IMLebanon

هل يدفع حزب الله ثمن الصراع الروسي – الايراني ؟

مع انطلاق «الحرب المقدسة» الروسية في سوريا رسميا، تكثر التكهنات حول تداعيات تدخل موسكو العسكري المباشر على الساحة السورية وعلى الصورة في المنطقة، في وقت لا يخفي فيه حلفاء محور «الممانعة» تعويلهم على نتائج ايجابية لتلك الخطوة ، لما تحمله من انعاش للنظام في دمشق وجاعلة صوت نهج «المقاومة» أعلى في الاقليم، رغم اعتبار آخرين ان «التدخل الجوي المحدود» اقله حتى الساعة لن يغير في موازين القوى ولا في طبيعة الازمة السورية بل سيزيدها تعقيدا، وسط ارتياح من أن «الوجود الروسي» في سوريا وتحديداً بالقرب من المناطق الحدودية اللبنانية سيشكل نوعاً من الاستقرار الأمني الذي ينعكس استقراراً سياسياً لا سيما في البلدات الحدودية التي عانت من تداعيات الحرب السورية.

من هنا تقرأ مصادر ديبلوماسية غريبة ان الدخول الروسي على خط الأزمة السورية بشكل مباشر لا يشكل عنصراً مسهلاً لحل الأزمة وقد ساهم في تشعيب المصالح ما بين واشنطن وطهران وموسكو، معتبرة ان القيصر الروسي يسعى لتثبيت النظام السوري أقله في المرحلة الانتقالية كي يتمكن عند فرض تسوية من تحقيق مكاسبه، حيث تسعى روسيا الى قيادة عملية اقتصادية واسعة في سوريا تبدأ من إعادة الإعمار وصولاً الى تدريب الجيش وتسليحه وما يرافق ذلك من صفقات ومليارات، دون اغفال الجانب الآخر، وهو عودة موسكو الى الشرق الأوسط وتحديداً الدول العربية من بوابة دمشق وصولاً الى تثبيت قاعدة بحرية في المتوسط.

في هذا الإطار، توقفت المصادر عند وضع أو مصير «حزب الله» الذي يقاتل في سوريا، مشيرة الى وجود اختلاف بين موسكو وطهران حول جدوى بقاء الحزب في أرض المعركة، في مقابل رغبة ايرانية بإبقائه بعد التسوية كذراع لها، اما روسيا فتريد تحقيق مصالحها بالكامل دون عقبات، مدرجة تحت هذا «الخلاف» عدم قدرة الحزب على تحقيق أي تقدّم ميداني منذ فترة، خاصة في منطقة الزبداني في ظل الاهمية الاستراتيجية والمعنوية التي تحظى بها المدينة، وهو ما ظهر بوضوح في الشرح الذي قدمه امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال اطلالته التلفزيونية الاخيرة عبر شاشة المنار.

الا ان ذلك لا ينفي بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية، ان محورالممانعة لم يتمكن، على رغم دخوله ميدانيا الى ساحة المواجهة عبر الحرس الثوري الايراني وحزب الله، من اعادة المبادرة للنظام،لا بل اتسعت تدريجا رقعة سيطرة المعارضة بمختلف تلاوينها على المناطق السورية ما حمل الجانب الايراني على طلب العون الروسي ولو على حساب تقلص دوره ونفوذه، فهو بات على قناعة بان دائرة الاعتراض العربية على هذا الدور لا يمكن ان تسمح له بدخول ميدان التسويات السياسية كشريك او حتى مراقب. وما بين المحورين تلفت المصادر نفسها الى التقاء الجميع عند نقطة مركزية عنوانها منع انهيار الجيش والمؤسسات تلافيا لتكرار سيناريو الفوضى العراقي. علما ان مصادر لبنانية مطلعة تكشفت عن وصول مئات العناصر من القوات البريّة الإيرانيّة إلى سوريا منذ حوالى عشرة أيام للمشاركة في عملية تطهير الشمال السوري، حيث يستعد حزب الله من جهته ايضا للمشاركة فيه، موضحة أنّ العملية البريّة التي سيقوم بها الجيش السوري وحلفاؤه ستتم تحت غطاء من الغارات الجوية الروسية، مشيرة إلى أنّ العمليات الجوية الروسية في المستقبل ستترافق مع تقدم للجيش السوري وحلفائه براً في القريب العاجل.

تبعا لذلك، تعتبر المصادر الديبلوماسية الغربية ان روسيا شكلت نقطة التقاء بين «الممانعين» والاميركيين باعتبارها خارج حلبة النزاع المباشر ويمكن ان تكون الضامنة لاي من التسويات الجاري العمل على نسجها في الاروقة الدولية وضابطة الايقاع على الساحة السورية بدليل ان الرئيس فلاديمير بوتين وعد رئيس الوزراء الاسرائيلي بان دمشق لن تفتح جبهة الجولان وطمأنه الى الوجود العسكري الروسي في سوريا، غامزاً من قناة هذا الوجود كضرورة لتأمين سقوط هادئ للنظام وفق اخراج روسي، ما سيفتح الباب امام مفاوضات روسية – اميركية في المنطقة بعدما رفضت الولايات المتحدة حتى الامس القريب الدخول في تفاوض مباشر مع ايران في شأن التسويات السياسية لازمات المنطقة.

وتسعى طهران لاستعادة زمام المبادرة من بوابة حادثة منى لفتح قناة اتصال مع المملكة العربية السعودية تدخل من خلالها الى الملف السياسي في المنطقة. محاولة لا يبدو النجاح حليفها تقول المصادر الديبلوماسية الغربية ما دامت المملكة ترفض مد جسور التواصل مع طهران حتى الساعة.

هذه هي الصورة التي يحاول «العملاقان» التاريخيان رسمها لمنطقة الشرق الأوسط ما يدلّ على أن الأزمة ما زالت طويلة والسؤال كيف يمكن قراءة ما بين الحروب لمعرفة ما هو مصير لبنان؟ في حين أن دول الغرب من جهة وروسيا وايران من جهة أخرى تسعى الى تحقيق المكتسبات والمصالح