IMLebanon

غير مسموح كسر الجنرال

يجب، بالضرورة القصوى، إيجاد حلّ سريع للأزمة الحكومية الناشبة في حدة كبيرة. وبداية يفترض برئيس الحكومة أن يتبصر جيّداً في وضع حكومته، علّه يعود الى «صحنه الطبيعي» كما يقول المثل الفرنسي السائر: أي إبن البيت الذي لحمته وسداه «لبنان واحد لا لبنانان» و»التفهم والتفاهم» (…) بل أن يعود الى تجربته الذاتية في هذا المجال: إنتخابات مطلع التسعينات النيابية، وموقعه التاريخي فيها.

وأود أن أتوقف عند شعار «التفهم والتفاهم» الذي أطلقه المغفور له صائب بك سلام… وكم كان يزعجه تحوير بعضهم هذا الشعار الى «التفاهم والتفهم». وكان ينتفض رافضاً بشدة، مصرّاً على تقديم التفهم على التفاهم، شارحاً ذلك بوضوح كلي: علينا أن نتفهم بعضنا، قبل أن نتفاهم، أو تمهيداً لتفاهمنا. فكيف نتفاهم في ما بيننا إذا لم يتفهم بعضنا البعض الآخر.

فهل عمل رئيس الحكومة بشعار المغفور له والده فـ»تفهم» موقف التيار الوطني الحر قبل أن يقرر عقد جلسة مجلس الوزراء في محاولة منه (وربما تجاوباً مع رغبة ما) لكسر الجنرال ميشال عون؟

ولقد يكون مطلوباً أن يدرك الجميع أن المسيحيين في لبنان لن يسمحوا بكسر الجنرال. خطأ أو صواب؟ لم يعد مهماً، فالأكثرية المسيحية (التي تضاعفت بعد تفاهم معراب) لن تسمح بتسديد ضربات قاضية الى العماد ميشال عون. فللرجل رمزية كبرى لا تخفى على أحد. والمسيحيون اللبنانيون لا يقدّسون الجنرال ولكنهم يقدرونه، ويلتزمون مواقفه، ويدافعون عنها.

لم يأت الجنرال من أحد البيوتات السياسية المعروفة منذ العثمانيين أو منذ الإنتداب أو حتى منذ مطلع الإستقلال. ولكنه جاء من ضمير الناس عندما إتخذ قراره الشهير بحرب التحرير. يومها كنت أحد الذين استدعاهم الى قصر بعبدا في مشاورات شعبية أجراها على نطاق واسع. ولم تكن ثمة معرفة شخصية سابقة. وسألته: من معك في هذه المعركة يا جنرال؟ أجابني: اللّه والناس. وسألت: أين الڤاتيكان؟ وأين فرنسا؟ وأين الولايات المتحدة الأميركية؟ وأين العرب؟ وأجابني عن موقف كل من تلك القوى… وكان الجواب سلبياً في معظمه.

خاض المعركة، التي إنتهت في 13 تشرين، ذلك اليوم الذي كانت الطائرات الإسرائيلية تصوّر الطيران الحربي السوري وهو يقصف قصر بعبدا فيهدمه كما هدم مقر قيادة الجيش في اليرزة…

وانطلقت رمزية استثنائية للجنرال الذي تجذّر في عقول وقلوب معظم اللبنانيين في مرحلة من المراحل… ولا يزال متجذراً في عقول وقلوب الأكثرية المسيحية الموصوفة التي لا يناقش أحدٌ في أهميتها. خصوصاً وان هذا التجذر مبني على ثقة بين القائد والناس. وإلاّ من كان يصدّق أن الخيارات المذهلة التي إتخذها ميشال عون استقطبت الشعبية الكبيرة. وهو يكاد يكون واحداً من القلّة التي تأخذ هكذا خيارات وتلقى التجاوب الكبير من القاعدة.

… ولأن المسيحيين لن يسمحوا بكسر الجنرال، ندعو رئيس الحكومة والعقلاء الى تحرّك سريع في هذين الأسبوعين اللذين يفصلان عن موعد إجتماع مجلس الوزراء في أواخر الأسبوع الأول من أيلول المقبل…وإلاّ كان الوقوع في المحظورات. فلا يراهن أحد هذه المرة على «المحرّك الرئاسي» لتغيير موقف زعيم العونيين.