IMLebanon

حسن نصرالله و«أهل السُنّة»

كنتُ أستعدُّ لكتابة مقالتي أمس وهي مجموعة ملاحظات على هامش اللقاء والعشاء في البيت المعرابي بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، إلا أن خطاب حسن نصرالله أمين عام حزب الله وتوجّهه إلى «أهل السُنّة» بكلام يكاد يضعهم في ميزان العمالة لإسرائيل هم ودولهم العربية، وذلك عبر تساؤلات «تورية» استخدمها ليقول ما يريد أن يقوله بشكلٍ موارب، بكلّ الأحوال سبق وتوقّعنا أن يساوي نصرالله في خطابه أمس بين المملكة العربية السعوديّة وإسرائيل، وهكذا فعل!!

»كيف يقبل عاقل من أهل السنّة أن تقدّم إسرائيل على أنها صديق وحام، ما هذا الخداع الذي يمارسه الإعلام العربي ويخترعون أعداء آخرين»!! أهل السُنّة باتوا يفهمون جيّداً حسن نصرالله ولعبته المكشوفة لإقناعهم بأن إيران صديقة للعرب، والتصويب على «أهل السُنّة» بالأمس هو ردّ حسن نصرالله الاستباقيّ على مناورة «رعد الشمال»، وعلى جيش التحالف الإسلامي وهو جيش مؤلّف من مجموعة دول عربية وإسلاميّة يغلب «أهل السُنّة» على هويّة شعوبها، وهذا الكلام الاستباقي لأهل السُنّة ومساواة الدول العربية بإسرائيل ومحاولة إيهام «شعب المقاومة» بأنّهم حلفاء إسرائيل، هو مقدمة للقول إنّ التعامل معهم يجب أن يكون كالتعامل مع الإسرائيلي العدو، ولاحقاً تصوير دخول التحالف الإسلامي البري إلى سوريا على أنّه حربٌ إسرائيلية على المقاومة وهو دخول لتقسيم سوريا، وأنّها بالتالي حربٌ على محور المقاومة ولاحقاً الشيعة، هكذا سيتدرّج خطاب نصرالله في الأيام القليلة المقبلة!!

وللردّ على تساؤلات حسن نصرالله التي ألقاها في وجه أهل السُنّة وما تفعله إسرائيل بهم، علينا أن نحيله إلى ما فعله العباسيّون أبناء عمومة الطالبيين قبل أكثر من ألف عام، وقبل وجود كيان إسرائيل العدوّ، بعدما دخلوا بغداد وبدأوا التمكين لخلافتهم بعد غدرهم بالطالبيين ـ ولو تمكّن الطالبيّون لفعلوا مثلما فعل العباسيّون ـ وللمناسبة العبّاسيّون هم من «أهل السُنّة» الذين أعماهم حقدهم على الأمويين، والعباسيّون أهل «سابقة» في تاريخ المسلمين فقد انتهكوا الحرمات فحوّلوا مسجد دمشق «المسجد الأموي الكبير» إلى إسطبل لخيلهم وجمالهم مدة سبعين يوماً، ثم قاموا بنبش قبور بني أمية من دون أي اعتبار لحرمة الأموات حتى أنهم وجدوا جثة الخليفة هشام بن عبدالملك سليمة لم يَتلف منها سوى أرنبة الأنف فقاموا بصلب الجثة وجَلْدِها ثم حرقها، وأبيحت دمشق ثلاث ساعات حتى قيل?:? إنه قتل بها في هذه المدة نحواً من خمسين ألفاً?».?

ونحيل نصرالله أيضاً ـ وهذا أيضاً حدث قبل وجود الكيان الإسرائيلي ـ على ما فعله الصفويّون أتباع إسماعيل شاه الصفوي وهو أفظع بكثير ممّا فعله العباسيّون، لأنّ الصفويين قاموا به من منطلق حرب الشيعة على «أهل السُنّة»، والدولة الصفويّة هي إيران اليوم بنسختها الخمينيّة، فالشاه إسماعيل أمر قائده حسين لاله بتهديم مدينة بغداد وقتل أهل السُنَّة والصالحين، وتوجّه إلى مقابر أهل السُنَّة فنبش قبور الموتى وأحرق عظامهم، وعذّب أهل السُنَّة وقتلهم محاولاً أن يُدخلهم في التشيّع، وهدم مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية، ونكّل بقبره وجعله مزَبْلَة، وهدم قبر الشيخ الصوفي الجليل الإمام عبد القادر الجيلاني، وذكر المؤرّخون أرقاماً مفزعة للذين قتلوا من الشافعية والحنفية، كما هُدمت المدارس العلمية للحنفية، وهدموا كثيراً من مساجد أهل السُنّة، كما تمّ قتل كلّ من ينتسب لذريّة خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ في بغداد لمجرّد أنهم من نسب «سيف الله المسلول»، وتم قتلهم قِتلة قاسية، وأقام الشاه إسماعيل محاكم تفتيش في إيران لمخالفي المذهب الشيعي وأباحوا نساء أهل السُنَّة!!

»وبدّك ما تواخذنا يا حضرة الأمين العام»، فأنت تخاطب «أهل السُنّة» بأسلوب الاستنطاق والاستجواب متجاهلاً أنّ ما بين الدول العربيّة وإسرائيل مبادرة الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ومنذ العام 2000 صدرت عن قمة عربيّة حملت عنوان «الأرض مقابل السلام»، ولا شيء سوى ذلك.

وحتى لا يتهمّنا البعض بأنّ ما نقلناه هو صفحات من تاريخ مزيّف سطّره «أهل السُنَّة»، فنحيلك يا حضرة الأمين العام  إلى ما أرّخه الشيعة بأنفسهم في ذلك الزمان عمّا فعل إسماعيل الصفوي في بغداد حتى قال مؤرخهم ابن شدقم في كتابه «تحفة الأزهار وزلال الأنهار»: «فتحَ بغداد وفعل بأهلها النواصب [أهل السُنّة] ذوي العناد ما لم يُسْمَعُ بمثله قطّ في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب حتى نبش موتاهم من القبور!!

خلاصة الكلام، يا حضرة الأمين العام، نحن مع التحالف الإسلامي في مواجهة إيران وعملائها وأذرعها في المنطقة، وخلاصة الكلام، انّ العدو الإسرائيلي برغم عدائه لم يتدخّل يوماً في الشأن الداخليّ لأيّ دولة عربيّة، على عكس ما فعله «العدوّ الإيراني» فإيران لم تترك دولة عربية واحدة لم تتدخل لزعزعة استقرارها وتحريض المواطنين الشيعة ـ مستغلّة تشيّعهم ـ على مواطنيهم وأوطانهم!!