IMLebanon

في عالم متغيّر بسرعات الكترونية

سياسة اليوم التالي في لبنان هي عنوان للمراوحة في المكان نفسه، لأزمان متفاوتة تقاس بالسنوات والعهود. وهي حالة من حالات الجمود والتخلّف عن العصر، في عالم بات يتحوّل ويتغيّر بسرعة الكترونية منذ بزوغ فجر ثورة المعلوماتية. هي سياسة الخمول والتلهي بالقشور، وتجنّب وجع الرأس، واستسهال ترحيل الأزمات عن ظهور القيادات والمسؤولين، والقائها على كاهل من يأتي بعدهم في تولّي المسؤولية والقيادة، بالتكافل والتضامن مع الطقم السياسي الحاكم! وحتى عندما تظهر بوادر رؤية اصلاحية تحاول تجاوز سياسة اليوم التالي والتطلع الى الغد والمستقبل، كانت تصطدم بعائقين: تحالف الغالبية المتضررة من الاصلاح من مختلف التوجهات والانتماءات، لاجهاض المحاولة الاصلاحية اما في مهدها، واما في عمر الطفولة وقبل بلوغها سنّ الرشد! واما العائق الثاني فكان يتمثل بأن التطلع الى الغد والمستقبل لم يكن يتجاوز ما هو أبعد من حدود الوطن الصغير الوديع!

نشهد اليوم متغيرات مثيرة في السباق الى عالم الغد. وفي احد أهمّ مراكز الثقل في المنطقة العربية، في المملكة العربية السعودية، نتابع بدايات انتقال السلطة، بعد القائد المؤسس وجيل الأبناء، الى جيل الأحفاد وأبناء الأحفاد من الشباب. ويأتي ذلك في مرحلة مفصلية تمرّ بها الأمة وهي تتعرّض الى هزّات وانهيارات هي الأخطر في الزمن الحديث. وهي متغيرات لم تأت صدفة، وانما كانت نتاج استراتيجيات خارجية متحكّمة بمصير العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. أميركا تغيّر العالم وتتغيّر معه!

… وهذا يعيدنا الى نقطة البداية، الى لبنان! الصدمات الكبرى الآتية من العالم ومن الاقليم، يجدر بها ان توقظ أهل الحكمة والتعقل والرؤية داخل الحكم وخارجه من الجماعة السياسية لاعادة بناء القوة اللبنانية من الجذور، واطلاقها بكامل الزخم والحيوية، برؤية لا تقتصر على الداخل، وانما بنظرة بعيدة تتخطى الحدود، لتحصين الوطن من غدرات الزمن الآتي!