IMLebanon

الحريري في طرابلس.. تلاقِ مع ميقاتي ورزمة وعود جديدة

رئيس «المستقبل» لريفي: «حلّ عن رفيق الحريري والمزايدات والعنتريات»

الحريري في طرابلس.. تلاقِ مع ميقاتي ورزمة وعود جديدة

حدثان بارزان رافقا زيارة الرئيس سعد الحريري الى طرابلس، أمس، وهي الزيارة الأولى منذ العام 2011، التي تتضمن إقامة لمدة ثلاثة أيام، ولقاءات مع العديد من كوادر «تيار المستقبل» والفاعليات والشخصيات الطرابلسية.

الحدث الأول هو أن الحريري طوى خمس سنوات من الحرب السياسية المفتوحة على الرئيس نجيب ميقاتي، فأعاد وصل ما انقطع بينهما، تمهيدا لفتح صفحة جديدة من العلاقات ربما تتطور الى ما هو أبعد من ذلك، وذلك من خلال زيارته له في دارته في الميناء، وهي أيضا الزيارة الأولى منذ العام 2010 عندما كان الرجلان حليفان في الانتخابات البلدية، وقبل ذلك في العام 2009 في الانتخابات النيابية، فضلا عن مشاركة ميقاتي في الافطار الذي أقامه الحريري غروب أمس في معرض رشيد كرامي الدولي.

والحدث الثاني هو قدوم الحريري الى طرابلس بشكل ومضمون جديدَين، وذلك بهدف مصالحة أهلها وناسها.

في الحدث الأول، فقد أكدت زيارة الحريري الى ميقاتي، أن زعيم «المستقبل» بات على قناعة أن زمن حصرية التمثيل السني قد ولى، وأن لطرابلس خصوصيتها السياسية، وأبوابها الشرعية التي يجب أن يدخل منها.

كما شكلت الزيارة تراجعا ضمنيا من الحريري عن كل الاتهامات السابقة التي ساقها بحق ميقاتي بعد ترؤسه لحكومة «قولنا والعمل»، واعترافا منه بأنه لا يستطيع خوض أي استحقاق في طرابلس من دون حليف قوي من طراز ميقاتي.

ويمكن القول إن ميقاتي حرص على أن يلتقي الحريري في منتصف الطريق، وفي عز الحرب المفتوحة عليه من «المستقبل» لم يتناول الحريري بأي سوء، بل على العكس فقد حقق سلسلة مكاسب للطائفة السنية خلال عهده لم يكن الحريري ليحققها لو كان في المكان والزمان نفسيهما.

وينطلق ميقاتي في انفتاحه على الحريري، من قناعته بضرورة توحيد الجهود في الساحة السنية، من أجل أن تشعر الطائفة السنية أنها غير متروكة وأن حقوقها يحفظها ممثلوها في مجلس النواب.

ويخلص مطلعون على أجواء التقارب الحاصل، الى أن اقتناع الحريري بالثنائية السنية، وبخصوصية طرابلس وقياداتها، وبإعادة التواصل مع ميقاتي الذي رد التحية له بأحسن منها، من شأن كل ذلك أن يعيد انتظام الحياة السياسية في الطائفة السنية، لافتين الانتباه الى إمكانية أن يرد ميقاتي الزيارة للحريري في بيت الوسط.

أما في الحدث الثاني فقد حاول الحريري في زيارته الطرابلسية ردم الهوة التي اتسعت خلال السنوات الماضية بينه وبين كوادره وعبرهم الى قاعدته الشعبية، معتمدا مبدأ الحوار والنقاش والاقناع، وهو باشر منذ وصوله في عقد سلسلة اجتماعات مع كوادره ومنسقيه وشخصيات وفاعليات ونقابات وهيئات طرابلسية، والتي من المفترض أن تستكمل اليوم السبت وغدا الأحد قبل انتقاله الى عكار.

الحريري في زيارته أمس كان صريحا أمام الحشد الغفير الذي حضر إفطاره والذي كان جامعا على الصعد السياسية والدينية والاجتماعية والمجتمعية، وضم كل قيادات المدينة باستثناء الوزير أشرف ريفي والنائب السابق مصباح الأحدب، ومن ثم انتقاله الى جزيرة عبد الوهاب لمشاركته في افتتاح مشروع بحر رمضان الذي شارك فيه أيضا الرئيس نجيب ميقاتي، ومن ثم تلبيته السحور الرمضاني الذي أقامه على شرفه عضو المكتب السياسي لتيار «المستقبل» الدكتور مصطفى علوش.

في كلمته في الإفطار، أشار الحريري إلى أن طرابلس «واجهت الفتنة، وطردت من صفوفها أدوات الشر وسرايا التخريب والتهجير»، موجها التحية إلى «شهداء طرابلس، من شبابها وأبطالها والصابرين في أحيائها، ممّن واجهوا حملات التجنّي والغدر، والملاحقات التعسّفيّة وتمسّكوا بإيمانهم تحت وطأة تعذيب السجون والأحكام الظالمة».

وقال الحريري: «ونحن نجتمع في معرض رشيد كرامي الدولي، ننحني للرئيس الشهيد رشيد كرامي، قائدا وطنيا عروبيا من طرابلس، ونموذجا لرجل الدولة الذي دفع حياته ثمنا لدفاعه عن قيم العيش المشترك والوحدة الوطنية».

وتناول الحريري الانتخابات البلدية قائلاً: «أنا لست آتيا لكي أعاتبكم، أنا آت لكي أحترمكم، وأحترم صوتكم وإرادتكم»، مشدداً على أنه «عندما تنتخب طرابلس مجلسها البلدي نحن نتعاون مع هذا المجلس، لمصلحة طرابلس». أضاف: «أنا آت لأقول لكل شخص صوّتَ لهذه اللائحة، أو تلك، لهذا المرشّح أو ذاك، وكل شخص جلس في البيت وحجب صوته: جميعكم… وصلني صوتكم، ووصلتني رسالتكم، وأنا مسؤول عنها».

وقال: «في هذه الأيام هناك موضة، كل الناس تشرح لنا ما هي الحريرية الوطنية وما هو فكر رفيق الحريري، وخط رفيق الحريري، ووصلت المواصيل إلى حد دعوة بيت الحريري لكي يعودوا للحريرية، ودعوة سعد ليعود حريري، ودعوة سعد ليعود لرفيق».

وذكّر بكلام رفيق الحريري عقب محاولة اغتيال النائب مروان حمادة عندما اعتبر «أننا أمام طائرة مدنية مخطوفة، ولا نستطيع تحرير الرّكاب بالقوة. إنّ الأولوية لسلامة الركاب وإنقاذهم، فمجرّد إنقاذ بيروت ولبنان يشكّل عقابا للخاطفين». أضاف: «ما زالت الطائرة مخطوفة، وواجباتي، ومسؤولياتي، أن أعمل بروح رفيق الحريري على إنقاذ الركاب وتأمين سلامتهم. ومن الآن أقول لكم: الخاطف لن يتمكن من أن يكمل والطائرة، قريبا بإذن الله، ستهبط بالسلامة في مطار رفيق الحريري الدولي وتعطي الأمان والكرامة للركاب ولكل لبنان. والخاطف سينال نصيبه».

وتابع الحريري في ما بدا أنه رد على الوزير أشرف ريفي: «إذا كان لديك رأي مختلف، بأنه يجب أن نكسر شباك الطائرة، أو نفجّر عبوة بقمرة القيادة، أو تريد أن تقتل القائد، أو تريد أن تقفز من الطائرة من علوّ 30 ألف قدم؟ يا أخي أنت حرّ برأيك، ولكن أرجوك، حلّ عن رفيق الحريري وعن المزايدات والعنتريات على بيت الحريري باسم رفيق الحريري». أضاف: «وبالمناسبة، لكل من أصبحوا فجأة خبراء محلّفين برفيق الحريري والحريرية ومبادئها، فقط تذكير صغير: في كل مرة سئل رفيق الحريري ما هو أهمّ شيء في هذه الدنيا؟ ما كان جوابه؟ الصّدق! نعم: الصّدق. وما هو أساس الصّدق؟ الوفاء! نعم: الوفاء… فقط للتذكير. وأنا أكيد أنكم لم تنسوا».

وتحدث الحريري عن الاعتدال، مشيراً إلى أن «هناك محاولة قائمة منذ سنين طويلة، ووصلت إلى درجات مسعورة مؤخرا، لإلصاق صورة التطرّف بكل أهل السنّة عموما وبطرابلس بشكل خاص. جزء من هذه المحاولة، مع الأسف، هو خرق، داخل البيت الواحد، يحاول إظهار الاعتدال وكأنه ضعف. والحقيقة، أن الاعتدال ليس ضعفاً، بل الاعتدال قوّة. وقوّة حقيقية. الاعتدال الواقف في وجه الإرهاب وفي وجه الفتنة والضلال والهمجيّة، قوّة. الاعتدال الذي أنقذ طرابلس وكل لبنان من المصير الأسود الذي يواجهه إخوتنا في سوريا، الاعتدال الصامد على مشروع الدولة، المتمسك بمواقفه، حتى عندما يحاور، قوة، وليس ضعفا». واعتبر أن الاعتدال «سمح للجيش اللبناني أن يضرب فتنة فتح الإسلام التي أرسلها إلينا المجرم بشار الأسد. الاعتدال هو الذي أعاد المجرم ميشال سماحة إلى السجن، هذا الذي كان قد أرسله معلمه المجرم في سوريا لكي يفجر فتنة مذهبية وطائفية في لبنان والذي أنقذنا منه وسجنه بطل الكورة وبطل كل لبنان اللواء الشهيد وسام الحسن. من يقتل هو الضعيف، ومن يطالب بالعدالة وبالحق هو القوي هو المعتدل».

وشدد على أن الاعتدال «هو الذي أتى بالمحكمة الدولية، وقبلها، هو الذي أخرج النظام السوري من لبنان بعدما نزل كل المعتدلين من كل المناطق والطوائف، وأنتم على رأسهم، إلى الساحات في 14 آذار 2005. هذه هي القوة الحقيقية، هذا هو الاعتدال. فلا يأتين أحد ليبيعنا أن الاعتدال ضعف ولا يحاولن أحد أن يصوّركم إنكم أهل تطرّف وغوغائية».

وقال: «طرابلس لم تكن يوما ولن تكون بؤرة للتطرّف والإرهاب، لكنّكم لن تقبلوا، ونحن لن نقبل

أن تكون هذه المدينة الحبيبة مستنقعاً اقتصادياً. هذه مدينة تقيم على خط اليأس منذ عقود طويلة. وقد آن الأوان لحشد كل الجهود في سبيل رفع الظّلم عنها ووضعها في الموقع المتقدم، على خارطة النهوض الوطني».

في دارة ميقاتي

وزار الحريري ليلا دارة ميقاتي في ميناء طرابلس يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره الدكتور غطاس خوري، ومستشاره الاعلامي هاني حمود، حيث عقد اجتماع شارك فيه النائب أحمد كرامي.

إثر اللقاء تحدث الحريري فقال: أحببت أن أزور دولة الرئيس ميقاتي لمناسبة قدومي الى طرابلس ويشرفني أن ألتقي معه، وأن نتحدث عن مطالب طرابلس ونؤكد على العلاقة المتينة التي نبنيها سويا، وإن شاء الله سنكمل المشوار مع بعض.

وأضاف: هناك تحديات كبيرة في البلد علينا أن نواجهها، وأن نكون متضامنين، خصوصا أن الفراغ الرئاسي يأكل كل المؤسسات ومن الضروري أن آتي الى دولة الرئيس.