IMLebanon

لبنان النأي بالنفس ليس خارج الصراعات

لبنان الرسمي ثابت في الخطاب على وصفة واحدة في مواجهة الصراعات والأزمات والتطورات في المنطقة: النأي بالنفس. وهي وصفة صالحة في صراعات، ومنتهية الصلاحية في أزمات، ومعبّرة عن خداع النفس في تطورات فالألعاب الجيوسياسية في الشرق الأوسط تدار اقليميا ودوليا بأسرع من التفكير السياسي في لبنان وبالطبع من التقرير والتدبير. ونحن، وان أردنا تحييد البلد عما يدور حولنا، متأثرون بصراع المحاور وبعضنا يلعب دور المؤثر فيه، بحيث يصبح دور الساحة مفروضا.

ومن الطبيعي أن تنأى بيروت بالنفس عن اتخاذ موقف من أزمة السعودية ومصر والامارات والبحرين مع قطر، باستثناء الدعوة الى حلّ سياسي بالحوار في اطار المساعي الكويتية والعمانية. فليس مطلوبا منها أكثر مما طلبه سفراء الدول الرافضة لسياسة قطر، وهو أن تكون على اطلاع كامل ومنتظم بموقفنا وتطوراته آملين أخذها في الحسبان وفقا للرؤية والمصالح اللبنانية. لكن من غير الطبيعي تجاهل التطور الذي جرى في اطاره اتخاذ قرار المقاطعة وتوقيته.

ذلك أن الضغوط على قطر لتغيير سياستها الداعمة للارهاب هي جزء من تطبيق التفاهمات في قمم الرياض. فالخط البارز الذي جرى رسمه في قمم الرياض الثلاث، الأميركية – السعودية، والأميركية – الخليجية، والأميركية – العربية – الاسلامية، هو التبدّل في الموقف الأميركي تحت عنوان الحرب على الارهاب. لا مجرد تبدّل تكتيكي بل تبدّل له طابع استراتيجي، من رهان الرئيس باراك أوباما على رعاية توازن قوى بين الاسلام السياسي السنّي بقيادة الإخوان المسلمين في مصر وتركيا وتونس وسواها وبين الاسلام السياسي الشيعي بقيادة ايران الى رهان الرئيس دونالد ترامب على دول الاسلام السنّي وضمّ ايران وحزب الله والإخوان المسلمين وحماس الى جانب داعش والقاعدة الى لائحة الارهاب.

وهذه القوى لن تقف مكتوفة الأيدي في حرب أميركا وحلفائها عليها. فهي ستقاتل في اليمن والعراق وسوريا وبلدان أخرى. ولبنان، على الرغم منه، ساحة مفتوحة في الحرب على النفوذ الايراني وحرب طهران من أجل مشروعها الاقليمي. ولا يبدّل في الأمر القول في مجلس الوزراء وخارجه ان اعلان الرياض غير ملزم ونحن غير معنيين به ولم نستشر في أمره.

حتى الاطمئنان الى نجاح الجيش والأجهزة الأمنية في كشف خلايا داعش قبل أن تقوم بعمليات ارهابية، فانه ليس دعوة الى النوم على حرير. إذ ما هي نسبة المكشوف الى غير المكشوف من الارهابيين؟ ألا ينطبق علينا قول الجيش الجمهوري الايرلندي أيام تفجير القنابل في لندن: الحكومة تحتاج الى حظّ بنسبة مئة في المئة لاكتشاف المتفجرات، ونحن في حاجة الى واحد في المئة فقط للنجاح في التفجير؟