IMLebanon

في آخر الحكاية

يريد السيد محمد رعد رئيس كتلة نواب «حزب الله» في البرلمان أن يعلن «الانتصار» قريباً في سوريا بعد أن تحقق له ذلك في لبنان! وقوله جاء بعد يومين فقط على تقديم حزبه عيّنة من «انتصاراته» في بلدة القصير السورية، التي هجّر أهلها ودمّر بيوتها مع أن أهل الجوار اللبناني في منطقة البقاع الشمالي يعرفون تماماً (وتاريخياً) واجتماعياً وزراعياً وتجارياً، أن جيرانهم في البلدة المنكوبة لم يكونوا من «داعش» ولا من حواشيه ومناخاته! وأن «سيرتهم» المعيشية بكل طقوسها لم تختلف في شيء عن سيرة العوائل والعشائر المقيمة في تلك المناطق المتداخلة على جانبي الحدود!

ويعرف حزب السيد رعد بكل تأكيد (أم تراه لا يعرف؟) أن ادعاءات «الانتصار» في سوريا وعلى أهلها سابقة لأوانها! عدا أنها خالفت على مدى السنوات الخمس الماضيات «الوعود الصادقة» التي أطلقت في ذلك الاتجاه. بل عصت تلك الادعاءات حتى على الفاتحين الروس، بعد أن عصت على نظام الرئيس السابق بشار الأسد وأجهزته وشبيحته وطيرانه ومدافعه وبراميله وكيماوياته و«مستشاريه» الإيرانيين بكل عديدهم وعدتهم!

.. وعلى أحرّ من الجمر، ينتظر السيد رعد «الانتصار» في حلب ويتوقعه! بل يريده نقطة انطلاق إلى سائر المناطق من أجل «تحريرها»!

وفي القول والتوقع زبدة المنطق المألوف عند حزبه، وصفوة بيانه في كل ميدان. سوى أن «تفاصيل» كثيرة تدخل على الخط وتلطش بالسواد صفحات اليقينيات المقدّسة! وهذه على ما يبدو لا يراها أهل الحزب الانتصاري ولا يتوقفون عندها، مع أنها سوداء قاتمة، قتامة أن إسرائيل «تتفرّج» على «انتصارات» «أعدائها» المفترضين في سوريا التي تتم بالتنسيق التام والمفتوح والمباشر مع «حلفائها» الروس في سوريا! وذلك في كل الأحوال يُفترض أن يدقّ أسئلة التوجّس عند أهل النباهة، ليس من منطلق أخلاقي أو «إيماني»، إنما من زاوية حساسة وبسيطة مفادها: إذا كانت إسرائيل مرتاحة، فلماذا يشعر «حزب الله» بأنه منتصر؟! ولماذا لا يقلقه انشراح إسرائيل وارتياحها! ولماذا يصرّ على تجاهل «اطمئنانها» إلى المشهد الكلي وإلى أن ما يحصل ما كانت لتحلم به ولو بعد ألف ألف ليلة صلاة عند «حائط المبكى» المزعوم!

قبل السيد رعد بكثير (لمن يتذكر!) وَعَد بشار الأسد بالانتصار السريع في ذات يوم خميس من ذات شهر من العام 2011! وعندما فات الميعاد، جاءت إيران وحزبها من لبنان، وتجدّد الوعد من القصير ذاتها.. ثم عندما فات الميعاد جاءت «عاصفة السوخوي» وبلغ النفير مداه وما عاد عاقلٌ بقادر على لجم صيحات «الانتصار» الأخير الآتي مع العسكر الروسي! ثم فات الميعاد أو يكاد! وراحت «السوخوي» إلى غير حلب! وراح صاحبها إلى مكان آخر أو يكاد لملاقاة «وعد» آخر، مختلف تماماً، من عند دونالد ترامب! وهذا على ما تقول الحكاية، يرى «داعش» بعين و«حزب الله» بعين أخرى!

وحده حزب السيد رعد، لا يريد أن يرى لا إسرائيل ولا روسيا ولا ترامب ولا كربلاء السورية.. تكفيه حكاية «الانتصارات» على شاكلة القصير، ولا ينتبه إلى صفحاتها الأخيرة!