IMLebanon

الكويت وعتب الشقيق

الكويت تنتظر جوابا من الحكومة اللبنانية على المذكرة التي أرسلتها وزارة الخارجية الكويتية الى بيروت، حول دور حزب الله في خليّة العبدلي الارهابية، والأوساط الحكومية تتريث بالرد حتى عودة الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل من واشنطن، والأجواء السياسية توحي بأن سياسة النعامة لا زالت الأكثر اعتمادا من جانب الحكومة اللبنانية، بل الحكومات اللبنانية المتعاقبة، تعبيرا عن قصر اليد أو تجنبا للاحراج، وإتّكاء في ذات الوقت على سعة صدور الأشقاء، وقابليتهم لتفهم أوضاع لبنان وحساسية ظروفه الاستثنائية.

الوضعية السببية ذاتها تقريبا مرّت بها علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية، ومع دولة الامارات العربية المتحدة، واستطاع البلدان اللذان يحتضنان الآلاف من اللبنانيين، الالتفاف على الاساءة، ومتابعة مسيرة العلاقات، وان بتعاطف أقلّ وحذر أكثر. وفي الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس الحريري الى جدّة حيث التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جرى وضع النقاط على الحروف، وبروحية العلاقة التقليدية بين البلدين…

وتقول المصادر المتابعة ان الكويت قد تكون الأكثر تفهما لظروف لبنان السياسية، كونها على تشابه معه، لكن ثمة مثلا لبنانيا يمكن قوله في هذا المقام وخلاصته اذا كان حبيبك من عسل فلا تلحسه كلّه.

وتذكّر المصادر، وهي لبنانية تابعت العلاقات التاريخية بين لبنان والكويت، بما كان ولا يزال من مساندة كويتية مستدامة، للبنان، من خلال صندوق التنمية الكويتي، أو عبر سواه من مصادر التمويل والدعم في المحن والأزمات، الى جانب الاستثمارات المالية في بنى لبنان التحتية، ومع ذلك فان ثمة تقصيرات حصلت، أقله على مستوى العلاقات الرسمية، أمكن تجاوزها، ولم يسمح لها بأن تفسد للودّ قضية بين البلدين الشقيقين، لكن القضية الحاضرة تركت آثارا بليغة، تتطلب الكثير من الجهد والجدّ والتطمينات والضمانات، وإلاّ لن يعود مقبولا تجزئة المسؤوليات في كل مرة، والمطلوب وفق المصادر عينها، اقناع من يعنيهم الأمر، بأن مصلحة لبنان في الميزان، وليس مصلحة اللبنانيين العاملين في الدول الخليجية وحسب، وكذلك إقناع أركان الحكم اللبناني، بأن سياسة النأي بالنفس، قد تجوز في حالة الصراعات العربية، بينما الصراع المطلوب تجنّبه الآن جوهر علّته وجود طرف لبناني شريك في السلطة، ولا يمشي على خطاها ولا يعمل لحسابها…

وتقول المصادر، الاختلاف من طبيعة الأشياء، وليس شرطا أن تقتنع بما أنا مقتنع به، ولا من الضروري ان ترى ما أرى، لذلك كان الحوار السبيل الى التكامل والتوافق، فالانسان لا يتفاعل إلاّ مع المختلف عنه، والاختلاف هنا، غير العداوة، أو تأبط الشر، وإلاّ بتنا في حالة فالج لا تعالج…

المصادر عينها تعي ان المشكلة الراهنة ليست الصدع الأول في جدار العلاقات اللبنانية – الكويتية، وقد حصل ما هو أسوأ عام ١٩٨٥، حين جرت محاولة لاغتيال الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد من ذات الجهة ولذات الأهداف الرامية الى زعزعة استقرار الكويت، ومع ذلك أمكن احتواء التداعيات، ولم يسمح الكويتيون للجرح بأن يؤلم القلب، بعدما أدركوا مصدر العلّة، وغاية العمل الجنائي المفتعل.

في ذلك الوقت كانت طاسة السلطة ضائعة في لبنان، وهذا ما عجّل في تفهّم الظروف والاعتبارات، أما اليوم فان الطرف المشكو منه في صلب السلطة، وبالتالي فان هذه السلطة تتحمّل المسؤولية، أو جزءا من المسؤولية، المعنوية، وليس المادية بالطبع، ومثل هذه المسؤولية، لا تعالج بالصمت أو بغرس الرأس في الرمال، خصوصا وان في الملف أشخاصا لبنانيين، أو تدرّبوا في لبنان، وربما ما زالوا موجودين فيه، وبالتالي على الحكومة ان تتدارك ما حصل للبنانيين في مصر وفي الامارات وفي بلدان عربية أخرى، بمحاولة التفاهم على ترسيم حدود ولما يجوز ولا لا يجوز، كما حصل في موضوع الخروج على الاجماع العربي في الجامعة، عندها يمكن لزيارة يقوم بها الرئيس الحريري بعد عودته من واشنطن، الى الكويت، معالجة الأمور قبل تفاقمها، وإلاّ فما هو مبرّر التعاطي مع سلطة لبنانية لا تملك أكثر من حق التنفّس؟!