IMLebanon

الحريري يأخذها بصدره  

 

بدا الرئيس سعد الحريري في زيارته الى الكويت ديبلوماسياً بارعاً. وفي حديثه الى الصحافيين اثر إجتماعه مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أجاد رئيس الحكومة إختيار الكلمات والعبارات، ومرّ بين النقط ببراعة… ما يشير الى أنّ الرجل اكتسب من تجاربه الشخصية خبرة عالية.

بداية لم يفت الرئيس الحريري أن ينقل الى الشيخ صباح «تحيات الشعب اللبناني وفخامة الرئيس»، مؤكداً على المؤكد وهو أن هدف الزيارة الأساس هو معالجة ذيول الأزمة الناجمة عمّا يُعرف في الكويت بـ «شبكة العبدلي» معلناً بإسم المسؤولين اللبنانيين «أننا سنتعاون في هذا الموضوع».

واغتنم رئيس الحكومة المناسبة لينوه بالشعب الكويتي وأمير البلاد الذين «لم يقصروا يوماً حيال لبنان وتعاملوا معه وكأنهم يتعاملون مع الكويتيين».

وأهم ما في المواقف التي أعلنها الرئيس سعد الحريري من الكويت ما تضمنه كلامه من مسحة تفاؤل كبير، إذ قال «إن العلاقات (بين البلدين الشقيقين) تسير نحو الأفضل»، وأنّ الدولة اللبنانية والحكومة بالذات «ضد أي عمل أمني» يستهدف الكويت باعتبار أن «أمن الكويت من أمن لبنان».

وحمل الكلام المفعم بالأمل إطمئناناً صريحاً الى اللبنانيين المقيمين في الكويت والى ذويهم في لبنان. وعندما سُئل عن إمكان أن يترجم الإستياء الكويتي بإجراءات ضد لبنان، جاء جوابه مستبعداً أن تكون هناك أي إجراءات… ولكنه جزم بأنه لن تكون هناك لفلفة بقوله: «ونعالج الأمور بشكل واضح وجريء». وكرّر هذا القول بصيغة أخرى عندما أعلن أنه في زيارته هذه الى الكويت كان الحديث قد جرى تحت عنوان «كل الصراحة والإنفتاح». مضيفاً أن التعاون بين البلدين في قضية شبكة العبدلي «سيتم بيننا وبين الأجهزة الأمنية والقضاء» (في الكويت).

ولعلّ أبرز ما قاله في هذه المسألة برمتها: «سأتابع أنا شخصياً الموضوع».

وتجدر الإشارة الى النقط الآتية:

أولاً حمل الرئيس سعد الحريري «المسألة» بصدره، فلم يتهرب من مواجهتها ولم يستخدم الكلام الخشبي الذي لا يجدي نفعاً. فقال كل شيء من دون أي تجريح أو إفتعال بطولات وهمية.

ثانياً – رغم محاولات الإستدراج التي مارسها الصحافيون، من خلالها حقهم في التوصل الى إستنتاجات، فإنه لم يسمِّ أي طرف، لا في لبنان ولا خارجه. فلم يأتِ على ذكر حزب اللّه بالإسم، ولم يأتِ على ذكر إيران بالإسم ايضاً. وتلك تُسجل له وللأسلوب الديبلوماسي الذي اعتمده.

ثالثاً – كان سعد الحريري يقوم بمهمة لبنانية بامتياز. فهو لم يتحدث كرئيس لتيار المستقبل، أو كزعيم لفريق، أو كخصم لفريق من الأفرقاء. والعكس صحيح فقد تصرّف من موقع مسؤوليته اللبنانية الجامعة رئيساً لحكومة لبنان كله التي تمثل اللبنانيين جميعاً، وتحمل قضيتهم كلها.

قبيل توجهه الى الكويت قال البعض إن مهمة رئيس مجلس الوزراء مستحيلة. وقيل كذلك: صعبة وليست مستحيلة. فأثبت الحريري أنه حوّل المهمة هذه الى محادثات أخوية مفعمة بالثقة الأخوية المتبادلة، ما جعلها (رغم صعوبتها) مهمة سهلة ذات نتائج إيجابية جداً.