتائج زيارة وزير الصحة الى السعودية، خفّضا من منسوب تفاؤل الرابية ودفعا بالعماد عون الى العدول عن اطلالته التلفزيونية عبر الـ«أو تي في» ليل الثلاثاء للحديث عن المستجدات السياسية، بعد سلسلة من النصائح التي تلقاها، حيث يكشف زوار الرابية ان مقاربة رئيس الوطني الحر للملف الرئاسي بدت اكثر واقعية خلال الساعات الماضية، وسط تأكيده على وجود اتصالات مع الحريري، مباشرةً أو عبر مدير مكتبه، من دون أن تؤدّي الى نتائج ملموسة حتى الآن، بدليل استمرار استعدادات التيّار الوطني الحر للنزول الى الشارع وتجييش الجمهور البرتقالي عبر اجتماعات وتحضيرات في المناطق التي يملك حضوراً فيها.

من جهتها اشارت اوساط سياسية متابعة الى ان النائب سليمان فرنجية الذي بادر الى عقد سلسلة من الاتصالات بعيدا عن الاضواء بحلفائه، اكد ان الحريري حمل معه أفكاراً وليس طرحاً محدَّداً او قرارات متخَذة سلفاً بل تشاور معه كحليف. غير ان ما خفي من اللقاء تكشفه اوساط متابعة، متحدثة عن مستور اتفق على ابقائه سرا عند الحديث عن الخيارات المتاحة للخروج من عنق الزجاجة الرئاسي وورود اسم العماد قهوجي للمرة الثانية، بعد ان فوتح الدكتور سمير جعجع بالموضوع قبيل عودة الحريري يوم زاره النائب غطاس خوري، طرح لاقى تأييد البيك شرط حصول الاجماع عليه.

فتحت مشاورات الحريري الابواب الرئاسية على كل الاحتمالات لتبقى السلة هي عنوان التفاهمات واساس المعادلة الرئاسية العتيدة. فالشيخ سعد يتابع جولاته السياسية المفتوحة بعد ان رص صفوف الكتلة الزرقاء حول تفعيل العمل لانتخاب رئيس للجمهورية. فهل يتنج ذلك حلا رئاسيا؟ واذا كانت المشاورات قطعت مسافة فان الاهم هو آخر متر منها الذي عنوانه السلة وهدفه تفاهمات ما بعد الانتخاب تخدم البلد انتاجا لا تعطيلا جديدا. فهل تكون الطروحات على هذا الحجم ام وفق التباينات في جوهر المشاورات الداخلية؟