IMLebanon

حدود التصعيد

من التهديد الذي طال وليد جنبلاط باسم «داعش»! الى العودة لإحياء «سرايا» «حزب الله» الاختراقية في مكوّنات غيره، الى الكلام المستعاد عن «ارتهان» مكوّنات 14 آذار للخارج، سياق واحد يبدو وليد قرار واحد من جهة واحدة تحاول مجدداً، ابتزاز اللبنانيين بأمنهم من أجل أهدافها السياسية.

وتلك عدّة شغل «حزب الله» ولا أحد غيره! واعتاد الناس عليها، (وأي عادة؟!) باعتبارها منهجاً أصيلاً وليس دخيلاً عند الحزب، استناداً دائماً وأبداً، الى السلاح ثم الى «وهجه» ووطأته ودوره الذي يريد أصحابه أن يكون حاسماً ومقرراً وبديلاً يختصر كل شيء آخر: الدولة ومؤسساتها والدستور وأحكامه. والحوار ومقرراته واحتمالاته ومآلاته. والحياة السياسية في مجملها.

ومناخ التلويح بالسلاح، يعوّض أو يُفترض أن يعوّض، في حسبان أهله وحزبه وسراياه ومقاومته، عن استخدام ذلك السلاح! بحيث أن ذروة الابتزاز الممكن في هذه «الأيام العصيبة»! لكل لبناني أينما كان وأياً كان وضعه «الطبقي»، هو في التلويح له بفرط الأمن النسبي القائم حالياً. وضرب الاستقرار المعقول المستمر برغم اشتعال المحيط. ثم اتخاذ ما يلزم من خطوات وقرارات ومواقف (ومجالس) لتأكيد دوام المراوحة السلبية في التأزيم المتعدد الأبعاد والأشكال والطبقات!

وحسابات أهل السلاح دقيقة لجهة قدرتهم على الامساك بالتوتر ومنع انفلاته. وحصر التصعيد في نطاق لا يقترب من النار فعلياً. ولا يخرق السقف التهْدَوي المتوافق عليه! والذي يفيد (افتراضاً) كل المعنيين المباشرين وغير المباشرين بالوضع اللبناني. وذلك أمر، لا يتعلق شأنه، بالغيرة على أحوال اللبنانيين وحدهم! ولا بالرغبة في استمرار التماسك قائماً ولو بحدّه الأدنى، وإنما بأمر فيه أبعاد سورية واضحة. بحيث أن «المطلوب» دولياً في الدرجة الأولى، أن لا يُمسَّ الاستقرار النسبي المحلي وبشكل يمكن أن يهدّد «استقرار» مئات الألوف من النازحين السوريين ويدفع بهم الى التفتيش عن ملاذات آمنة في أوروبا القريبة أولاً وفي غيرها، شرقاً وغرباً، ثانياً.

وذلك من نِعَمْ الله علينا! ومن حسنات فتح لبنان أرضه وحدوده وإمكاناته (المتواضعة) أمام النازحين الهاربين من بطش العسكريتارية الأسدية والممانعة. ومن مظالم عزّ نظيرها وخصوصاً لجهة صدورها عمّن يدّعي وصلاً بالحق ونبذاً للجور وسعياً الى الحرية ونبذاً للاستبداد!

تحت هذا السقف العريض، تركن حسابات أخرى، لكنها أيضاً على علاقة بالشأن السوري. بحيث أن الاسبارطية التي يتلحّف بها «حزب الله» تحتمل ادعاءات تليق بالتوصيف لكنها لا تتناسق أو تتناسب مع الواقع. أي يمكن هذا الحزب أن يدّعي قدرة له على فتح جبهة في سوريا، وأن يبقى مستعداً وقادراً على تلقف تداعيات فتح جبهة ثانية مع إسرائيل! لكنه على الأرض غيره في السماء! وسوريا ليست جبهة بقدر ما هي فخّ استنزافي على النمط الفيتنامي أو الأفغاني! ولا يحتاج الجزء الآخر من النصّ الادعائي الى شواهد كثيرة لتبيان تهافته. أي لا يختلف عاقلان ولا (مجنونان!) على أن احتمالات فتح الجبهة مع الإسرائيليين هي، حتى إشعار آخر، تقارب الصفر المكعّب. وكعكة العيد!.. وبالتالي، يكفي «حزب الله» ما يحصل معه في سوريا! والأكلاف المستحيلة «للخبرات التي يراكمها مقاتلوه» في الميدان السوري! ولا يريد تحويل الفتنة الباردة في لبنان الى شيء شبيه بالذي يحصل هناك.. ولا يريد لمقاتليه، أن «يراكموا خبرات» محلية مثل تلك الآتية من الجوار القريب!

لكن المعضلة، ان «حزب الله» يواجه نتيجة واحدة لنمطين من الأداء: لا استخدام سلاحه في سوريا أثمر ويثمر! ولا التلويح باستخدامه في لبنان أثمر ويثمر!.. وما يحصل راهناً من تصعيد يمكن إدراجه في سياق البدائل التي يعود الى تجربتها محلياً: يهدد مواربة ويلوّح بأوراق محروقة سلفاً، ويعرف(؟) في المحصّلة أنه لن يصل الى ما يريد! لا في الموضوع الرئاسي ولا في غيره! ليس لأن أخصامه أقوياء فقط، وهم كذلك برغم كل شيء، ولكن أيضاً، لأن ذلك الحزب يُواجَه بما يناسب ادعاءاته.. وتلك هي التي حدّدت، إنها أكبر من لبنان وحدوده الكيانية والديموغرافية والسياسية!