IMLebanon

«وجع راس» جنبلاط… الى متى؟

لا يختلف اثنان على ان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط بدأ يعاني من وجع الرأس حيال اقرار قانون انتخابي قد يطيح «ببيضة القبان» التي طالما تغنى بها ايام الانقسام على الساحة المسيحية والتي اتاحت له لعب دور القوة الرابعة اذا جاز التعبير بموازاة «الترويكا» زمن الوصاية السورية حيث كان موقف والي عنجر بمثابة قانون يفرض على كافة الافرقاء في الانتخابات النيابية على صعيد الدوائر الانتخابية واسماء المرشحين، ولم يجرؤ احد الخروج عن الطاعة الا البطريرك الماروني السنديانة مارنصرالله بطرس صفير الذي دعا المسيحيين الى مقاطعة الانتخابات عام 1992 على خلفية الظلم الذي لحق بهم على يد الوالي المذكور، فاخرجوا من السلطة، ليعيشوا مرحلة «الاحباط» طيلة حقبة الوصاية، وكان جنبلاط آنذاك بمثابة رأس الحربة السورية والطفل المدلل لدى دمشق، ولكن دوام الحال من المحال وفق اوساط مقربة من جنبلاط و«لو  دامت لغيرك ما آلت اليك» انه مثل معروف يجسد واقع الحالة الجنبلاطية في المرحلة الراهنة.

وتضيف الاوساط ان الزعيم الدرزي يعيش «الاحباط» الذي عاشته الساحة المسيحية ايام الوصاية. ولعل اكثر ما قدمه من تنازلات سواء على صعيد انجاز الاستحقاق الرئاسي ام على صعيد تشكيل الحكومة لم تشفع له حتى الآن لحياكة قانون انتخابي جديد يناسب مقاسه في الشوف وعاليه حيث يطالب باعتمادهما دائرة انتخابية واحدة او العودة الى قانون الستين الذي ترفضه معظم القوى السياسية الوازنة بدءاً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون مروراً بالتحالف المسيحي وصولاً الى رئيس مجلس النواب نبيه بري و«حزب الله» حيث يفضل عون الفراغ على التمديد للمجلس النيابي او الاعتماد على قانون الستين لاجراء الانتخابات النيابية ويشاركه بري في موقفه هذا على الرغم من الجولات المكوكية لوفد «اللقاء الديموقراطي» الذي التقى عون وبري و«حزب الله» ورئيس الحكومة سعد الحريري لفتح ثغرة في الجدار الانتخابي تتيح لجنبلاط الخروج من مأزقه على قاعدة الحفاظ على الخصوصية الدرزية.

المصادر المقربة من الزعيم الدرزي لا تخفي ابداً مطالبتها باعتماد قانون الستين الذي وضع في عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي استشهد برؤيوية عالية، مكنته من بناء الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات وهو صاحب القول المشهور «نجحت في بناء دولة وفشلت في بناء وطن»، فهل الذين يجلدون «الستين» وفق المصادر الاشتراكية اكثررؤيوية من شهاب الذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ لبنان الحديث من حيث الحكمة وتحديث القوانين، واذا كان البعض يستحضر موقف الراحل كمال جنبلاط الذي يعود اليه المطالبة بالنسبية في القانون الانتخابي في الايام الخوالي، فان الظروف التي املت عليه هذا الموقف تختلف كلياً عن الظروف الراهنة، بعدما شاخت الاحزاب التاريخية ومعها النقابات وتغيّر وجه العالم والمنطقة.

وتشير المصادر نفسها الى ان اقرار اي قانون جديد تحيط به علامات استفهام كبيرة وسط الكلام عن المطالبة من قبل البعض بنقل المقعد الماروني من طرابلس الى البترون ومن دير الاحمر الى بشري والمقعد العلوي من طرابلس الى عكار والمقعد السني من اقليم الخروب ان دل هذا الكلام على شيء فعلى ان تنتخب كل طائفة نوابها ما يلغي التعددية والميثاقية على ارض الواقع ويؤسس لفدراليات طائفية في ظل الحرائق في المنطقة حيث لم تسلم الساحة المحلية من نيرانها، لا سيما وان تقاطع المعلومات لدى الاجهزة الامنية يشير الى ان البلد بات هدفا لـ«داعش» ومشتقاته التكفيرية وان عملية «كوستا» ليست الاولى ولن تكون الاخيرة في ظل مبايعة جماعة احمد الاسير لـ«داعش» وفق اعترافات الموقوفين الارهابيين لدى الاجهزة الامنية.

والسؤال المطروح هل بمقدور المعنيين انتاج قانون انتخابي يراعي هواجس جنبلاط في المهلة الضيقة بعدما عجزوا منذ 8 سنوات على انجازه، وربما كلام بري حول «الضجيج ولا حجيج» يختصر واقع برج بابل السياسي، وهل يسحب الفراغ على المجلس النيابي كما حصل في الاستحقاق الرئاسي حيث تربع الشغور في القصر الجمهوري لمدة عامين ونصف أم ان قطبة مخفية ووحياً قد يخرجان القانون العتيد من عنق الزجاجة كما حصل في انتخاب الرئيس عون؟