IMLebanon

جنبلاط ينقلب على ارث والده

يعرف عن النائب وليد جنبلاط، انه لا يثبت على موقف سياسي، وهذا اسلوب في السياسة ينتمي الى «مدرسة الواقعية» او «البراغماتية»، التي تغلف المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وهذا ما تميز به خلال مسيرته السياسية في اربعة عقود، وكان صاحب مبادرات منها مصالحة الجبل التي بدأها قبل انتهاء الحرب الاهلية في العام 1990، وكان صاحب مبادرات منها مصالحة الجبل التي بدأها قبل انتهاء الحرب الاهلية في العام 1990، وهو لا يخجل ابداً، في ان يعترف انه اخطأ التقدير في السياسة، او انه تورّط في مشروع سياسي، كانت له نتائج سلبية على موقعه السياسي، كما على طائفته، وايضاً على لبنان.

فتغيير التحالفات السياسية، ممكن في العمل السياسي اما ان ينقلب السياسي على مبادئه وثوابت العمل الوطني فمن هنا تبدأ الاسئلة، يقول قيادي حزبي رافق الراحل كمال جنبلاط في زمن الحركة الوطنية، والسؤال الاول الذي يوجهه الى جنبلاط، هو لماذا تخلى عن تراث والده، وعن مشروعه الاصلاحي للنظام السياسي، او ما عرف «بالبرنامج المرحلي للحركة الوطنية»، الذي اطلقته عشية الحرب الاهلية، التي من احد اسباب اندلاعها، ان النظام السياسي المرتكز على الطائفية، لم يحقق المساواة بين اللبنانيين، وخلق شرخاً بين مكوناتهم الطائفية، وايقظ شعوراً طائفياً عن امتيازات للموارنة، وعدم مشاركة عند السنة، وحرمان عند الشيعة، ولا مكان لشخصية مثل كمال جنبلاط الدرزي وغيره، ان يكون رئيساً للجمهورية، بسبب الطائفية السياسية التي كرستها اعراف وليس الدستور، فكانت رئاسة مجلس النواب للشيعة ورئاسة الحكومة للسنة.

وكان طموح مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، هو ايجاد آلية تمرحل اصلاح النظام السياسي، ومن ضمنها قانون الانتخاب، الذي هو الاساس في تكوين السلطة، والذي اعتبره كمال جنبلاط مع الاحزاب الوطني والتقدمية واليسارية، انه المدخل للتغيير، يؤكد القيادي، ومن دون ذلك، فان الوضع الطائفي سيزداد، وهو ما نشهده عند مطالبة كل طائفة بحقوقها، وآخرها ما اشار اليه بيان المجلس المذهبي الدرزي، الذي تحدث عن رفض عزل وتهميش الطائفة الدرزية، التي كما طوائف اخرى، باتت مجالسها المذهبية والملية، تعمل عند زعماء الطوائف، ويستخدمونها لصالحهم، من بيانات المطارنة في بكركي، الى المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى في دار الفتوى، والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، كما المجلس الاعلى للروم الكاثوليك، وتوأمه عند الروم الارثوذكس وطوائف ومذاهب اخرى.

فالانحدار السياسي، نحو الطائفية، لا يمكن ان يطور النظام الذي رسم اتفاق الطائف خارطة طريق لاصلاحه، ومن بنوده اصدار قانون انتخاب خارج القيد الطائف، والغاء الطائفية السياسية، وانشاء مجلس شيوخ، فاين كل القوى الحزبية من تطبيق هذا الاتفاق الذي صدر قبل اكثر من ربع قرن، ففي زمن الوجود السوري، يتحقق الاصلاح، لا بل حصل تواطؤ من المسؤولين السوريين مع قوى لبنانية، لاستصدار قوانين انتخاب تخدم مصالحهم، واولهم النائب جنبلاط، والرئيس رفيق الحريري، الى غيرهما، وهما كان الابرز، اذ نال جنبلاط في العام 1992، استثناء، باخراج محافظة جبل لبنان من القانون، الذي اعتمد المحافظة دائرة انتخابية، وارسى القضاء دائرة انتخابية فيها، كما ان الحريري تم ترتيب قانون له عام 2000، يضمن له كتلة نيابية وازنة، يقول القيادي، الذي يشير الى انه لا يمكن انتاج قانون انتخاب عصري ويحفظ التمثيل، اذا ما تقدم كل طرف بقانون يضمن له حصته وحجمه النيابي، وهو ما ارجعنا الى قانون الستين عندما ظنت قوى سياسية مسيحية، بأنه يؤمن صحة التمثيل المسيحي، وهي ما ترفضه  اليوم، فيما جنبلاط يصر عليه، ويؤكد في تصريح له، ان النواب الحاليين الا يمثلون، دون ان ينظر الى قوى اخرى موجودة في كل الطوائف او عابرة لها ولا مكان لها في النظام الاكثري، ولا يمكن ان تتمثل، الا اذا تغيرت تحالفات ما، او ان الديموغرافيا فرضتها، وهذا ما يقلق جنبلاط، ايضا والذي يواجه معارضة لطرحه هذا من داخل الطائفة الدرزية، سواء من سياسييها واحزاب فيها، او من المشايخ، وهم ليسوا اقلية، بل لهم حضورهم الشعبي والسياسي، ومن ابرزهم النائب طلال ارسلان، والنائب السابق فيصل الداود، والحزب السوري القومي الاجتماعي، ووئام وهاب، والنائب فادي الاعور، الى قوى حزبية اخرى وشخصيات درزية وطنية، ترفض النظام الاكثري، وتطالب باعتماد النسبية. ورفض النظام الاكثري، وهم اعلنوا انها ستكون معركتهم السياسية، لانها تصحح الخلل في التمثيل داخل الطائفة، من خلال اعطاء كل طرف حجمه، ولا يعني ذلك الغاء الاخر، بل اعتراف بالاحجام التي تؤمنها النسبية، وما ينطبق على الطائفة الدرزية، يسري على الطوائف الاخرى، لكسر الاحادية فيها، كما في وضع «تيار المستقبل» داخل الطائفة السنية، التي كل النواب فيها هم من حصته، باستثناء النواب الذين على لوائح «امل» و«حزب الله» وهم ثلاثة: قاسم هاشم، كامل الرفاعي ووليد سكرية، وهو ما ينطبق على النواب الدروز، اذ ان نائبين درزيين فقط من اصل ثمانية، هما من خارج حصة جنبلاط، لانهما ايضاً على لائحة «امل» و«حزب الله» كالنائب انور الخليل، والنائب فادي الاعور على لائحة تحالف «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» وحركة «امل».