IMLebanon

نصيحة حزب الله للمستقبل والتيار… وعون معني باقناع بري

اسباب كثيرة تجعل حزب الله يحذر الجميع، وخصوصا الرئيس سعد الحريري من «لعبة» الرهان على «الوقت»، لان في هذا الامر الكثير من المغامرات غير المحسوبة التي ستفضي حتما الى ضياع فرصة تبدو سانحة لفصل الملف اللبناني عن الصراع القائم في المنطقة… الحزب نجح في الحوارات الثنائية في تحويل «الجنرال» من نقمة الى نعمة، وجعل منه «فرصة» للحريري للعودة الى رئاسة حكومة يحتاجها بشدة في ظل ظروفه المالية الصعبة، ووضعه السياسي «المترنح» على وقع «تطاول» من كان على «زعامته» وقيادته للسنة… لكن الخطوة الاخيرة مطلوبة منه وسريعا قبل انفجار «الالغام» في وجهه… اما «اعتراض» الرئيس نبيه بري على «محتويات» «الطبخة» فلن يتغير الا مع ادخال التعديلات المناسبة على مكوناتها… وهنا للتيار الوطني الحر دور مهم واساسي مطالب بالقيام به…

وبحسب اوساط 8آذار، لا توجد الكثير من الاوهام حول قدرة رئيس تيار المستقبل المضي قدما بخطوة ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة دون الاخذ بعين الاعتبار الموقف السعودي، هو لا يستطيع أن يستغني عن السعودية التي تشكل «المظلة» الاقليمية العربية الوحيدة القادرة على تأمين مشروعية زعامته السنية، لكن الجديد في هذه المرحلة ان الرياض لا تبدو مهتمة بالملف اللبناني وليس على جدول اعمالها، ترى ان خسارتها وقعت فقررت الانسحاب، ولن يغير شيئا في الموضوع وصول جنرال الرابية الى قصر بعبدا، المواجهة مع ايران تدور على حدودها اليمنية في نجران وعسير، انتقل «الحريق» الى داخل «المنزل»، فقدت «الورقة» اللبنانية اهميتها في الصراع، «الشراكة» في الحكم عبر عودة الحريري الى رئاسة الحكومة تحقق التوازن المطلوب في ادارة بلد لا تقاس الخسائر والارباح فيه بمواقع رسمية، التوازنات ترسم خارج هذا الاطار… وانطلاقا من هذه «المعادلة» يفهم الرئيس الحريري حكمة «الصمت» السعودي حيال محاولته مؤخرا فتح قنوات الاتصال مع التيار الوطني الحر «وجس نبض» حزب الله بالنسبة الى رئاسة الحكومة، لديه الكثير من «الالغام» في الداخل يعمل على تفكيكها قبل ان تنفجر، الخوف ان يفشل في تفكيكها، ويصل صدى انفجارها على الساحة السنية الى المملكة التي قد تضطر حينها الى التدخل واتخاذ موقف لا يناسبه، لكنه لن يكون قادرا على تجاوزه… وهذا ما يحتم سرعة التحرك واتخاذ القرار…

وفي الانتظار يراقب الرئيس بري عن كثب احتمال سقوط آخر خطوط الدفاع امام انتخاب «الجنرال»، وهو سقوط لن يستطيع تجاهل مفاعيله وتداعياته، هو يدرك ان سقوط خط الدفاع الاول امام معارضته انتخاب عون سقط وجاء من معراب، هو يدرك انه بات يحظى بدعم غالبية مسيحية لا يمكن تجاوزها بسهولة، والتحجج بعدم وجود اجماع مسيحي حوله، كلام لا يمكن تسويقه لان هذا الاجماع لم يكن متوفرا يوما لاي من الرؤساء السابقين، وهو ليس شرطا لدخول قصر بعبدا، «الحكيم» «لعبها صولد» بوجه حليفه «السابق» سعد الحريري الذي لم يعرف ابدا كيف يدير العلاقة مع القوات اللبنانية فهو لم يتعامل معها كشريك فاعل ومؤثر في القرارات المصيرية والاساسية، وتعامل معها على قاعدة «فيكن وبلاكن الامور ماشية»، هنا حصل «الانقلاب» في العلاقة مع «التيار البرتقالي» وارتمى جعجع في «حضن الرابية» معولا على كسب «ورقة» مسيحية قوية يحتاج اليها في مواجهة شريكه السني في 14آذار والذي طالما تعامل معه انطلاقا من واقعه «الاقلوي» ضمن المسيحيين ما جعل منه تابعا غير مؤثر في استراتيجية فريق سياسي يقوده الحريري وفق مصالحه السياسية واحيانا الشخصية…

وفي هذا الاطار، اذا نجح الحريري في تهيئة المناخات الداخلية والاقليمية لتبرير قبوله بعون رئيسا، فانه من الصعب جدا على رئيس المجلس النيابي اجهاض هذه التسوية، هو يحاول الان في الفترة الفاصلة «فرملة» اندفاعة الحريري المأزوم في وضعه السياسي والمالي، لتحسين شروط «الصفقة»، هو يتهم رئيس «التيار الازرق» «بالفوضوية» السياسية ويعيب عليه عدم القدرة على تأمين «خطوطه الخلفية» عندما يقرر التراجع في مواقفه وخياراته السياسية، كل المطلوب هو «الهدوء» وعدم الاستعجال في «سلق» الامور، فاذا كانت هناك من تسوية جدية فيجب الاعداد الجيد لاخراجها كي لا «تولد ميتة»، اكثر من مرة تحدث بري عن معادلة «كل شي بحسابو والعدس بترابو»، وهذا يعني ان لا شيء مقفل، ولكن يجب ان تحصل تفاهمات مسبقة على «كل شيء» وهذا يشمل «الصغيرة قبل الكبيرة»..

وبحسب تلك الاوساط، اذا كان الحريري يريد تمرير «صفقة عون رئيساً» كجسر عبور مضمون له الى الرئاسة الثالثة، فهذا شانه، ولكن للاطراف الاخرى مصالحها ايضا، واذا كان التيار الوطني الحر يريد الوقوف على «خاطر» التيار الازرق»، فعليه ايضا معالجة «هواجس» عين التينة، الكيمياء المفقودة بين الرجلين غير قابلة للعلاج، لكن تجاوزها ممكن في «لعبة» المصالح السياسية، لا يمكن للتيار الوطني الحر الاستمرار مطولا بخطاب «العفة» واحتكار «نظافة الكف» ومواجهة الآخرين بخطاب فوقي لا يمت الى الواقع بصلة، ثمة نصائح قدمت من «الحلفاء» للرابية تحديدا لفتح قنوات حوار جدية تنتهي بعقد لقاء بين عون وبري، لحل التباينات المتعلقة بكيفية ادارة شؤون الحكم في البلاد. هذا التقارب ضروري سواء استكمل الحريري استدارته او تعثر في «الامتار الاخيرة»، دور بري اساسي ومركزي في الحياة السياسية اللبنانية وهو لن يغامر ابدا في التخلي عن دوره وموقعه، ولن يسمح لاحد بتهميشه مهما كانت المبررات او النتائج…

ولذلك فان الحديث ان بري يقف في وجه «حلم» عون الرئاسي تبسيط للمشهد وتقليل من «حنكة» الرجل الذي يعرف جيدا من اين «تؤكل الكتف»؟ لا عواطف في السياسة، هو يدرك ان حظوظ رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ستصبح منعدمة اذا ما تخلى الحريري عن ترشيحه، لن يراهن حينها على «حصان» خاسر، ولن يقبل على نفسه صفة المعطل للحياة السياسية اللبنانية، وهو المدرك الاول للمخاطر الامنية المحدقة بالبلاد في ظل الحريق السوري المستمر، وهو يعتبر نفسه الحارس الامين للنظام والدولة المكلف «شرعاً واخلاقياً» حمايتهما من السقوط. ليس خافيا على احد انه يحاول في «الوقت الضائع» قطع الطريق امام احتمال مقايضة عون ـ  الحريري، يكثف تنسيقه مع  فرنجية ويحضه على الصمود لاطول فترة ممكنة، ويحاول تأجيل النقاش مع حزب الله حول الملف، بانتظار ان تتظهر المواقف النهائية لدى الحريري، لكنه يدرك انه مضطر في النهاية الى «تجرع» «كأس عون» «المر» اذا ما تحول ترشيح الجنرال للرئاسة الاولى امرا واقعا ومخرجا من ازمة الفراغ التي تهدد الاستقرار الداخلي؟

وانطلاقا من هذه المعطيات، ينصح حزب الله الجميع بضرورة العمل على انضاج التسوية، ويدفع الجميع باتجاه تفعيل الحوارات الثنائية، لن يبخل بتقديم خبرته الطويلة «بتفكيك حقول الالغام»، لكنه غير قادر على القيام بمهام الاخرين، واهم من يظن انه سيقوم بالضغط على بري لفرض ما ليس مقتنعا به، «تخريب» «البيت الشيعي» خط احمر وتحته «الف سطر». ثمة مهام على عاتق التيار الوطني الحر، وتيار المستقبل، واي تخل من قبل الطرفين او اهمال لتفصيل مهما بلغ حجمه، سيؤدي حتما الى الفشل…