IMLebanon

تنسيق أمني لبناني ــــ أوروبي في مواجهة الإرهاب

توقفت أوساط أمنية غربية ناشطة في بيروت حيال ما شهدته مدينة مانشستر في بريطانيا من تفجير انتحاري أسفر عن مقتل 22 شخصاً، وإصابة 59 آخرين، نفذه شاب ليبي يدعى سلمان عبيدي المنتمي الى تنظيم «داعش». وأكدت هذه الأوساط في دردشة مع «المستقبل»، أن الاجهزة الاستخباراتية الاوروبية بشكل خاص تعيش منذ شهور هواجس قيام جماعات متطرفة متشددة بعمليات ارهابية في عدد من الدول الاوروبية نتيجة معلومات وتقارير تؤكد انتقال أعداد من العناصر المتشددة المنتمية الى تنظيم «داعش» من سوريا وليبيا وبعض دول القوقاز الى أوروبا للقيام بعمليات ارهابية بالتنسيق مع خلايا نائمة في تلك الدول.

تمويل وتنظيم !

وأشارت الاوساط نفسها الى أن هناك ما يثير استغراب الجهات الأمنية الاوروبية، من حيث تمتع هذه الجماعات الارهابية بالتمويل والتنظيم، ومن وجود وسطاء يسهلون تحركاتها وانتقال أفرادها وسفرهم ودخولهم أراضي الدول الاوروبية. وعادت بالذاكرة الى أيام الوجود الاميركي في العراق، عندما كان النظام السوري يطلق سراح الارهابيين من سجونه ويرسلهم الى العراق للقيام بعمليات انتحارية ضد القوات الاميركية والاجنبية، ما يدل على أن هذه الجماعات ما هي الا بنادق للايجار، وأن تنظيم «داعش» يثبت أنه وجد ليخدم وينفذ مخططات لجهات معينة، معتبرة أنه من غير المستبعد مثلاً أن يكون التفجير الارهابي في بريطانيا رسالة سريعة موجّهة ضد ما جاء في قمة الرياض مؤخراً، من بعض الجهات الاقليمية، وبقصد فرض أمر واقع يخدم مصالح وتوجهات وأجندات متشعبة.

اجتماعات لبنانية أوروبية

وفي هذا السياق، كشفت مصادر أمنية لبنانية لـ «المستقبل» عن اجتماعات دورية مشتركة تجري بين مسؤولين في الأجهزة الاستخباراتية الغربية الخارجية وعدد من الأجهزة الأمنية اللبنانية لمتابعة ومقاطعة معلومات وملفات حول تسلل عناصر ارهابية من سوريا الى لبنان، ومنها الى تركيا واليونان فأوروبا ضمن خطة منظمة مموّلة يشارك فيها ناشطون محترفون، وتستخدم فيها جوازات ووثائق مزورة، وأن الأجهزة الأمنية اللبنانية لعبت دوراً فاعلاً في إفشال مخططات ارهابية من خلال «الامن الاستباقي»، وقيامها باعتقال خلايا وعناصر كانت تتحضر لأعمال إرهابية سواء داخل لبنان أو خارجه.

وأكدت المصادر أن البعض يجهل أن الاجهزة الاستخباراتية في لبنان ساهمت في كشف خلايا ارهابية في كثير من الدول العربية والاوروبية، نتيجة حصول هذه الاجهزة على معلومات دقيقة من خلال التحقيقات التي تجريها مع عناصر ارهابية اعتقلوا في لبنان، ومن خلال مصادر خاصة في الخارج، وأن أحد المسؤولين الأمنيين في لبنان سبق وزوّد دولة أوروبية ملفاً أمنياً خطيراً تضمن معلومات عن عمل ارهابي كان يُخطط له داخل هذه الدولة، كما أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تلعب دوراً فاعلاً في هذا الاطار من خلال التقارير المفصلة التي تزود بها سفارات بعض الدول العربية والاجنبية في لبنان عن نشاطات وتحركات عناصر وخلايا ارهابية تجاه هذه الدول وحتى ضمن أراضيها، وهذا ما دفع بأحد المسؤولين الأمنيين في مؤسسة أوروبية أمنية الى الاعتراف بمدى فاعلية الأجهزة الاستخباراتية اللبنانية وابداء تقديره وشكره نيابة عن المسؤولين في بلاده.

ولم تنف المصادر مخاوفها من ازدياد الأعمال الارهابية في الفترات المقبلة في دول عدة،لأن تقاطع المعلومات يظهر أن تنظيم «داعش» أصدر تعليمات الى الخلايا والمجموعات الناشطة في نطاقه بتفعيل العمليات الارهابية سواء بالتفجيرات أو من خلال استخدام السلاح الابيض أو القيام بعمليات دهس بواسطة المركبات الآلية على غرار ما حصل في مدينة نيس الفرنسية صيف 2016. وكشفت المصادر أن تنظيم «داعش» أعاد مؤخراً تنظيم ما يسمى بـ «مجلس العمليات الخارجية».

وفي هذا الاطار، كان رئيس لجنة مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة جان بول لابورد حذر من أن «أوروبا ستواجه هذا العام تدفقاً لمقاتلي تنظيم داعش الذين انهزموا في سوريا والعراق، والذين يعتبرون أكثر خطورة من العائدين السابقين وأكثر خبرة بالحروب والمعارك».

وأضاف: «إن عدة دول أوروبية تُقدر أن معدلات تدفق المقاتلين العائدين من مناطق النزاعات ازدادت بنسبة الثلث خلال العام الأخير، وأن مستويات التهديد مرتفعة فى غرب أوروبا بعد موجة هجمات أسفرت عن مقتل العشرات خلال العامين الأخيرين، وتشعر عدة دول بالقلق حيال قدرتها على حماية حدودها».

وكانت الولايات المتحدة الاميركية بدورها جددت تحذيراتها من خطر اعتداءات «إرهابية» في أوروبا، مؤكدة أن تنظيمي «داعش» و«القاعدة» والفروع التابعة لهما، لديها قدرة على التخطيط وتنفيذ اعتداءات إرهابية في أوروبا.

ودعت أوساط أمنية أوروبية إلى ضرورة التعاون مع دول العبور وهي تركيا ولبنان والأردن، و«تعزيز الحوار مع تركيا» لوضع إجراءات بشأن الأوروبيين العائدين من مناطق النزاع والمتواجدين في الأراضي التركية.

وكانت أوساط اعلامية بريطانية، ابان الحادث الإرهابي المركب الذي وقع على مدخل البرلمان البريطاني في قصر ويستمينستر، في الثاني والعشرين من آذار الماضي، حذرت من أنه من غير المستبعد أن تشهد بريطانيا حوادث إرهابية متكررة، خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، بسبب زيادة أعداد العائدين من سوريا والعراق، خصوصاً أن هذه الموجة الجديدة من العائدين من المتوقع أن تكون من بين أكثر العناصر تطرفاً وتشبعاً بالفكر الداعشي. إذ تشير التقديرات إلى أن الموجات الكبيرة لتدفق المقاتلين من أوروبا إلى «داعش» وقعت خلال الفترة من 2012 وحتى مطلع العام 2014. في الوقت نفسه، شهد العامان الماضيان عودة بعض المقاتلين الأجانب المحبطين جراء الممارسات الدموية لـ «داعش»، بينما مكثت العناصر الأكثر تطرفاً داخل صفوفها. هذه العناصر بالذات من المتوقع أن يخرج بعضها عائداً إلى أوروبا، بنية استهداف البلدان المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش».