IMLebanon

حزب الله ابلغ جنبلاط: قيادات درزية ترفض ضمّ عاليه والشوف بلا بعبدا

لم يعد قانون الانتخابات عنوانًا داخليًّا محضًا بل دخل حقلاً جديدًا من الصراعات في لحظة حبلى بتغييرات جذريّة في موازين القوى. وعلى هذا تساءلت أوساط سياسية بارزة عن أسباب التأخير في إقرار القانون والشروع نحو التحضير للانتخابات.

نائب رئيس المجلس النيابيّ إيلي الفرزلي وفي حديث إلى «الديار» أشار إلى أن قوّة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، تجلّت في إجهاضه قانون الستين وإحباط مؤامرة إعادة إحيائه، وإنهاضه القوى السياسيّة وتحفيزه لها للبحث عن مشروع جوهريّ يضمن المناصفة الفعليّة بين اللبنانيين بتزاوج كبير بينها وبين النسبيّة المطلقة، وتجاوز لواقع فرض على المسيحيين في لبنان منذ التسعينيّات من القرن المنصرم، وانتهى عهده بوجود العماد عون على رأس السلطة اللبنانيّة.

مصادر قريبة من حزب الله، تلقفت تلك الرؤية، وفي خضمّ المداولات بين الحزب والحزب التقدميّ الاشتراكيّ، انطلق حزب الله من أن النسبيّة باتت ملحّة للبنان واللبنانيين، وملحّة بالضرورة لجميع المكوّنات اللبنانيّة من خلال ضمان الاستقرار فيما بينها وعلى مستوى لبنان وهي القادرة على تحصين البلد من إمكانية انعكاس الصراعات من الخارج إلى الداخل. وعلى ذمّة المصادر، كان الحزب التقدميّ الاشتراكيّ ضنينًا بوجوب ضمّ دائرتي عاليه والشوف لتكون دائرة واحدة، وهذه الدائرة هي المفتاح الأساسيّ لحفظ حقّ الطائفة الدرزيّة في أن تملك القدرة على الاندراج في المراحل الجديدة. إلاّ أنّ الحزب أفاد محاوريه بأنّ قيادات درزية من الصف الاول والثاني معترضة على ضمّ عاليه والشوف بلا بعبدا، وثمّة أفرقاء مسيحيون في المتن الشماليّ معترضون على وحدة الدائرة بينهم وبين المتن الجنوبيّ بسبب التوازن الطائفيّ، فالانضمام سيحرم دروز بعبدا من أن يكونوا جزءًا نسيج جبل لبنان بتكوينه المذهبيّ الأساسيّ في المعنى التجميعيّ للكلام، وفي الوقت عينه سيجعل من الناخب الشيعيّ الأكثر تأثيرًا من المواقع الدرزيّة في بعبدا وفي بعبدا يوجد أكثر من 35000 ناخب درزيّ، وفي المتن الشماليّ ثمّة أكثريّة مسيحيّة قد تتحسّس بالخلل ومنهم حلفاء وأصدقاء للحزب.

وتظهر تلك المعلومات بأنّ هذه المعطيات كلّها حدت أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على ان يحسم أمره ويدعو الأفرقاء إلى اعتماد النسبيّة الكاملة ضمن دوائر موسّعة وقد دعا في خطابه ما قبل الأخير إلى اعتماد مشروع الرئيس نجيب ميقاتي كمسودة للمناقشة فإذا كان ثمّة حاجة للتشذيب أو التصويب فيتمّ ذلك أو فليتم تبنيه بالكامل. والملاحظة الواضحة بان نصرالله تكلّم على الدوائر الموسّعة وليس على الدوائر الضيقة وبلا استثناءات مطلقة مخاطبًا الطائفة الدرزيّة، وقد بدا هذا الكلام بمثابة الجواب الفصيح على فلسفة الهواجس المتماهية مع الخصوصيّات النافرة المطروحة من قبل وليد جنبلاط.

في المقابل، يجهد التيار الوطنيّ الحرّ، على الوصول مع الأفرقاء إلى مساحة مشتركة، فأعاد الاعتبار إلى المختلط بتقسيمه إياه إلى مرحلتين، واحدة تأهيليّة على الأكثريّ وأخرى فعليّة وحاسمة على النسبيّ، وقد أطلق التيار مشروعه كحالة تسوويّة فاصلة، محاولاً اجتثاث مخاوف الكثيرين ودامجًا بين أكثريّ اعتبره السيد نصرالله بالإقصائيّ والإلغائيّ، والنسبيّ وهو الإحيائيّ والتجديديّ، وتساءلت بعض المصادر من جديد حول سرّ الدمج بين نفيين متراكمين لا يتلاقيان ولا يتوازنان، كيف يمكن مزاوجة ما هو إقصائيّ بما هو إحيائيّ، على الرغم من الإيجابيّة الكامنة في معنى التزاوج بين نفيين من خلال عمليّة التأهيل، فالتأهيل يخفّف من وطأة التزاوج بين الإقصائيّ والإحيائيّ، وبحال تم الرفض من قبل تيار المستقبل والحزب التقدميّ الاشتراكيّ وحركة امل، فإنّ التيار لن يتراجع قيد انملة لصالح قانون الستين أو القانون المختلط المقدّم من الاشتراكيّ والمستقبل والقوات اللبنانيّة، وقد وصف بالقانون الهجين، بل حتمًا سيتراجع ووفًقا لمعلومات جديّة، لصالح واحد من المشاريع المعتمدة في الأصل لديه وهي:

1- مشروع اللقاء الأرثوذكسيّ: وهذا المشروع يبقى الأوّل في رؤية التيار من العماد عون مؤسّسه إلى الوزير جبران باسيل رئيسه، وهو مدرج على جدول أعمال المجلس النيابيّ في جلسته العامّة  كأوّل بند للمناقشة بعد إقراره من قبل اللجنة النيابيّة المصغّرة وإحالته إلى الجلسة العامّة.

2- مشروع الوزير مروان شربل وهو مشروع مقبول ومعقول، وفيه زاوج صاحبه بين النسبيّة وتتأرجح فيه الدوائر بخيارات وضعها تميل ما بين إحدى عشرة دائرة وصولاً الى الأربع عشرة دائرة. وهذا مشروع متداول في التيار الوطنيّ الحرّ وفي كتلة التغيير والإصلاح.

3- مشروع الرئيس تجيب ميقاتي وهو مقسّم إلى ثلاث عشرة دائرة مع النسبيّة، ويفترق قليلاً عن مشروع شربل بعدد الدوائر، وقد كان مقبولاً سنة 2012 من الجميع، وفي النقاش الحالي يحظى مشروعه بتأييد من حزب الله ولا يمانع التيار الوطنيّ الحرّ طرحه.

يركّز التيار الوطنيّ الحرّ في تلك الخيارات، وما أطروحته القائمة على التزاوج بين النسبيّ والأكثري بالصيغة التي أظهرها سوى محاولة تبدو على وجه العموم يائسة. وعند بعض الأوساط إنّ المسألة لا تتوقف في الجدل الداخليّ، فلقد جنّدت السعوديّة إمكاناتها في الداخل اللبنانيّ، من أجل الضغط على رئيس الجمهوريّة في سبيل وضعه أمام خيار من خيارين، فإمّا تطبيق الطائف بصيغته الاحاديّة، أو العودة إلى قانون الستين معدّلاً، وهو ما طالب به وليد جنبلاط علنًا، ويؤيّده ضمنًا تيار المستقبل، وقد وقّع رئيس الحكومة سعد الحريري على المرسوم الصادر عن وزير الداخليّة نهاد المشنوق بدعوة الهيئات الانتخابيّة إلى الانتخاب وفقًا لقانون 1960، فيما رئيس الجمهوريّة وقد بلغه المرسوم لم ولن يوقعه كما بات متوقّعًا.

ليس الصراع بحجمه وبحسب المعلومات المتوافرة بين السعوديّة وإيران بصورة مباشرة، بل بين السعوديّة وحزب الله القوّة الإقليميّة العظمى في المنطقة وليس في لبنان، والسعوديّة وبحسب بعض الوقائع والمعطيات، لا تزال تتواصل مع اصدقائها في لبنان باتصالات لا تزال غير معلنة تستهلك بها عناوين عديدة ومنها العنوان الانتخابيّ. ويقول مصدر سياسيّ متابع انّ المرحلة التأسيسيّة للاندراج السعوديّ تم في السهرة التي جمعت تامر السمهان إلى مجموعة شخصيات في منزل فارس سعيد أوضح فيها الرجل رؤية المملكة للمراحل المقبلة، ورأى فيها ضرورة اصطفاف «ثورة الأرز» من جديد لمواجهة حزب الله في ظلّ مناخ الانشداد السلبي بين إدارة ترامب وإيران وانسداد آفاق الحوار، وفي ظلّ إحياء المثلث التركيّ- السعوديّ (الخليجيّ)- الإسرائيليّ (بعدم البوح السعوديّ المباشر) مقابل المحور الروسيّ-الإيرانيّ-السوريّ، العاكف إلى ترميد المنظمات المستولدة من قبل تركيا والسعودية وقطر، لصالح إيران وحزب الله بحسب هذا المصدر.

وبالعودة إلى إيلي الفرزلي، فقد اعتبر أيضًا وفي الحديث عينه، بأنّ أهمية رفض رئيس الجمهوريّة لقانون الستين قلبت الطاولة على جميع الرؤوس واظهرت متانة الموقع الذي يتمتّع به الرئيسّ وصلابته، وفي الوقت عينه جاء إجهاض قانون الستين لصالح اتفاق الطائف الميثاقيّ وليس الاحاديّ، والذي جعل من المسيحيين تفليسة توزع ذممها على الطوائف الأخرى. وفي معطى آخر متلازم مع كلام الفرزلي، فإنّ رفض الرئيس لقانون الستين متلازم بشدّة مع موقفيه الآخرين سواء في جامعة الدول العربيّة أو في تصريحه الأخير وفيه أعلن موقفًا صلبًا بوجه إسرائيل داعمًا به كلام السيد حسن نصرالله. وقد أدرك الرئيس ووفقًا لمعطيات واضحة في أنّ ثمّة من يعيد تحريك الأرض من جديد بالعناوين اللبنانية من أجل تطويق العهد في شهره الخامس من سنته الأولى، وهذا بالنسبة للرئيس لن يكون ناجزًا على حساب لبنان الميثاق والدستور والسيادة، كما أنه لن يكون ناجزًا بإقصاء مكوّن لحساب مكونات أخرى وعزل مكوّن لحساب مكونات اخرى، ويتلاقى بهذا الموقف مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ونسبة معينة مع القوات اللبنانية في ما خصّ الشقّ المسيحيّ منه على الرغم من بعض التفاصيل الخلافية حول طبيعة القانون.