IMLebanon

زيارة هولاند للبنان  لا طريق إلى قصر بعبدا

لا يختلف إثنان على أنَّ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند هو من أكثر رؤساء الدول الصديقة للبنان سعياً وعملاً وجهداً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، إنه أكثر رئيس دولة إستقبل زعماء لبنانيين في السنة الأخيرة، وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وهو رئيس الدولة الوحيد الذي أجرى إتصالاً بالوزير سليمان فرنجيه إثر تبني ترشيحه من الرئيس سعد الحريري.

يولي الرئيس هولاند لبنان هذا الإهتمام، انطلاقاً من اعتبارات تاريخية واستمراراً لتقليد أرساه الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي ارتقى بالعلاقات اللبنانية – الفرنسية إلى علاقات أكثر من مميزة، وها هو الرئيس هولاند يواصل هذا التقليد اليوم، فصفقة الاسلحة التي كانت ستُعقَد إنطلاقاً من الهِبة السعودية، كان طرفها الثاني فرنسا، وعلى رغم إلغاء الهبة فإنَّ فرنسا ستواصل، بشكلٍ أو بآخر تقديم الدعم للجيش اللبناني ولو على مستوى الذخيرة والتكنولوجيا.

لن يستغرب الرئيس هولاند حين يصل إلى مطار بيروت ولا يجد رئيساً للجمهورية في مقدّم مستقبليه، يُدرِك أنَّ الأمر ليس في يد اللبنانيين، ولو كان كذلك لكان الأمر انتهى منذ عامين، يُدرِك أنَّ التجاذب الإقليمي واستطراداً الدولي يحول حتى إلى دون انتخاب رئيس، لذا فإن كلامه في مجلس النواب بعيد وصوله إلى مطار بيروت سيكون في اتجاه المحافظة على الإستقرار إلى حين إنجاز الإستحقاق الرئاسي.

وكما في ساحة النجمة، كذلك في السراي الحكومية التي يتوجَّه إليها الرئيس هولاند بعد لقائه الرئيس بري، اللقاء في السراي يأتي غداة مشاركة الرئيس سلام في القمة الاسلامية التي شارك فيها خادم الحرمين الشريفين، من المؤكَّد أنَّ صدى قمة تركيا سيكون مستمراً في أذني الرئيس تمام سلام:

فمن ناحية هناك المملكة التي لا ترضى عن سياسة الحكومة اللبنانية في هذه المرحلة، ومن ناحية ثانية هناك حرص فرنسي على مساعدة لبنان، لكن الرئيس هولاند سيجد يديه مكبلتين بالتعقيدات اللبنانية وبالتشابكات الإقليمية والدولية، جل ما سيستطيع القيام به هو جمع القادة اللبنانيين إلى مائدة العشاء في قصر الصنوبر والذي دُعيت إليه شخصيات وزارية ونيابية وروحية وعسكرية وأمنية وإعلامية.

المقلب الآخر من زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان، سيكون ملف النازحين السوريين، يُتوقَّع أن يولي الضيف الفرنسي الأهمية القصوى لهذا الملف خصوصاً أنَّ فرنسا، ومن ضمن الإتحاد الأوروبي، تجد نفسها معنية جداً بهذا الملف، وخصوصاً أنَّ نازحين سوريين وصلوا إليها من طريق البر بعد معاناة طويلة في البحر. يُدرِك هولاند أنَّ قضية النازحين هي الأولوية بالنسبة إلى أوروبا وسيظهر الإهتمام الفرنسي اللافت في هذا الملف من خلال خطوات رمزية سيقوم بها الرئيس هولاند.

في الوصول وفي المغادرة سيشاهد الرئيس هولاند قصر بعبدا من الطائرة، وسيسأل نفسه ما إذا كان سيعود يوماً إلى لبنان لتهنئة الرئيس الجديد، قبل مغادرته قصر الإليزيه.