IMLebanon

«الكتائب» ترقّع حكومياً.. ما مزّقته رئاسياً

تطمينات عونية و «قواتية» بعدم عزل الصيفي

«الكتائب» ترقّع حكومياً.. ما مزّقته رئاسياً

تتصرّف قيادة «حزب الكتائب» كمن تلقّى ضربة قاسية على الرأس، ولا يعرف كيف يداوي إرباكه!

حاولت كثيراً تطويق التفاهم الثنائي بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» من خلال التصويب المباشر عليه، لكي تحول دون تمدّده في التركيبة السلطوية فيتحول الى «غول» قادر على أكل أخضر المواقع ويابسها والتحكّم بمصير بقية القوى المسيحية.. ولكن من دون جدوى.

رفع سامي الصوت عالياً، وشاغب على حكومة تمام سلام الى حدّ الخروج منها، ولو بوزير بعدما دخلها بثلاثة، علّه يتمكن من تعويض موجة التأييد التي لاقتها مصالحة الخصمين المارونيين التاريخيين، ببعض تعاطف معه أقله من جانب الناقمين على تفاهم معراب، وفي ذهنه، أن اتفاق الاثنين الكبيرين سيكون على حسابه، فيكون حزبه «فرق عملة».

وها هو ميشال عون يضع رجليه في قصر بعبدا، وينصّب سمير جعجع «ولياً للعهد»، وفي جيبه مفتاح تعطيل الحكومة إذا لم يمنحها بركته. إذاً، كل الرهانات على تعثّر مسار التفاهم الثنائي، باءت بالفشل. وما اتفق عليه «الجنرال» و«الحكيم» قبل الرئاسة، وضع على سكة التنفيذ، من دون أي عراقيل.

وجدت «الكتائب» نفسها يتيمة في غابة النفوذ على الشارع المسيحي حيث يأكل الأقوياء.. الضعفاء. فلا رئيس الجمهورية مستعدّ لمساندتها طالما أنّها تخاصمه بالسياسة. ولا سعد الحريري يبلع للحظة تمردها على حكومة سلام، مع أنّ لبعض عارفيه رأياً آخر، إذ يقولون إنّ رئيس الحكومة المكلف يسعى جاهداً لإجلاس «كتائبي» الى طاولته الحكومية، من باب تخفيف الثقل المسيحي في الطرف الآخر، الذي يمثله «التفاهم الثنائي».

ولكن عملياً، ليست المسألة في مشاركة «الكتائب» في الحكومة أو مقاطعتها. مقعد وزاري لن يُطعم الصيفي خبزاً خلال الأشهر القليلة المقبلة التي ستسبق الاستحقاق النيابي، مع أنها قد تكون بحاجة الى منفذ ولو صغير الى جنّة الخدمات. لكن معضلتها أكبر من ذلك.

يشعر بعض الكتائبيين بأنّهم على ضفة أخرى من «المنظومة الحاكمة». يخشون الانقضاض عليها فتسحقهم، ولا يعرفون في الوقت عينه كيف يعيدون عقارب الساعة الى الوراء. باختصار تتجلى الأزمة الكتائبية بأسئلة محددة: ما هو مستقبل الصيفي إذا جرف التسونامي العوني ـ القواتي كل مَن وقف بوجهه؟ هل «الكتائب» بصدد مواجهة مشروع إلغائي، كما قال رئيسها، سيأكل مقاعدها المحمولة أصلاً برافعات الحلفاء؟ هل يمكن للمعارضة السياسية للحكم والحكومة أن تكون ملجأً حامياً أم هي الخيار القاتل؟

تدل المؤشرات على أن الصيفي تتأرجح بين الخيارين. تحاول من جديد استيعاب صدمة الرئاسة التي أتت على رأسها. تفتح باباً متأخراً للحوار مع «التيار الوطني الحر»، علّه يخفف من حالة التشنّج والتوتر اللذين سادا خلال الأيام الأولى للرئاسة. ولا تعرف ما ينتظرها. أو تعرف وتحاول العضّ على الجرح، لعلّ وعسى.

بهذا المعنى كان اللقاء المشترك بالأمس بين سامي الجميل وجبران باسيل، للتهنئة بالدرجة الأولى، ولإعادة ترتيب جدول الأعمال المشترك. يقول الكتائبيون إن مساحة الالتقاء لم تنتف أبداً وبالإمكان اختيار خط وسطي يحول دون الخصومة المطلقة.

هكذا يُفهم أن الجلسة لم تخصص أبداً لمناقشة المقعد الكتائبي في الحكومة، خصوصاً أن «التيار» يتعامل مع هذه المسألة على أنها من اختصاص رئيس الحكومة لكون «حزب الكتائب» أحد مكونات «قوى 14 آذار»، وبالتالي هي مهمة «الأقربين» حصراً.

لهذا استعاد الجميل وباسيل مآل تجربة الورقة المشتركة التي كانا يحاولان صياغتها، عشية الانتخابات الرئاسية، والتي لم يعُد بالإمكان إخراجها الى النور طالما أنّ «الجنرال» صار رئيساً، و«التيار» لم يعُد معنياً بصياغتها أصلاً.

ويشير كتائبيون الى أن ثمة نقاطاً مشتركة يمكن متابعتها في المستقبل، وتحديداً في ما يخصّ قانون الانتخابات وورشة الإصلاح الإداري، وتحديداً تفعيل هيئات الرقابة ودائرة المناقصات. وهذان عنوانان أساسيان «يمكن الالتقاء حولهما والبناء عليهما، سواء كانت الكتائب في صفّ الموالاة، أو تشاغب من مقاعد المعارضة»، كما يؤكدون.

هي فترة اختبار بالنسبة للصيفي، لكيفية تصرّف الثنائي المسيحي تجاهها. يقول أحد الكتائبيين إنّ تطمينات كثيرة وضعت على الطاولة من جانب «التيار» و «القوات» بأنّ «حزب الكتائب» لن يواجه مخططاً لعزله، ووحدها الأيام كفيلة بالحكم.